محاضرة للأب جوزف عبد الساتر، 

المركز الروحيّ – زوق مكايل، كسروان، جبل لبنان.

شخص يسوع،

 استهلّ الأب جوزيف اللّقاء بترنيمة: “المجد لك أيّها المسيح، يامن تجسّدت لأجلنا …”، وتمنّى للجميع سنة خيِّرة، وطلب الرّحمة لأمواتنا.

ثمّ انتقل إلى تحديد موضوع اللّقاء، وهو: شخص يسوع المسيح من خلال قانون الإيمان: “نؤمن بإله واحد… يسوع المسيح… الذي من أجلنا نحن البشر ومن أجل خلاصنا، نزل من السّماء وتجسّد من الرّوح القدس، ومن مريم العذراء…”.

فشخص يسوع المسيح هو الأقنوم الثاني من أقانيم الثّالوث الأقدس، وعند سجودنا للمسيح يسوع كطفل، غالباً ما يغيب عن بالنا أنّه يحمل الأزليّة في طفولته، وأنه قد اخترق زماننا بأزليّته كي يشركنا بها.

“لقد تجسّد من أجلنا”، هذا هو جوهر موضوعنا اليوم؛ فنحن بكلامنا على شخص المسيح، نقارب المستحيل، إذ إنّنا عادةً نجسد الفكرة بالكلمة، ولكننا في حالة الكلام على المسيح نقوم بالعمل العكسي، إذ إنّ الكلمة تجسّد بشراً وحلّ بيننا، فبأيّ كلام نعرّف بالكلمة نفسه ؟

صحيح أنّ كلام الإنجيل والآباء الرّسل، يعبّر أصدق تعبير عن المسيح، إلاّ أنّ هؤلاء وقفوا عند شخصيّته من دون الإفصاح التّام عنها، أو عن السّر الكامن خلف مظاهرها، فالمسيح هو “المحيط”، هو أبعد ممّا نحيط به.

فالكائن البشري بطبيعته لا يفهم نفسه، هو سرّ مغلق على الآخرين، فكيف بالحري المسيح الذي بلغ في نفسه كلّ الكمال والألوهية واللاّهوت؟ هو التّمثال والمثال، سرّ الأسرار مهما حاولنا كشفه، يبقى مستوراً. ففي عهد الفتوّة أي عهد براءة الإيمان كنّا نسلّم لقانون الإيمان تسليماً بريئاً، وما كان لمعرفتنا بالمسيح أيّ شكل من الصّعوبة، ولكن، في زمن التّطوّر والتّقدّم هذا، ومع التّعمّق في الاختصاص صرنا ندرك عمق جهلنا : فنحن ظلام في ظلام، وهو نور من نور، وهذه هي الحقيقة بالرّغم من  أنّها جارحة. فالمسيح،  على رغم محبّته اللاّمتناهية لنا، ما ساوم يوماً على الحقيقة مهما بلغ ثمنها. ؤؤ إلاّ أنّنا نشعر في الوقت عينه أنّه من غير طينتنا وجبلتنا، أنّه ليس مثلنا بل هو: ” مثالنا “. هو الصّورة المثاليّة لأبهى وجود لنا قبل وقوعنا في الخطيئة، هو ذلك الهدف أو المراد السّامي الذي يسعى كلّ منا إلى تحقيق كماله فيه، وبواسطته.

الرّبّ يسوع أظهر لنا أصالتنا، وبيّن لنا أنّنا لم نوجد على الأرض صدفة بل أنّ وجودنا هو دعوة لكي نلقى بعدها وجه الله.

ملاحظة: دُوّنت المحاضرة بأمانةٍ من قبلنا.

Instagram
Copy link
URL has been copied successfully!
WhatsApp