“أبوابُ الجحيم لن تَقوى عليها” (مت 16: 18)

بقلم الخوري ضومِط عون، خادم رعيّة مار جرجس – ترتج،

“في قَيصَريَةِ فِيلِبُّس، سألَ يَسوعُ تلاميذَه: مَن يَقولُ النَّاسُ إنِّي أنا ابنُ الإنسان؟ فقالوا: يوحنّا المعمدان، إيليّا، إرميا، أو أحدُ الأنبياء. فقال لهم يسوع: أنتم مَن تقولون إنّي أنا؟ أجابه بطرس: أنتَ المسيح ابن الله الحيّ! وبِناء على هذه الإجابة، قال له يسوع: أنت الصَّخرة، وعلى هذه الصَّخرةِ سأبني بيعَتي، وأبواب الاحجيم لن تقوى عليها” (مت 16: 13-18)..

فَقَيصريَّة فِيلِبُّس هي هَدِيَّةٌ مِنَ الامبراطورِ إلى القَيصر، وبِذَلِكَ لَيسَت مَكانًا مَرغوبًا به مِن قِبَل اليَهود. في هذا المكانِ، أظهرَ يَسوعُ نَفسَه لأحبّائه، كما حَدَثَ على الصَّليب. فالصَّليبُ لَيسَ فَقط رمزًا غَير مَرغوبٍ به، بل هو مَرذولٌ ومُعتَبَرٌ عارًا كبيرًا، ولكنّ يسوع، وفَوقَ هذا الصَّليبِ المُخزي بالذّات، أظهرَ لنا حُبَّه ومَجدَه وقوَّتَه. ومِن فَوقِ هذا الصَّليبِ نفسِه، أعطانا الربُّ الغُفرانَ، ووُلِدَت الكَنيسَةُ مِنَ الدَّمِ والماء اللّذَينِ سالا مِن جَنبِ ربِّنا.

رأى بَعضُهُم في المسيحِ يوحنَّا المعمدانِ، لأنَّه لا يخافُ الفَرِّيسِيِّين والرُّؤساء، وكانَ يَقولُ لهم الحقيقةَ كما هي. ولكنَّ يوحنّا هو سِراجٌ يُضيءُ الطَّريقَ، أمَّا يسوع فَهو الطَّريقُ ونورُ الأنوار.

ورأى البَعضُ الآخَر أنّه إيليّا، لأنَّ إيليّا قَتَل البَعلَ، وكان كَلامُهُ ناريًّا؛ أمّا يسوع فما جاء ليُهلِكَ الخاطِئين، بل لِتَكونَ لهم الحياةَ وتَكونَ أوفَر، وهو النَّارُ المشتَعلةُ في عُلَّيقَةِ حوريب.

أمّا إرميا، فبَكى على أُورَشَليم، ولـمَّا ضَرَبه رئيسُ الكَهَنة، قالَ يا ربُّ انتَقِم لي من أُورَشَليم وكَهَنَتِها وكلَّ مَن فيها. وبكى يسوع كذلك على أُورَشَليم، ولكنَّه عندما ضُرِبَ وجُلِدَ وصُلِبَ، برَّرَ كلَّ الفاعِلين بِقَولِه لأبيه: “لا يعرفون ماذا يَفعلون” (لو 23: 34).

فَيَسوعُ لَيسَ نبيًّا، ومَن يَكون إذًا؟

إنّه اللهُ، المسيح ابنُ الله الحيّ، مُخلِّصُ العالَم،  كما جاء على لسان القدّيس بطرس لمّا فَتَحَ قلبَه للرُّوحِ القُدُسِ، وأعْلَمَهُ بذلك.

ويَسوعُ طوَّبَ بطرسَ لأنّه فَتَحَ قَلبَه للسَّماء، وأرانا أنّ الكَنِيسَة تُبنى على المؤمِنِ الّذي يَنطُقُ بأقوالِ الربِّ.

وجاءت آية “أبواب الجَحيم لن تقوى عليها” للدَّلالة على أنّ كَنيسَةً أساسُها المسيح ويَقودُها الرُّوحُ القدس، لا تَستطيعُ الأبوابَ المؤدِّيَةَ إلى الهلاكِ القضاءَ عليها: فلا الغَضبُ ولا الكِبرياءُ ولا الطَّمعُ ولا الحَسَدُ ولا الفُجورُ ولا الكَسَلُ ولا البُخلُ ولا أيَّ عَملٍ مِن الشِّرير، ولا حتّى الموت يَستطيعُ التَّغلُّبَ على الكَنِيسة.

Instagram
Copy link
URL has been copied successfully!
WhatsApp