“يا يسوع إنّي أثق بكَ”،
عظة للشماس بسام عقيقي، كنيسة مار الياس- زوق الخراب، المتن.
المجد للّه، دائمًا لله. المسيح قام، حقًا قام!
إنّ ليتورجيّة نهار الأحد، هي ليتورجية القيامة، ونعيّدها طوال السنّة وليس فقط يوم القيامة المجيدة وفي زمنها المقدَّس. ففي كلّ يوم أحد أحضر فيه إلى الكنيسة لأشارك بالقدّاس، أقول المسيح قام، وأتذكر هذه القيامة وأحتفل بها. إنّ القيامة أمرٌ مهمٌّ جدًّا عند المسيحيّين، ولكنّها أيضًا أمرٌ غامضٌ إذا لا معلومات كافية ووافية عن القيامة، أي عن كيفيّة حصولها. لكن هناك بعض الاختبارات المدّونة في الكتّاب المقدّس، كاختبار النّساء الّلواتي ذهبن إلى القبر لتحنيط جسد يسوع، جسد يسوع الميّت ولكنّهنّ لم يجدنه في القبر؛ كما لدينا أيضًا شهادات الرّسل الّذين ظهر لهم يسوع بعد القيامة وأكل وشرب معهم كأي إنسانٍ كامل: وهذا كلّ ما لدينا في الكتاب المقدّس عن حدث القيامة. وأظنّ أن تلك المعلومات الضئيلة عن القيامة تدفعنا إلى طرح العديد من التساؤلات وقد تدفع البعض إلى عدم تصديق حقيقة حدث القيامة، لأنّهم مثل توما للأسف لم يروا بأعينهم ولم يضعوا أيديهم في جروحات المسيح، جروحات الألم.
في يوبيل الرّحمة، وفي عيد الرّحمة هذه السنة، أتذّكر جملةً واحدة ًهي: “يا يسوع أنا أثق بك”. ثمرة عيد القيامة هي الثقة ولكن ليست ثقة عمياء. فالمسيحيّون ليسوا بِعميان ولكنّهم يرون القيامة ليس بعين الجسد، إنّما بعين الإيمان، إنّهم يرون القيامة بالبصيرة الداخليّة وليس بالبصر. حين نرى أمرًا معيّنًا بعين الجسد، لا يعود هناك قيمة لإيماننا به إذ إنّ ما نراه نستطيع تصديقه لأنّه أصبح حقيقة. ولكن عندما نصدّق أمرًا معيّنًا لم نره بعين الجسد ولكن نختبره، فهذا يسمّى الإيمان. إنّ توما هو أكبر دليل على هذه الحالة الإنسانيّة الّتي نعيشها إذ إنّ الجميع يمرّ بمرحلةٍ زمنيّة معينّة يشكّ فيها بالله، فنصبح بحاجة إلى أن يُرينا الله أنّه أقام المسيح فعلاً، وأنّ هذه القيامة هي حقيقة كي نصدِّق ونؤمِن. لا شكّ أنّ الإيمان يرتكز على أنّ يسوع هو حقيقةٌ، غير أنّ الله غير مستّعد ليخرق النّظام الّذي وضعه منذ الخلق كلّما أراد الانسان ذلك أو شكّ بحقيقة وجود الله. إنّ الرّبّ قد تجسّد مرّة واحدة في التّاريخ وعاش أمامنا على هذه الأرض ليقول لنا أنّ حياتنا هي مسيرة حجٍ لما نحن أصلاً فيه. فما تؤكده الكتب المقدَّسة هو أنّنا كنّا في فكر الله قبل أن نوجد على هذه الارض، وعندما خلقنا الله دخلنا في مسيرة حجٍ على هذه الأرض. إنّ الثقة الّتي نتحلّى بها في عيد القيامة هي نفسها تلك التّي نختبرها يوميًّا عندما نستيقظ ونقرِّر مثلاً الذهاب إلى مكان معيّن، كالكنيسة مثلاً، نحن نكون على ثقة أنّنا سنصل إلى المكان المنشود إذ أنّنا نعرف الطريق. لكن عند وجودنا في المنزل لم نكن نرى المكان الّذي نريد الوصول إليه، لكنّنا كنّا على ثقة داخليّة أنّه إذا سلكنا الطريق المعيّن مستعينين بذاكرتنا ومتكِّلين على النّعمة التي نتمتّع بها، سوف نصل إلى المكان المنشود. إنّ حياتنا تشبه هذا المثل، فنحن نسير صوب الملكوت، حتّى وإن لم نره الآن، فنحن لسنا بحاجة إلى أن نرى الملكوت إلاّ في حينه، لكنّنا على ثقة تامّة، أنّنا في كلّ مرّة نسجد ونصلّي، وفي كلّ مرّة نؤمن، ونسلِّم ذواتنا للرّبّ، نحن على ثقة أنّه سيوصلنا إلى الملكوت.
ملاحظة: دُوِّنت العظة بأمانةٍ مِن قِبَلِنا.