عظة للأب أغابيوس كفوري،

كنيسة سيّدة العناية – البوشرية.

إنّ الاشخاص الّذين نحبّهم ونقدِّرهم، نتذكّرهم اليوم، ونحن نحملهم في فكرنا وصلواتنا،

المسيح قام، حقًا قام!
إخوتي، في في كلّ مرّة نجتمع مع جماعة “اُذكرني في ملكوتك”، نتذكّر أمواتنا. إنّ السؤال الّذي يطرح نفسه علينا وخاصّةً في عيد القيامة، ما هو الموت؟ كيف أستطيع أن أتواجه مع الموت؟ كيف عساي أتعامل بشكلٍ أو بآخر مع هذه الخسارة؟ عمليًّا، إنّ الاشخاص الّذين نحبّهم ونقدِّرهم، نتذكّرهم اليوم، ونحن نحملهم في فكرنا وصلواتنا، في قلوبنا وفي عقولنا. هم أشخاص غادروا هذه الارض وقد وضعناهم في أمانة الله. عندما نفكِّر بهذه الطريقة، نتكلّم عن حالة بيولوجيّة بسيطة هي انفصال الجسد عن الرّوح. والذّي يكوِّن الإنسان هو اتّحاد الجسد والرّوح. إنّ الانفصال بين الجسد والرّوح، نسميّه موتًا. والكنيسة اليوم، من خلال هذا الانجيل الّذي قرأناه منذ قليل، تَلفُت إنتباهَنا إلى موت أخطر وأسرع من الموت الجسديّ. وتعلّمنا الكنيسة أنّ هذا الموت الّذي نخاف منه، الّذي نبكي فيه على أشخاص غادرونا وسنشتاق إليهم، هو حقيقة لا نستطيع الهروب منها. لكنّ يسوع يقول لنا في تعليمه في إنجيل اليوم: “ولكن تأتي ساعةٌ وهي الآن حاضرة، يسمع النّاس صوتي، وقد أتيت لأحكُم”. إن يسوع يشجِّع الانسان فيقول له إنّه ابن الحياة وهو أيضًا ابن الموت. وبالتّالي فإنّ يسوع يخبرنا بهذه الطريقة أنّ هذا الموت البيولوجيّ، أي انفصال الرّوح عن الجسد، ليس بشيءٍ. صحيح أنّ فقدان أحدهم يسبّب لنا بكاءً مريرًا وألماً شديدًا صعب التّحمل، ويسبّب لنا حزنًا، ولكنّه يسبب ذلك لفترة وجيزة من الزّمن. إنّ يسوع يقول لنا إنّ بعد هذه الفترة من الحزن، عليّ أن أفهم كمسيحيّ مؤمن أنّ هذا الموت ليس بشيء. إنّ الامر الأخطر من ذلك هو أن أكون ابن الموت، عوض أن أكون ابن الحياة، ابن يسوع المسيح، ابن الايمان بالحياة، أي أن أستسلم وأعتقد أنّ الحياة لا فائدة منها، وأن أعيش في غربة بين الأشخاص الّذين يحبّونني في هذه الحياة، وأن أعيش بعيدًا عن الله الّذي أعطى حياته لأجلي ليقول لي أنّ لي الحياة. إذا نسيتُ حبّ الله لي وحبّ الجماعة أيضًا، نسيتُ أن أعيش بموجب هذه المحبة، يحذّرني المسيح فيقول لي إنّني سأحاسب على ذلك يوم الدينونة. يقول لنا يسوع إنّ هذه الحياة لا تنتهي، فالمشكلة ليست في الحياة. فالحياة، شئنا أم أبينا، هي حياة أبديّة لا تنتهي، والموت هو مجرّد مرحلة. فإمّا أن أنتقل إلى الحياة الحقيقيّة، للمكافأة الحقيقيّة كي أعيش في قلب أحضان أبي السّماوي، في قلب الحبّ، في قلب الرّحمة والرّجاء، باذلاً ذاتي. وإمّا أن أكون قد اخترت أن أنتقل إلى الدينونة حيث البكاء وصريف الاسنان. وهذا البكاء وصريف الاسنان لا يبدأ غدًا أو حين يموت الانسان بل يبدأ من الآن. فإن لم أكن قادرًا على الشعور بأنّني محبوب ، أكون قد بدأتُ جحيمي من الآن، أي بدأت أعيش الموت والدينونة. وإن كنت غير قادرٍ على أنّ أُحِبّ أكون بالتّالي قد بدأت أعيش الجحيم والموت، والدينونة. إذا كنت غير قادر على أن أكون بقرب من هو بحاجة لي، أكون قد بدأت أعيش الجحيم، الدينونة والموت. وفي كلّ مرّة، أزرع الحبّ والبسمة والأمل في قلب أيّ إنسان كان، أصبح من أبناء القيامة والحياة، ويصبح هذا الجسد الّذي أنا أحمله مجرد سفينة تحملني لكي أصِل إلى بَرِّ الأمان، إلى أحضان أبي السّماويّ.

إخوتي، نعيش الرجاء كي نستطيع أن نتحوّل من أبناء هذا العالم إلى أبناء القيامة. فهذه القيامة الّتي نعيشها في كلّ لحظة وكلّ يوم من حياتنا، ونعكسها على كلّ ما نواجهه من مشاكل وصعوبات في حياتنا تنعكس انتصارًا وفرحًا وأملاً ورجاءً، أملاً في أن يكون الغد أفضل من اليوم. هذه القيامة تنعكس أعمال محبّة ورحمة ورجاء في حياتنا.
على هذا الرّجاء اليوم، نرفع صلواتنا ونتذكر كلّ أمواتنا، الأحياء منهم والأموات الراقدين على رجاء القيامة، لكي نصبح عائلة واحدة مقدّسة، عائلة قائمة من بين الأموات لأجل حبّ الرّبّ لنا.
لك المجد يا ألله، أنتَ الّذي أحببتنا، وتحبّنا دائمًا، الآب والابن والروح القدس، الإله الواحد. آمين.

المسيح قام حقًا قام.

 

ملاحظة: دُوِّنت العظة بأمانةٍ مِن قِبَلِنا.

Instagram
Copy link
URL has been copied successfully!
WhatsApp