تأمّل روحيّ،
الأب ميشال عبود الكرمليّ،
أحد القيامة،
يتكلّل زمن الصّوم بأحد القيامة. إنّ الكون بأسرِه قد رفضَ موت المسيح وحَزِن لموته، لذا لم يستَطِع القبر أن يحتوي المسيح يسوع. إنّ إلهنا قد مات كسائر البشر، لأنّه إنسانٌ كاملٌ، غير أنّ إلهنا هو إلهٌ كاملٌ أيضًا، لذا هو الحيّ، القائم من بين الأموات، فهو قد غلب الموتَ بقيامته. إنّ المسيح يسوع قد هجر القبر وتركه، لأنّه مَسْكِنَهُ هو في قلوب المؤمِنين به، فهو حاضرٌ معهم أبدًا. قد يطرح البعض على ذواتهم في بعض الأحيان، سؤالًا غريبًا وهو: “أَحَقًّا يسوع المسيح هو حيّ؟” وإن كان كذلك، فلماذا يعيش بعيدًا عن البشر، بطريقة غير مرئية للعين البشريّة؟
نعم إخوتي، إنّ يسوع حيّ، وهو حاضرٌ فينا ويسكن معنا على الدّوام. إنّ اختبار المؤمِن لحدث القيامة يدفعه إلى ترداد كلمات بولس الرّسول: “لست أنا الحيّ، بل إنّ المسيح هو الّذي يحيا فيّ”، كما أنّ هذا الاختبار يُحوِّل تَنَّفُس المؤمِن وكلماته وأعماله إلى صلاة واعترافٍ بالمسيح الحيّ، القائم من بين الأموات.
إخوتي، لا يجب أن يغيب عن تفكيرنا كلام الملاك عند القبر للنِّساء الّلواتي جِئنَ ليُحنِّطنَ جسد يسوع قائِلاً لـهُنَّ: “لماذا تبحثنَ عن الحيّ بين الأموات؟ إنّه ليس ههنا، لقد قام.” نعم، إخوتي، إن ّالمسيح قد قام، ولم يعد القبر مسكِنَه، فلماذا نسمح للموت وللكآبة بالسيطرة علينا عند فقدان أحد الأعزّاء؟ لماذا نرفض الحصول على التعزيّة والرّجاء بانتقال أمواتنا إلى الحياة الثانية؟ نعم، إنّ المسيح قد قام، وهو حاضرٌ معنا دائمًا. لقد ظهر المسيح لتلاميذه بعد القيامة، ولم يتمكّن هؤلاء من معرفته، لأنّ صورته الأخيرة مُعلَّقًا على الصّليب، هي الصّورة الّتي ارتسمت في أذهانهم. وهذا ما يحصل معنا عند فقدان أحد الأعزّاء، إذ ترتسم في أذهاننا صورتهم على أنّهم حُفنةٌ من التراب. لماذا نرفض الحصول على التعزيّة جرّاء انتقال أحد الأحبّة؟ لا إخوتي، إنّ أمواتنا ليسوا مجرّد حُفنة من التّراب، فاللّه لم يخلقنا للعودة إلى التّراب، بل للعودة إلى السّماء، فهناك مسكننا الحقيقيّ، لأنّنا أبناء الرّجاء، أبناء القيامة، أبناء الحياة، لأنّنا أبناء الله.
عيد القيامة، هو العيد الّذي يُذكِّرنا بأنّ المسيح قام، وبأنّنا شهود على تلك القيامة. إنّ الشهادة لتلك القيامة، تكون من خلال الاختبار الحياتيّ، إذ على كلّ مؤمِن أن ينقل للآخرين اختباره للحياة الثانية، فيتمكّن معهم من عيش مجد القيامة في حياتنا اليوميّة، لأنّ المسيح القائم هو حاضرٌ معنا في كلّ آنٍ وأوان، له المجد إلى الأبد، آمين.
ملاحظة: دُوِّنَ التأمّل بأمانةٍ مِن قِبَلِنا.