تأمّل روحيّ،
الأب ميشال عبود الكرمليّ.
دخول الربّ يسوع إلى أورشليم،
في الأحد الأخير من الزمن الأربعينيّ، نتأمّل دخول يسوع المسيح إلى أورشليم، ويُسمّى هذا الأحد “أحد الشعانين”. لقد دخل يسوع، هذا الملك العظيم، أورشليمَ، متواضعًا راكِبًا على جحشٍ ابن آتان، وقد استقبلَه أهل تلك المدينة بسُعُفِ النّخلِ والزيتون. إنّ هذا النّص الإنجيليّ يُشكِّل دعوةً لنا لِنستقبِل المسيح يسوع في قلوبنا، وفي كلّ مريضٍ ومُهمَّشٍ، وفي القربانة المقدَّسة الّتي نتناولها في كلّ ذبيحة مقدَّسة، وبسلامٍ داخليّ ناتجٍ عن انتصارنا على الخطيئة.
لقد دخل المسيح يسوع أورشليم، ملكًا متواضعًا؛ ملكًا إكليله الشوك، وعرشه الصّليب، وصولجانه المسامير. إنّ يسوع المسيح هو ملكٌ لا يُشبِه أيَّ ملكٍ أرضيّ، إذ يملك على القلوب لا على أمور ترابيّة زائلة، لذا فهو يستحقّ أن نصرخَ له مع أهل أورشليم عند دخوله إليها: “هوشعنا في الأعالي”. في الصّلاة الربيّة الّتي نصلّيها يوميًّا، نصلّي إلى الربّ، قائلين له: “ليأتِ ملكوتك”، ولِذا، عندما نعترف بالمسيح ملكًا علينا، فإنّنا نعترف بسيادة كلمته علينا، دون سواها من الكلمات.
إنّ الإنجيليّ الّذي يَروي لنا دخول المسيح إلى أورشليم، يُخبرنا أيضًا أنّ بعض اليونانيين الّذين أتوا أورشليم لتمضية العيد هناك، قد جاؤوا إلى فيلبّس طالبين منه رؤية يسوع، قائلين:”نريد أن نرى يسوع”. إنّ هذا الشوق لرؤية يسوع، الموجود في داخل كلّ منّا، هو الّذي يجعلنا أنقياء القلوب، فيتحقّق فينا قول الكتاب:”طوبى لأنقياء القلوب، لأنّهم يُعاينون الله”. نحن المؤمنين بالمسيح، نعيش في وسطِ ظلمة هذا العالم، سائرين على الأرض، وفي قلبنا توقٌ للبحث عن الله، ونحن نُدركِ تمامًا أنّه في الحياة الثانية، هناك قيامة، وأنّنا هناك سنُعاين الله وجهًا لوجه في السّماء، وهناك على حدّ قول بولس الرّسول سنتمكّن من معرفة الربّ لأنّنا معروفون مِن قِبَلِه، وسنصرخ حينها :”هوشعنا”. في الحياة الثانية، سنكون معه، وسنُسبِّحه، ونمجِّده مع الملائكة والقدِّيسين. إخوتي، إنّ السّماء تبدأ على هذه الأرض، حين نتذوق طعم الربّ، ونختبر العيش معه، حين نسير وفق تعاليمه، وإرادته. في مسيرتنا مع الربّ على هذه الأرض، سنختبر مجد القيامة، إذ لن نصل إليها إلاّ بعد أن نسير مع الربّ درب الجلجلة، ونعيش معه آلام الصّليب، فنتجلّى في النّهاية مع الربّ الحيّ، والقائم من الموت، الحاضر معنا دائمًا أبدًا. آمين.
ملاحظة: دُوِّنَ التأمّل بأمانةٍ مِن قِبَلِنا.