عظة للأباتي سمعان أبو عبدو،
خادم كنيسة القدّيس شربل – العزيزية، حلب.
مفاعيل العماد المقدّس،
باسم الآب والابن والروح القدس، الإله الواحد، آمين
ليَكن عيد عماد السيّد المسيح مباركاً لكم جميعاً. شاءت العناية الإلهية أن نشترك في هذا العيد في قدّاس “اذكرني في ملكوتك” من أجل راحة أنفس موتانا جميعاً، من أجل الأنفس المهملة، من أجل شهدائنا. كما أودُّ أن أذكر معكم اليوم الأشخاص المخطوفين من أساقفة وكهنة وعلمانيين ولا ننسى الشخص الذي خُطف مؤخّراً ليلة عيد رأس السنة، نصلّي من أجلهم ومن أجل أهلهم جميعاً كي يفتقدَهم الربّ ويُعطيهم القوّة لتحمُّل هذا المصاب.
يتمّ اللقاء مع جماعة “اذكرني في ملكوتك” في رعيتنا في الإثنين الأول من كلّ شهر لنقدّم مع المؤمنيين الذبيحة الإلهية لراحة نفوس إخوتنا جميعاً، في علاقة روحيّة بين الكنيسة المجاهدة على الأرض والكنيسة السماوية في قسميْها المعذّبة في المطهر والممجدة في السماء. نصلّي لأمواتنا، فإذا كانوا في السماء تشفّعوا لنا، أمّا إذا كانوا في المطهر فيرأف الربّ بهم ويصعدهم الى السماء. وهذا هو مصيرنا جميعاً، لذلك نصلّي لهم ونصلّي على رجاء القيامة، إذ إن الموت سرٌ لا يُدرك معناه إلا على ضوء قيامة سيدنا يسوع المسيح. نتساءل لماذا مات؟ هل هو عقاب؟ أبداً! فربّنا لا يعاقب، إنما هو يعرف ويقرّر كيف يجب أن تكون حياتنا الشخصيّة، وعلينا أن نتقبّل كلّ ذلك بالإيمان والرجاء؛ لا أحد مات وقام؟ وحده يسوع المسيح، هو الحياة، “أنا الطريق والحقّ والحياة …” (يو 6:14) فعلى رجاء هذه القيامة نصلّي ونشترك بالذبيحة مع أمواتنا.
“اذكرني في ملكوتك” جماعة روحيّة نشأت في لبنان وانتشرت في رعايا كثيرة من لبنان والعالم، نيجيريا، انكلترا، الأردن، اميركا والأرجنتين وغيرها….رعيتنا هي الرعية الثانية والخمسون. يُقام قدّاس شهري لراحة أنفس الموتى، فيصلّي المشتركون برجاء وفرح داخلي يُعطينا إياه يسوع المسيح الذي مات وقام.
في العماد المقدّس ندخل في موت يسوع المسيح ونقوم معه؛ “يعمّدكم بالروح القدس والنّار.. ” (متى 11:3) هذا ما قاله يوحنا. النّار هي روح الحياة، روح القوّة وروح القيامة. يُغطّس المُعمّد بالماء ويوضع الماء على رأسه، فيدخل في موت يسوع المسيح، ومن ثم يقوم، نلبس الحياة الجديدة. تتجدّد العلاقة بين الأرض والسماء.
ما هي مفاعيل المعمودية أو العماد المقدّس؟ تُغفَر كلّ خطايانا وخاصة الخطيئة الأصلية التي ورثناها عن أبويْنا آدم وحواء، نُمسح بالميْرون ونصير أبناء الله. عندها، يتوجّب علينا أن نكمّل المسيرة كأبناء لله، أن نمشيَ على خطى يسوع المسيح. في عماد السيّد المسيح فُتحتْ أبواب السماء وسمعنا صوت الله.” هذا هو ابني الحبيب الذي عنه رضيت”. (متى 17:3) وظهر الروح القدس بجسد حمامة، هكذا اجتمع الثلاثة، الابن في الماء، الآب في السماء نسمع صوته، والروح القدس يرفرف على الابن ويُظهر محبة الآب والابن لنا.
في ذكرى عماد السيّد المسيح، نجدّد عمادنا ونطلب: جدّدنا بالروح القدس والنّار، جدّدنا بنعمتك، جدّدنا بالروح القدس الذي يهدينا ويهدي الكنيسة في الطريق القويم وينوّرنا في المصاعب إذ إن صوت الضمير هو صوت الله.
يخلق الله الإنسان ثلاث مرّات فعندما يأتي الى الحياة تكون معموديّته الأولى، ويخلقه للمرة الثانية في العماد المقدّس، والمرة الثالثة يخلقه في السماء. نجدّد الدعوة مع قداسة البابا فرنسيس، أن يعرف كل واحد منّا تاريخ عماده مثلما يعرف جيداً تاريخ مولده الجسدي.
فلنصلِّ إذاً للمعموديّات الثلاث، فنشكر الله على أننا موجودون في هذه الحياة، وأننا أصبحنا أبناء الله في العماد المقدّس، ونستعدّ إن شاء الله سوياً لولادتنا الثالثة الأبدية في السماء حيث نعاين الثالوث الأقدس، الآب والابن والروح القدس. آمين
ملاحظة: دُوّنت العظة بأمانةٍ من قبلنا