عظة للأب فادي بو شبل المريمي،

 كنيسة الصعود – ضبيه.

فلماذا نُسمّي هذا الزّمن بـ “زمن الظّهور الإلهيّ”؟،

باسم الآب والابن والروح القدس، الإله الواحد، آمين

تعيشُ الكنيسة المارونيّة زمنَ الدّنح المُبارَك؛ وكلمةُ الدّنح تعني الظّهور.
فلماذا نُسمّي هذا الزّمن بـ “زمن الظّهور الإلهيّ”؟

إنّ يسوع الّذي حنا رأسَهُ، وقَبِلَ العِمادَ من يوحنّا سابِقِهِ، ما إن صَعَدَ من الماء حتّى حَلَّ عليه الروح القُدُس بشكلِ جِسمِ حمامة، وسُمِعَ صوتٌ من السّماءِ يقول: “هذا هو ابني الحبيب الّذي عنهُ رَضيت” (مت 17/5). فكان في هذا الحَدَث تَجَلٍّ واضحٌ أو ظهورٌ حقيقيٌّ للثالوث الأقدس الإلهِ الواحد الّذي نعبُدُه.

يسوع، بعدَ عِمادِهِ من يوحنّا، وبعد المدّة الّتي أمضاها في الصّحراء، بدأ رسالتَهُ العلنيّة، فكان ظهورَهُ لشعبِ إسرائيلَ كمسيحِ الربّ، المسيحِ المُنتَظَرِ الّذي “حَلَّ” عليهِ الروحُ ليُبَشِّرَ المساكينَ، ويُعلِنَ الحريّةَ للأسرى” (لو 4/18)، ويمُرَّ صانِعًا الخَيرَ مع الجميع (أع 10/38)، “ويُطيعَ الآبَ حتّى الموت، الموتِ على الصّليب” (في 2/8)، ويَهَبَ الحياةَ بوفرة (يو 10/10) لكلِّ مؤمنٍ به. والكنيسةُ المُقدَّسة تدعو هذا الزّمنَ أيضًا زمنَ النّور، لأنّ يسوع هو ا
النّور الحقيقيّ الآتي ليكشِفَ للإنسان عن جوهر الله، ويكشفَ للإنسان كيف يعيش إنسانيّتَهُ الحَقّة.

وهنا أتذكّرُ معكم عبارةً للبابا بنديكتوس خلالَ تعاليمِه عن سرّ العِماد المُقدَّس: “في كلِّ عِمادٍ تُفتحُ السّماءُ مجدّدًا، والآبُ السماوي يرى في المُعَمَّد الجديد ابنَهُ ويُناديه: أنتَ ابني الحَبيب”
هذه العبارة تستوقفُ كُلّ واحدٍ منّا لتُذكّرَه بعِمادِهِ وبكلمةِ الآبِ له
.
نعم، أنتَ ابنُ اللهِ بيسوعَ المسيح، وأنتِ ابنتهُ أيضًا.
والروحُ القُدُس الّذي حَلَّ على كُلٍّ منّا يومَ العِمادِ والتّثبيت جَعَلنا مُكرَّسين.
وكلمةُ تكريسٍ تعني انفصالاً من أجلِ خدمةٍ أسمى؛ فأنا عندما أُكرِّسُ البيوتَ وسواها أفصِلُها عمّا هو وثنيّ، وأطلبُ من الله أن يُبارِكَها ويُحِلَّ فيها نعمتَهُ.
والإنسان عندما يتكرَّس، الروحُ القُدُس هو الّذي يُكرِّسَهُ ليكونَ على مِثال السيّد المسيح مُكرّسًا من أجلِ حياةِ العالم. وقداسة البابا فرنسيس أعلَنَ هذه السّنة 2015 سنةَ الحياة المُكرَّسة
.
عندما نسمَع كلمة مُكرَّس، غالبًا ما نُفكِّر براهبٍ أو راهبة أو كاهنٍ أو أسقف، إلاّ أنّ التكرُّس هو لكلِّ مُعَمَّد، للّذينَ، وإنْ هم في العالم، ليسوا من هذا العالم (يو 15/19). أمّا الراهب والراهبة والكاهن فهم أولئك الأشخاص الّذينَ سَمِعوا في أعماقِهم نداءَ مَن قال: “تَعال”.

وكان القرار باتّباعِهِ عن كَثَب، وبتأليفِ جماعاتٍ، تملك فيها الشَّرِكةُ والمحبّة، وتُمارَسُ فيها أنواعُ الفضيلة، ويُعاشُ بينَ أعضائها البُعد الرسوليّ.
فصارَ الرهبان والراهبات لديهم “روحانيّة الشَّرِكة”، ورسالتُهم “إيقاظُ العالم” من خلال الاتّباع الجذريّ الكامل للسيّد المسيح.
وبهذه الرّسالة يُشارِك العلمانيّون في عيش المثال والروحانيّة ونشر كلمة الله
.
ومن هنا بدأت الرهبانيّات بتأسيس جماعاتٍ علمانيّة، لها روحانيّةُ العائلةِ المواهبيّة.

 

ملاحظة: دُوِّنت العظة بأمانةٍ مِن قِبَلِنا.

Instagram
Copy link
URL has been copied successfully!
WhatsApp