عظة للأب الياس مارون غاريّوس،
رعية مار جرجس – الدّيشونية، المتن.
الاِنتقال من الموت الى الحياة،
باسم الآب والابن والروح القدس، الإله الواحد، آمين
إنّ الأكثر روعةً في حياتنا، هو أن نعرفَ أصلنا، كما إنّ الأكثر قداسةً في حياتنا، هو أن نعرفَ كيف نكون أمينين على الأصل، واللّحظة الأكثر طهارةً في حياتنا، هي عندما أستطيع أن أكون بكلّيّتي أميناً تجاه من خلقني بهذا الأصل الجميل. الأمانة هي أغلى ما في هذه الدّنيا، لأنّ الرّبّ يسوع المسيح، قد وَعَدَنا بأمانته وأعطانا إيّاها. الله تجسّد من أجلنا حتّى يَهَبَنا الحياة الأبديّة. الأمانة، الّتي حافظ عليها يسوع المسيح بِواسطة جسده البشريّ وروحِهِ الإلهيّة، سلّمَها لكلّ واحدٍ منّا حتى يستطيع أن يكون مُجاهِداً على هذه الأرض لأنّنا، اليوم، في الكنيسة المجاهدة، نحن مُجاهِدونَ على الأرض حتّى نصل إلى اليوم الّذي سنجد فيه أجمل ما في حياتنا، إلى الكنيسة المنتصرة حيث نكون مُتّحدين باللّه الآب والابن والرّوح القدس. من هنا، لا نستطيع أن نُفكّر في مدى غلاوة الحياة أو مدى حقارتها لأنّني أنا، بحدّ ذاتي، حياة ومن غير الممكن أن أُفكّر في حياتي لأنّني، أنا، أغلى ما في هذه الدّنيا، بالنّسبة إلى الله وبالنّسبة إلى نفسي، إذا جعلني الله أغلى ما في هذه الدّنيا فلا حاجة أن أُفكّر في شيء، فَهل أُفكّر في أنّني ذو شأنٍ عالٍ أو في أنّي رائعٌ أو ذكيٌّ.. أنتَ لا شيء لأنّك تُساوي الدّنيا كلّها بالنّسبة إلى الله، وأنتَ لا تُساوي شيئاً إذا خُنتَ الأمانة. فهناك حلّان فقط وهما أن تكون كلّ شيء أو تكون لا شيء.
لذلك، هذا الصّوت الّذي يُناديك، كلّ يوم، صوت الربّ يسوع، الصوت الذي “يُزعجنا” كلّ يوم، في أيّ شيءٍ نفعله هو” المحبّة والتّواضع”، فالمحبة “تزعج”، لماذا؟ لأن المحبة لا تعرف السّؤال بل تعرف، فقط، أن تُجيب وبما أنّني، أنا الإنسان لا أملك الجواب، المحبّة ستناديني حتّى أنهض وأُصبح مملوءاً بها، وإلاّ، ستبقى المحبّة تزعجني حتى يوم ما قبل الممات، فأنتبه وأقول: نعم يا ربّ، هاءنذا تركتك وكنتُ طوال كلّ تلك السنين منهمكاً ببناء أهرائي لأملأها قمحاً ومالاً وذهباً، وآخر يقول للّه: أنا غاضبٌ منك، لقد صلّيْتُ كثيراً لكنّك لم تستجب صلاتي لذلك لم أعد أرغب في الصّلاة.
إذاً، هذان التّياران موجودان، اليوم، في الكنيسة ولكن هناك التّيّار الأصيل والرّائع، أمام الرّبّ يسوع المسيح، يقول دائماً: “أشكرك، يا ربّ، على كلّ ما وهبتني من نِعَم، صليباً كانت أو فرحاً، قوّةً ومجداً أو ضعفاً وهواناً لأنّي أنا ابنك وأنتَ ولدتني”. فلذلك أنتم روعة يسوع، بكم تنتصر السّماء على الأرض، فتحوّلون أرضكم إلى سماء، لأنّ الرّبّ قال لنا إنّ هذه الأرض، اليوم، يملكها إبليس، لماذا؟
لأنّ الّذين أمّنهم عليها خانوا عهده، فحضرَ إبليس بين البشر الذين بدأوا بالرّقص شرقاً وغرباً وضاعوا. إذا كنتَ تبحث، اليوم، عن السّلام فلن تجدَه! وعندما تُصبحون، أنتم، أبناء السّلام، من جديد، أبناء أبيكم الّذي في السّموات، أبناء المسيح المُخلّص المصلوب على الصّليب والسّاكن في قلوبكم التي تُصبح هيْكلاً له، ساعتئذٍ كونوا على ثقةٍ أنّكم سترَوْنَ ملائكة الله ترفرف حولكم وتُعطيكم السّلام، من دون أن تبحثوا عنها. لا تسألوا أو تبحثوا أو تُفكّروا كيف حصل هذا الأمر، لأنّه عند المسيحيّين “كيف” غير موجودة كما عند الرّبّ فليس لديه أمرٌ مستحيلٌ، كلّ شيءٍ مُستطاع لأنّني، أنا، بطل المعركة مع الرّبّ يسوع المسيح. لذلك البطل لا يموت كما في المسرحيّات، يبقى البطل في ذاكرة المشاهد حتّى بعد موته. وأنتم الّذين على الأرض، اليوم، بما أنّكم روّاد محبّة الرّبّ يسوع المسيح، فلن تموتوا أبداً لأنّكم أبطال هذه المعركة وتحملون، في داخلكم، أكبر قوّةٍ تفجيريّةٍ وهي محبّة الرّبّ يسوع المسيح في جسده ودمّه وعبر صليبه.
لذلك، مَن يحمل هذه القوّة التّفجيريّة يستطيع أن يهزّ العالم ويزرع مكان التّشقّقات الّتي أحدثها، قدرة الله ومحبّته. أنتم، اليوم، مدعوّون إلى تفجير قدرة الشّرّ الموجودة قرب بيوتكم وفي داخلها، وفي داخل إخوتكم وجيرانكم، وفي أحيائكم، لأنّكم لن تموتوا أبداً. هنا نبدأ بمعركة الموت ونُفكّر معاً حتّى نجد الجواب وسنجده لأنّه ما من أمر مستحيل على الرّبّ. لذلك، هذه اللّحظات الرّائعة، يُكلّمنا فيها يسوع المسيح عن علاقته بالحياة ويقول لنا، في الإنجيل، إنّه هو نفسه الحياة: “أنا هو الطّريق والحقّ والحياة”. وهنا يُذكّرك يسوع بأنّك لا تستطيع أبداً أن تستمرّ بأيّة علاقة تقول فيها إنّك تُحبّ الله إلّا إذا اتّحَدْتَ بالمسيح الإله المصلوب. عليكَ أن تُحبّ يسوع المسيح الّذي منذ البدء كان، ولكنه اليوم أصبح إنساناً كي يُنقذكَ من إبليس وتجاربه. (هناك آراء كثيرة، في العالم، تعتقد أنّ هذه كلّها خرافات ولا وجود للشّيْطان)، فإمّا نحن تلاميذ هذا المعلّم الرّائع يسوع، وإمّا نحن كاذبون وكلّ همّنا أن نتبع ما يُعلّمه أساتذة الجامعة في الفلسفة واللّاهوت.فإمّا أؤمن بما قاله الرّبّ يسوع المسيح وإمّا لا أكون مسيحيّاً، يجب على كلّ منكم ألاّ يُحاول مُناقشة كلمة قالها يسوع لأنّه هو الحياة. ولذلك مَن يُناقش الحياة يكون كاذباً، لا يملك القناعة ولا يعرف الله ولا يُحبّه.
وبالتّالي، هناك حلّان: إمّا هو مؤمن أو ليس مؤمناً. فالمؤمن يحقّ له أن يُحاور لكي يعرف أمّا الّذي يُصلّي ويُحاوِر حول الله وهو ليس مؤمناً فيبدو غير منطقيّ. إذاً يقول لنا الرّبّ يسوع المسيح: “أنا هو القيامة والحياة، مَن آمَنَ بي وإن ماتَ فَسيحيا، ومَن كان حيّاً وآمَنَ بي فلن يموت إلى الأبد”. يقول لنا هذا الكلام لكي نعرف أنّه لا يُمكن لأحد أن يقول عن ذاته “أنا القيامة والحياة” كما قال الرّبّ يسوع المسيح لأنّه قال ذلك عن ذاته وفَعَل، ماتَ وقامَ. فَأنتَ لم تفعل شيئاً، لم تَمُتْ بعد، لأنّك غير مُستعدّ لقبول الألم في جسدكَ، أو قبول موت أخيك الشّاب، أو مرض أمّكَ بالسّرطان لذلك أنتَ ميت، حتماً، لأنّكَ لم تكتشف الحياة بعد وتخاف منها، لذلك أنتَ تموت. هنا، أريد منكم أن تنتبهوا لأمرٍ مهمّ ما: قال لنا يسوع المسيح عن ذاته في قضية الموت، وعن سُلطانه على الموت من خلال كلمة الرّسول بولس: “مُخلّصنا يسوع المسيح الّذي أبطل الموت وأنار الحياة والخلود” ويعني أنّكَ أنتَ، أيضاً، خالِدٌ لأنّ الرّبّ زرع فيكَ ذاته. وإذا أنتَ قبلتَ بالرّبّ وأحْبَبْتَهُ وعِشْتَ كلمته وعشقته وضممته إلى صدركَ، كنْ على ثقةٍ بأنّكَ سَتكون خالداً، لن تموت لأنّ ذِكْرَكَ سيدوم إلى الأبد لأنّ ذكرك استمدّ قوّته ووهجه من ذِكْر الله. ولذلك، يذكر الله كلاّ منكم في ملكوته السّماويّ. فهو الّذي قال لكم: “لا تَخَفْ أيّها القطيع الصّغير قد سُرّ أبوكم أن يُعطِيَكم الملكوت” وبالتّالي، الانتقال من الموت إلى الحياة ليس بِعابِر سبيلٍ بل هو طريق أنا رصّفتها بِيَدَيّ وأنتم فعلتم الشّيء نفسه كي تصبح طريقاً مُعبّداً يستطيع أن يمشي عليه كلّ بشرٍ ويتوب أمام الرّبّ ويسجد له. وظيفتكم، اليوم، ووظيفتي، هي أنّنا، نحن، الطّرقات المليئة بالأشواك على درب الجُلجُلة، بايماننا وثباتنا نستطيع أن نجعلها أسهل، وأنتم تُصغون إلى كلمة الحياة، كلمة الرّبّ يسوع المسيح، ولا موت لديكم لأنّكم أبناء الله تُدْعَوْن وتعيشون محبّة الله في نفوسكم، وهذه هي المحبّة، هي الله فلا حياة من دون المحبّة.
لذلك، لا موت عندي أنا المسيحيّ لأنّ الموت هو طريق، والطّريق هو للجسد، فالجسد يموت لأنّه من تُراب وإلى التّراب يعود، أمّا نفسي فلن تموت، قدّيسةً كانت أم سيّئةً، هي لن تموت. هنا يكون البكاء وصريف الأسنان فإذا كانت حياتك شرّيرةً فروحك مسقطه إلى الجحيم، والإنجيل واضح في هذا الموضوع “نارها لا تُطفأ” هذا ما وعد به يسوع المسيح. ما يقوله النّاس عن أنّ جُهَنَّم هي عذاب فيها فقط الأشرار لكنّ هذا غير صحيح، لأنّ جهنّم حالةٌ وجوديّةٌ. من هنا، شَهِدَ الرّبّ يسوع عن نفسه، في سِفر الرّؤيا، وقال لها كلاماً جميلاً: “وَلي مفاتيح الهاوية والموت” أيّ بيد الربّ يسوع المسيح مفاتيح جُهَنَّم، والموت الأبديّ وهو يتمثّل في بُعدكَ عن الرّبّ يسوع المسيح. “أذكر، يا إنسان، أنّك من التّراب وإلى التّراب تعود وأنّ روحك هو روح الله الّذي فيك” فلا يحقّ لكَ أبداً أن تُؤلِمَ روح الله الموجود فيك لأنّ الرّوح هو الكائن الّذي عاش في جسدك وليس جسدك هو الكائن الّذي يعيش في الرّوح، فهو يجعل الجسد رائعاً أمام الرّبّ فيحمل ويُصبح هيكل الله الدّائم. أنتم هياكل الرّوح القدس، في داخلكم ملكوت الله فلا يُعقل أن تموتوا.
لذلك يقول يسوع المسيح في الفصل الثّامن من يوحنّا: “وإن كان أحدٌ يحفظ كلامي، لن يرى الموت ابداً”. من هنا، سلطان الموت والحياة هو في يد الله. في سِفر تثنية الاشتراع في العهد القديم، يقول: “أنا هو وليس إلهٌ معي، أنا أُميتُ وأُحيي” أيّ أنّ الإنسان هو ليس الله ليطلب دواءً كي لا يموت في هذه اللّحظة. أنتَ البطل الذي يقول: “تعالَ أيّها الرّبّ يسوع تعال، تعال واكتب على صفحات قلبي البيضاء كلمتك: أنا هو الطّريق والحقّ والحياة، تعالَوْا إليّ يا جميع التّعبين والثّقيلي الأحمال وأنا أُريحكم في هذه الأرض وفي الملكوت”. والّذين يشعرون أنّهم سيرتاحون على الأرض، سأترك لهم وصيّةً: سوف تتعثّرون، ولكن كونوا على ثقةٍ أنّ الّذي يَثْبُت مع الله سَيَفرح إلى الأبد.
سعادتي لا توصف ولا أدري سببها ولكنّي أعرف أمراً واحداً وهو أنّي عندما أرى إخوتي أمامي، تلاميذ الرّبّ يسوع المسيح، يحملون بين أيديهم الصّليب وهم يقولون: “هو صليبكَ يا ربّ جسر عبورٍ لي من جسد الموت هذا إلى مجد ملكوتك السّماويّ” فابقَوْا أبطالاً، ولا تخافوا من الضّعف ومن الخطيئة الموجودة فيكم لأنّ الرّبّ مُستعدّ ليغفرها لكم شرط أن تُجاهدوا في حياتكم ضدّ الخطيئة. ويعلم ربّنا أنّ جسدك يسقط مرّاتٍ عديدة كما يعرف أنّه يُحبّكَ ويريد أن يغفر لك شرط أن تقول له إنّكَ تُحبّه. أنتَ، مثلاً، اليوم تَشْتُم الدّين مرّات عديدة لأنّ إرادتك ضعيفة، حاول أن تُخفّض عدد المرّات الّتي تشتم فيها حتّى الوصول إلى النّهار الّذي تكفّ فيه عن الشّتم ولكن إن لم تستطع فعل ذلك فهذا يعني أنّكَ مُراوِغٌ وكاذِبٌ وخائنٌ لأنّ إرادتكَ قد مسّها الشّيطان فأنتَ الّذي لا يُريد الله ولا السّلام لنفسكَ. لذا لا تُطالب الرّبّ بمسامحتك لأنّك تشتمه، في نهارك، عشر مرّة عندما تكون غاضباً. لاعذر لكم في نفوسكم ولا في أجسادكم ولا في منطقكم لأنّ الرّبّ يسوع المسيح هو حياةٌ لكم ومَن يملك الحياة لا يموت فرُدّوا الحياة إلى أنفسكم.
من هنا، نُكمل معاً ونقرأ في الكتاب المقدّس الّذي يُخبرنا عن وجود حياةٍ، ما بعد الموت، أبديّةٍ رائعةٍ ومجيدةٍ. إذا أردتُ أن أؤمن بأيّ شيءٍ من هذه الدّنيا إلاّ بالله وبيسوع المسيح، أكون مثل العلم الّذي توصّل إلى نتيجةٍ ما، فيقول إنّ الإنسان عاش على الأرض، بشكلٍ طبيعيّ، وهو بِحدّ ذاته الله وعندما تحين ساعة موته، يموت كالبهيم لأنّ دوره انتهى. في إحدى الكتابات، يقول الفيلسوف كلاماً رائعاً: “مارسْتُ الحياة ولكن ما عهدتُها، فرحْتُ بالحياة ولكن ما لمستُها، قدّستُ الحياة ولكن ما عشتُها، عرفتُ الحياة فرأيْتُ في ذاتي أنّي في غيبوبةٍ لأنّ الحياة وجودٌ والوجود طبعاً هو موجود ولكن أين هو الله؟” فيُجيب نفسه قائلاً: “لستُ أنا الله، لو كنتُ الإله لَكنتُ فرحتُ في ذاتي” هناك إله، بالنّسبة إليه، لكنّه لا يعرف مكانه. لا أحد يتّكل على ذاته ويقول إنّه قدير ليفرح بحياته. اقتربوا من الرّبّ يسوع المسيح واركعوا أمامه واعشقوه لأنّه فعل بالمثل لقد قال لنا: “أنتم روحي” وقد مات من أجلنا. من هنا، نرى كم هي جميلةٌ الحياة مع الرّبّ كما يقول لنا الكتاب المُقدّس: “ما لم ترَهُ عينٌ ولم تسمَعْ به أذنٌ ولم يخطر على قلب بشر ما أعدّه الله للّذين يُحبّونه” هذه هي رسالة مار بولس إلى أهل كورنثوس، لذلك أنتم أروع ما في الوجود بالنّسبة إلى الله. ولذلك، يسوع، الله، بالجسد، جاء إلى هذه الأرض حتّى يَمْنَحَنا الحياةَ الأبديّةَ، حتّى يُعطيني، أنا الجسد الفاني، الحياةَ الأبديّةَ لكي أحمله في ذاتي إلى يوم القيامة عندما ستقوم الأجساد لذلك هيّئوا أنفسكم بالقداسة. وفي نبوءة أشعيا يقول: “هو مجروحٌ لأجل مَعاصينا، هو مسحوقٌ لأجل آثامنا” لذلك، علينا أن نتأكّد من أنّ المسيح ليس قصّةً في التّاريخ. وعندما يصنعون فيلماً يُخبرون فيه عن أنّ المسيح كان يعشق مريم المجدليّة وأغلبيّة المسيحيّين يُشاهدونه، فهذه هي الغيبوبة إضافة إلى أنّه غباءٌ لا معرفةٌ. فأغلبيّة المسيحيّين شاهدوه وعدد قليل من المُسلمين رفضه لأنّ المسيح هو ابن مريم ويستحيل أن يكون كذلك إذاً منذ البداية ما كان عليهم مشاهدته. من هنا، أنتقل معكم وأقول لكم إنّ هِبَة الحياة الأبديّة هي هِبَة من عند الله خاصّة بكلّ واحدٍ منكم، هي لكلّ إنسانٍ، في هذه الدّنيا، سواء كان مؤمناً أو غير مؤمنٍ شرط أن ينكر المؤمن ذاته لكي يحصل عليها كما ينكر تعلّقه بالأمور الأرضيّة المحضة ويعبد الله بالرّوح والحقّ ويتبعه على درب الجُلْجُلة. أمّا غير المؤمن فعليه أن يترك كلّ شيء ويذهب إلى الطّريق الّذي يجد فيه الله ورُويداً رُويداً سيجده ويحصل على الحياة الأبديّة.
هذا ما يُسمّى بالطّاعة لمشيئة الله. أرجوكم أن تُطيعوا الله في حياتكم فيسوع يُحبّكم فلا تخافوا. من هنا، يقول لنا الإنجيل كلمات صعبة ودقيقة فاسمعوها جيّداً: “الّذي يؤمن بالابن (أيّ يسوع المسيح) له حياةٌ أبديّةٌ والّذي لا يؤمن بالابن يسوع المسيح لا يرى حياةً”. يجب ألاّ يقول أحدٌ إنّه نبيّ كما يقول إخوتنا المسلمون، مَن لا يؤمن بالابن يسوع المسيح وبصليبه وبقيامته لن يرى حياةً أبديّةً لا على هذه الأرض ولا في السّماء. فاخرجوا واذهبوا لِتُتَلمذوا الأمم كلّها وتُعمّدوها باسم الثّالوث بدلاً من أن تبقَوْا في بيوتكم وتُدمَّروا بسبب الهرطقات الكثيرة كالإنترنت ووسائل التّواصل الاجتماعيّ. لن يرى الأمّهات والآباء، أيّ أنتم، حياةً أبديّةً إن سمحتم لأبنائكم باستعمال آلة الموت هذه فلا أحد يستطيع أن يُقنعني بأنّه يُبشّر بيسوع المسيح من خلال وسائل التّواصل الاجتماعيّ. عليك أن تؤمّن لابنك ما هو ضروريٌ له وإلّا فلن يرى الحياة الأبديّة مع الملكوت لأنّه سيكون إنساناً لا يعرف إلّا نفسه، أنانيّته، جسده وفرحه بالآلة فقط وأنتم لستم أبناء الآلة بل أنتم أبناء الحياة ولا يحقّ لكم أن تبيعوا حياتكم لإرضاء الآخرين. عليكم أن تعرفوا أمراً مهمّاً وهو أنّه من غير الممكن أن نموت لأنّنا مملوءون حياةً والحياة هي يسوع المسيح، ربّ السّماء والأرض. فلذلك أنتم مملوءون منه، الله يسكن فيكم فلا تبكوا أو تيأسوا أو تنهزموا أمام التّعب فكلّنا متعبون ومُضطهدون ولكن الجمال يكمُن ، يا أيّتها المرأة المعذّبة، في أن تحملي صليبك بفرحٍ لأنّه سيأتي دورك وتعيشي في الملكوت مع الرّبّ يسوع المسيح فتنظرين من “فوق” إلى زوجك قائلةً إنّ يسوع ينتظره فيتوب بصلاتك، والعكس صحيح. سأخبركم قصّةً صغيرةً: كانت هناك امرأة قد عاشت مع زوجها 22 سنة أو 27 سنة، وكانت تتعرّض، يوميّاً، للضّرب وعلى الرّغم من ذلك، لم يشعر أولادها يوماً بأنّ أمّهم مضطهدَة. بعد هذا الوقت، ركع زوجها عند قدمَيْها قائلاً لها إنّه أخطأ بحقّ الله ومن الممكن أن يغفر له، وإنّه أخطأ بحقّها فهل يُمكنها أن تغفر له؟ فسامحته لأنّه هو حياتها كلّها من بعد يسوع، فهي تعرف أنّه كان مُتألّماً ولهذا السّبب كان يضربها، وهي تتألّم كثيراً، واليوم هما يعيشان أجمل حياة مع الرّبّ في البيت وفي الكنيسة.
لذا أقول لكم إنّنا لن نموت لأنّنا نعيش الحياة ويسوع معنا وهو الحياة، أيّ علينا أن نعرف أنّنا قد انتقلنا من الموت إلى الحياة لأنّنا أحْبَبْنا الله وأحببنا بعضنا البعض وغفرنا بعضنا لبعض. وتأكّدوا من أنّه لا يُمكن لأحدٍ أن ينال السّماء، حتى ولو كان يصنع العجائب على الأرض، إذا كان لا يغفر لأخيه، لا يُسامح ولا يُحبّ. في النّهاية، لقد كنّا من قبل ظلمة وأمّا اليوم فنحن نورٌ بالرّبّ يسوع المسيح، نحن خَلقٌ جديدٌ. عندما تتناولون القربان تكونون أروع ما في هذه الدّنيا. فتخيّلوا كم هو جميلٌ أن يقول لكم يسوع: “خذوا كُلوا هذا هو جسدي”. فلا يكفي أنّنا قتلناه وصلبناه ووضعنا له إكليل شوكٍ على رأسه ومسامير في يدَيْه وهو لا يزال يدعونا لنذهب إليه، إضافةً إلى ذلك يقول، وهو على الصّليب: “إغفر لهم يا أبتي”. أُخبركم بكلّ هذا لأقول لكم إنّ مستوانا حقيرٌ إذا كنّا لن نعرف كيف نقول: “نعم يا ربّ، فاكتب عليّ كلّ ما تُريد، ها أنا ذا فأرسلني فأنا مستعدّ”. من هنا، أقول لكم، بما أنّكم أصبحتم خَلقاً جديداً أيّ أصبحتم في المسيح خليقةً جديدةً رائعةً تحملون النّور إلى العالم وتُغذّونه بمحبّة الرّبّ الموجودة فيكم، عندئذ تُصبحون، فعلاً، نوراً وملحاً لهذه الأرض.
حياة الإنسان هي بُخارٌ يظهر قليلاً على هذه الأرض ويختفي فأنتم على هذه الأرض بُخار، وأنا مثلكم. ولكن عندما يصعد البُخار إلى فوق يصنع المطر، فهو يُمطر خيراً على النّاس وبركةً ويَسقيهم فيُصبح كلّ ما هو يابس أخضر. إذاً نحن، على هذه الأرض، بُخارٌ سوف نصعد إلى الربّ ومن عنده سوف نزرع الأرض قدرة الله وبركته لأنّنا سنكون ملائكةً وقدّيسين. يقول لنا يسوع: “كلّ مَن ترك أهله وخيراته من أجل اسمي سيحصل، بدلاً منها، على مئة غيرها” ويقول أيضاً: “ستأخذون خيرات من هذه الأرض ولكن مع اضطهاد”. لذلك يسوع في انتظاركم ليقول لكم، “إنّي أحبّكم، تعالَوْا إليّ مُتعبين فأنا أُريحكم، لا تخافوا لأنّكم لن تموتوا فجسدكم سيذهب إلى التّراب ولكن أنتم ستكونون معي في السّماء” فمار بولس يقول: “لي اشتهاء واحد وهو أن أنطلق وأكون مع المسيح” لقد قال “أن أنطلق” وليس “أن أموت” إذاً الموت هو انطلاق من هذه الأرض، حيث أنتم بُخار، إلى السّماء عند يسوع المسيح فيقول لكم: “قد سُرَّ أبوكم أن يُعطيَكم ملكوته، كنتم أمينين على القليل فعلى الكثير أرسلكم، أدخلوا فرح سيّدكم.
إن شاء الله سنكون، أنتم وأنا، مع أليعازر الّذي حمل بلاءه وعاش التّعزية، عند الرّبّ، والحياة الأبديّة، فنحمل آلامنا بقوّةٍ وبشهوةٍ كي نكون مع يسوع المسيح ولكن ألّا نكون مع الإنسان الغنيّ الّذي بنى قصوراً وحضّر كلّ شيء حتّى مقبرته، ولكن لا حياة له على الأرض ولا في السّماء. لذا لا تجعلوا حياتكم بعيدةً عن ذاتكم. نابوليون بنفسه، عندما حانت ساعة موته، قال: “أنا الامبراطور، بكلّ عظمته، بعد لحظات سأموت ولكن المشكلة ليست في أن أموت لأنّني بطل ولكنّي سوف أموت وأنتهي وسيُصبح قلبي في التّراب ولن يذكر النّاس إلاّ جرائمي”.
أيّها الرّبّ يسوع المسيح، أرسِل روحك القدّوس فَيُجدّد طبع أبنائك ويحفظهم من الشّرير ويجعلهم تلاميذ لكَ فَيُرسَلوا إلى الأرض كلّها ويُعلِنوا البُشرى في الخلق أجمع أنّكَ أنتَ الإله المُحبّ، أنّكَ أنتَ الإله المُخلّص، أنّكَ أنتَ الإله الّذي مات من أجل فدائنا، أنتَ الفادي العظيم، سيّدي وإلهي أرسِلْ روحكَ فَيُعلَن لأبنائكَ أنّهم تلاميذكَ فَيحفظوا عهدكَ وناسوتكَ المُقدّس ولاهوتَكَ العالي فتكون أنتَ لهم حياةً أبديّةً آمين.
ملاحظة: دُوِّنت العظة بأمانةٍ مِن قِبَلِنا .