تأمّل روحيّ،
الأب ميشال عبود الكرمليّ،
أحد شفاء المخلّع،
في الأحد الخامس من زمن الصّوم، نتأمّل في نصّ شفاء المخلّع. وفي هذا الشّفاء، نُدرِك أهميّة الكنيسة ودورِها، وبخاصة الكنيسة البيتيّة. كان يسوع في البيت، يُعلِن كلمة الله، وقد احتشدَتِ الجموعُ في هذا المنزل، لِسماع تلك الكلمة. على الكنيسة أن تبقى أمينة لرسالة يسوع وكلمته، فتَحملُها بكلّ أمانةٍ للآخرين، كما على المؤمِن أن يسمع كلمة الله ويتفاعل معها.
إنّ المخلَّع لم يتمكّن من الوصول إلى يسوع بسبب ازدحام النّاس في ذلك المنزل. كُثُرٌ هم الأشخاص الّذين يحاولون الوصول إلى يسوع مِن دون أن يتمكّنوا مِن ذلك، وهم يُعانون من أمراضٍ جسديّة ونفسيّة وروحيّة. إنّ الرّجال الأربعة الّذين حملوا المخلَّع، نقَبُوا السقفَ ليتمكّنوا من إنزال المخلَّع ووَضْعِه أمام يسوع. هذا هو دور المؤمِنين، إذ عليهم أن يحملوا بعضهم البعض، ويتعاونوا مع بعضهم البعض، ليتخطّوا معًا كلّ العقبات الّتي تَحُول دونَ وصولهم إلى الله. إنّ الإنجيل يُخبرنا أنّ المسيح قد شفى المخلّع حين رأى إيمان هؤلاء الرّجال. إنّ الربّ يستطيع أن يرى ما لا يستطيع البشر رؤيته، فالله يسبرُ أعماقَ الإنسان. إنّ الربّ لا ينظرُ إلى الخارج، إنّما إلى داخل الإنسان، فيرى إيمانَ كلّ شخصٍ ويُقدِّره. عندما رأى يسوع إيمانَ هؤلاء الرّجال، وَجَّهَ الكلامَ إلى المخلّع، أي إلى الشخص المريض، ومَنَحَه الشِّفاءَ الرّوحيّ، قائلاً له: “مغفورةٌ لك خطاياك”. لم يمْنَحْ يسوع المخلَّع الشِّفاء الجسديّ أوّلاً، لأنّ الجسدَ سيزولُ بعد الموت، ويتحوّل إلى تراب، ولكنّه مَنَحَه الشِّفاءَ الروحيّ، لأنّ رُوحَ الإنسان هي الخالدة والباقية، لذا قال له: “مغفورةٌ لك خطاياك”.
إنّ ردّةَ فعل الفريسيّين على هذا الشِّفاء كانت: “مَن هذا حتّى يغفر الخطايا؟”، فأعطاهم يسوع الجوابَ إذ منَح هذا المريض الشِّفاءَ الجسديّ أيضًا، فكان ذلك علامةً لهم على أنّ يسوع قادرٌ على شِفاءِ الإنسان جسديًّا وروحيًّا، فيتمكّنوا مِن رؤية هذا الشِّفاء الروحيّ بأَعيُنِهم الجسديّة، لذلك قال يسوع للمخلّع: “قمْ، احمل فراشَك واذهبْ إلى بيتك”.
إنّ الله يشفينا من الدّاخل ومِن الخارج، ويدعونا لننطلق إلى كلّ مكانٍ نعيش فيه، لنشهدَ للآخرين عن حبِّ الله لنا، لأنَّ الإنسانَ الممتلئ مِنَ الله، يَفيضُ مِنَ الله. نطلبُ من الربّ أن يُعطينا نعمةَ فَهمِ لمسَتِه الروحيّة، كما نطلب منه أن يشفينا من خطايانا من خلال سرّ التوبة، بواسطة السلطة الّتي يمنحها للكاهن، فيسوع هو الوحيد الّذي يستطيع أن يشفيَنا، ويُجدّدَ معموديتنا، ويمنحَنا نعمة العيش معه، والولادة الجديدة مع الربّ، له المجد إلى الأبد. آمين.
ملاحظة: دُوِّنَ التأمّل بأمانةٍ مِن قِبَلِنا.