محاضرة للأب أنطوان فريح،
خادم رعيّة مار الياس المارونيّة، حلب.
“إحياء لعازر” (يو 11: 17-27)
النصّ الإنجيليّ:
“فلمَّا وصلَ يسوع وجدَ أنَّهُ في القبرِ منذُ أربَعةِ أيَّام. وبَيتُ عنيَا قريبةٌ مِن أورشَليم، على نَحو خمسَ عشْرَةَ غَلوة، فكان كثيرٌ مِن اليهود قد جاؤوا إلى مرتا ومريم يُعَزُّونَهما عن أخيهما. فلمَّا سَمِعَت مرتا بِقدوم يسوع خرجَت لاستقباله، في حين أنَّ مريمَ ظلَّت جالِسةً في البيتِ. فقالَتْ مرتا ليسوع:”يا ربّ لو كُنتَ ههنا لَمَا ماتَ أخي. ولكِنِّي ما زلتُ أعلمُ أنَّ كلَّ ما تسألُ اللهَ، فاللهُ يُعطيكَ إيّاه”. فقالَ لها يسوع: “سَيَقومُ أخوكِ”. فقالَتْ له مرتا: “أعلمُ أنَّهُ سيَقومُ في القيامةِ في اليوم الأخيرِ”. فقال لها يسوع: “أنا القيامة والحياة، مَن آمنَ بي وإنْ ماتَ فسيَحيا، وكلُّ مَن يحيَا ويُؤمِن بي لن يموتَ للأبد، أتؤمِنِين بهذا؟ “قَالَتْ له: “نَعَمْ يا سَيِّدُ. أنا قد آمَنْتُ أنَّكَ أنتَ الـمسيحُ ابنُ اللهِ، الآتي إلى العالم” المجد لك ياربّ!
التأمّل في النّص الإنجيليّ:
مساءُ الخير لكم جميعًا، وشُكرًا لدعوتكم لي كي أكونَ معكم في هذه اللَّيلة المباركة.
إنّ هذا النَّص الإنجيليّ مأخوذٌ من إنجيل يوحنا الإصحاح 11، أي أنّه موجودٌ في آخِر القِسم الأوّل من هذا الإنجيل. إنّ إنجيل يوحنّا يُقسَم إلى قِسمَين: القِسم الأوّل يُسمّى “كتاب الآيات”، أي كتاب المعجزات الّتي صَنعها يسوع ومِن خلالها أظهَرَ لاهوتَه؛ والقِسم الثّاني، يُسمَّى “كتاب المجد”، أي كتاب آلام يسوع الّتي أظهر الربُّ من خلالها مَجدَه، أي حقيقتَه بأنّه ابنُ الله. إنّ آيةَ “إحياء لعازر” هي الآيةُ الأخيرة من آيات يسوع وأعظمِها. نُسمِّي هذا النَّص بِنَصّ “إحياء لعازر”، الـمَعروف شعبيًّا بِنَصّ “قيامة لعازر”.
إخوتي، من المفضَّل تسمية هذا النَّص بِنَصّ “إحياء لعازر” لا “قيامة لعازر”، إذ إنَّ هناك فَرقًا كبيرًا بين القيامة والحياة، كما سَنَرى في مَتنِ هذا النَّص. نُسمِّي هذا النَّص “إحياء لعازر” لا “قيامة لعازر”، لأنّ الربَّ حين صنَع هذه المعجزة مع لعازر، قام بإعادته إلى هذه الحياة، أي إلى الحياة الزمنيّة؛ أمّا القيامة فهي تعني الدُّخول في الحياة الأبديّة، أي أنّها تُشير إلى تَغيُّر الإنسان مِن هذا العالم ليُصبح منتميًا إلى العالَم السّماويّ، الـمَجد السَّماويّ، تمامًا كما حدَثَ مع الربِّ يسوع بعد قيامته من بين الأموات، إذ فقَدَتْ أمور الحياة الطبيعيّة الدُّنيويّة كُلَّ سلطانٍ عليه.
إنّ عودة لعازر إلى الحياة لا نُسميِّها قيامة، إنّما إحياء، إذ إنّ عودة لعازر إلى الحياة تُشبه عودة كثيرين إلى الحياة مِمَّن أقامهم يسوع من الموت: ابنة يائيروس وابن أرملة نائين. وبالتّالي، لعازر وكلّ الّذين أحياهم يسوع، عادوا إلى هذه الحياة ولكنّهم عادوا ومَرِضوا وتَعرَّضوا لصعوباتِ الحياة، الألم وما إلى هنالك من صعوبات، ثمّ عادوا وماتوا كما سيحدث معنا جميعًا، نحن الّذين ننتظر القيامة.
يبدأ هذا المقطع الإنجيليّ بإخبارنا أنّ لعازر في القبر منذ أربعة أيّام. وهنا أودُّ أن ألفُتَ النَّظر إلى بداية هذا الإصحاح من إنجيل يوحنّا، إذ يقول لنا الإنجيليّ: “ومَرِضَ رَجُلٌ اسْمُه لعازر”(11: 1). إنَّ خَبَرَ مرضِ لعازر الّذي يُفاجِئنا في بداية هذا الإصحاح، يَعكس عند يوحنّا الإنجيليّ، وَضعَ البشريّة بأسرِها، فَلِعازر يُمثِّل هذه البشريّة الّتي هي في حالة مَرَضٍ، حالةِ قُربٍ من الموت. ومع متابعة قراءتنا لهذا الإصحاح، نَجد أنّ هذا الرَّجل المريض الّذي يُدعى لعازر قد مات، وهو الآن في القبر. وبالتّالي، هذا النّص من إنجيل يوحنّا، لا يُخبرنا عن مَرض وموت شخصٍ مُعيَّن اسمه لعازر، إنّما يكلِّمنا على مرض البشريّة كلِّها الّتي تعاني مِن مَرض الخطيئة والّذي سيؤدِّي بها إلى الموت.
إنَّ المقطع الّذي نتأمّل فيه اليوم يقول لنا: “فلمَّا وصلَ يسوع، وجدَ (لعازر) أنَّهُ في القبرِ منذُ أربَعةِ أيَّام”. لماذا التَّشديد على الرَّقم أربعة؟ في المعتقد اليهوديّ، عندما يموت الإنسان، تَحومُ رُوحُه حول جسدِه ثلاثة أيّام. حين تنبَّأ عن موته وقيامته، استند الربُّ يسوع على هذا المعتقد الـمَبنيّ على آيةٍ من العهد القديم من سِفر هوشع وهي الآية الوحيدة الّتي تتحدَّث عن القيامة من بين الأموات. إنّ هذه الآية مُهمِّة جدًّا، لأنّها بالنِّسبة إلينا الـمَرجَع الوحيد والأساسيّ إلى موضوع القيامة من بين الأموات في العهد القديم. فالله يقول لنا على لسان هوشع النبيّ: “تعالَوا نرجِعُ إلى الربّ، لأنّه يمزِّق ويشفي، يَجرَح ويُضمِّد، يُحيينا بعد يَومَين ويُقيمنا في اليوم الثالث فنَحيا” (6: 1-3). إنّ هذه الآية هي الوحيدة في العهد القديم الّتي تُخبرنا كيف يُحيي الربُّ الإنسان بعدَ موته، وبالتّالي، في نظرِ اليهود، على المؤمن انتظار خلاص الله من الموت حتّى اليوم الثالث، فإذا لم يُحيِ الربُّ هذا الإنسان المائت ويَرُدَّ له الحياة، فهذا يعني أنّ هذا الإنسان ذَهب إلى مثوى الأموات، وبالتَّالي حُكِمَ عليه بالألَم الأبدي.
واستنادًا إلى هذا المعتقد اليهودي، أرسلَتْ مرتا ومريم إلى يسوع مَن يخبره بضرورة القدوم إلى بيت لعازر لِنَجدة صديقه المريض، خصوصًا أنّ أُختَي لعازر كانتا تُلاحِظان اقتراب أخيهما المريض من الموت. لقد أرسَلتا في طلب يسوع سريعًا، كي يمنع لعازر من الوقوع تحت قبضة الموت. لقد تأخَّر الربُّ يسوع في المجيء إليهما، وعندما وَصل إلى بيت عنيا، كان قد مرَّ على وجود لعازر في القبر أربعة أيّام، أي أنّ الربَّ قد قَدِم إلى بيت لعازر، بعدما فُقِد كُلُّ أملٍ في عودة هذا الأخير إلى الحياة.
فبِحَسب المعتقد اليهوديّ، كان بإمكان لعازر العودة إلى الحياة في الأيّام الثلاثة الأولى بعد موته، ولكن في اليوم الرّابع يُفقَد كلُّ أملٍ في عودته إلى الحياة. وبالتّالي، عندما وَصَل يسوع إلى بَيت عنيا، القريبة من أورشليم، كان جمهور المعَزِّين بموت لعازر كبيرًا جدًّا. عندما سِمعت مرتا، الأُخت الكبرى مبدئيًا، بخبر قدوم الربّ، خرجَت لاستقباله، في حين بَقيَت مريم في البيت. عندما رأتْ مرتا يسوع، بادَرَته بالقول له: “يا ربّ لو كُنتَ ههنا، لَمَا ماتَ أخي”. في الحقيقة، مَن يقرأ النّصَ بأكمله، يلاحظ أنّ هذا الكلام لم تَقُله مرتا فقط لِيَسوع، بل قالته أيضًا مريم للربّ؛ ولكن شَتّان بَين الـمَوقِفَين، عند الأُختَين. نحن اليوم نتأمّل في كلام مرتا، ولكن لا يمكننا مقارنته مع كلام مريم.
“يا ربّ لو كُنتَ ههنا لَمَا ماتَ أخي”: إنّ لهذه العبارة مَعنَيين مختلِفين: في المعنى الأوّل، هذه العبارة تعني الإيمان الشَّديد، بِمعنى أنّ مرتا كانت تؤمن أنّه لو جاء الربّ منذ أربعة أيّام لِنَجدة لعازر، لكان قد تمكَّن من القيام بشيء يَمنع موت لعازر. أمّا في المعنى الثاني لهذه العبارة، فهي تدلّ على عدم الإيمان وفقدان الرَّجاء، فمرتا أرادت أن تقول ليسوع من خلال هذه العبارة أنّه كان على الربّ القدوم قَبْل أربعة أيّام للقيام بشيءٍ ليَحول دونَ موت لعازر، أمّا الآن فقد تأخَّر كثيرًا إذ لم يعد باستطاعته القيام بِشَيء إذ إنّ أخاها قد أنتَن في القبر.
إنّ هذه العبارة الّتي قالتها مرتا ليسوع تُعبِّر عن موقفِ كلِّ إنسان حين يتعرَّض للصّعوبات وخصوصًا في مِحنة الموت، إذ إنَّ الإنسان يُصلِّي إلى الله من أجلِ شخصٍ عزيزٍ على قلبه يتعرَّض لأزمةٍ خطيرة، يُصلِّي إلى الله طالبًا إليه أن يتدخَّل ويشفي ويُخلِّص هذا الإنسان العزيز على قلبه من الأزمة الّتي يتعرَّض لها. عندما يموت هذا الإنسان العزيز على قلبنا، نتوجَّه إلى الله بالقول له: “يا ربّ لو كُنتَ ههنا لَمَا ماتَ أخي” أي لو كُنتَ هُنا ومعنا يا ربّ، لَكُنتَ قُمتَ بشيءٍ من أجل هذا الإنسان ومَنعتَ موته.
بالنِّسبة إلى اليهود، إنّ وجود لعازر في القبر لليوم الرّابع، يعني أنّ أمر هذا الرَّجل قد انتهى وما عاد باستطاعته العودة إلى هذه الحياة. وبالتّالي، فإنّ مرتا أرادت أن تقول ليسوع ما معناه: ما جِئتَ يا ربّ لِتَفعل اليوم بعد مرور أربعة أيّام على وفاة أخي؟ فأخي قد انتهى أمرُه، وما عاد بإمكانه العودة إلى الحياة. إذًا، هذه العبارة الّتي قالتها مرتا قد تعكس إيمانًا كما قد تعكس عدم إيمانٍ وفقدانٍ للرَّجاء، فمرتا كانت تؤمن أنّه لو جاء الربّ في الأيّام الثلاثة الأولى لوفاة لعازر، لكان بإمكانه أن يغيِّر شيئًا، أمّا الآن، فما عاد شيءٌ ينفع. عندما طلب الربّ إلى الموجودين قائلًا لهم: “إرفَعوا الحجر”، سارعته مرتا تُجاوبه بالقول له: “لقد أنتَن”، أي أنّه انتهى الأمر وما عاد باستطاعتك القيام بشيء، وهذا دليلٌ على فقدانها للرَّجاء. إنّ الربَّ يقوم مع مرتا بمسيرة إحياءٍ لإيمانها، مسيرةِ إحياءٍ لرجائها، لذلك، نستطيعُ أن نرى في كلمة مرتا انعكاسًا لعدم إيمانٍ. بينما إذا تابعنا قراءة النَّص، لَوَجدنا أنّ هذه الكلمة نفسها الّتي قالتها مريم أيضًا للربّ يسوع تُعبِّر عن إيمانٍ.
ولكن، كيف نستطيع تمييز هذا الاختلاف في المعنَيَين للعبارة نفسها بين مرتا ومريم؟ إنّ النَّص يُخبرنا أنّ مريم قد “سجدت” للربّ عندما رأته. والسُّجود يُعبِّر عن فِعل إيمانٍ، إضافةً إلى أنَّ مريم قد عبَّرت بكلامِها عن الإيمان الموجود في قلبها؛ أمّا مرتا فيُخبرنا النَّص أنّها عندما رأت يسوع بادَرت إلى ما يُشبه القول له: “يا ربّ لو كُنتَ ههنا لَمَا ماتَ أخي”، وكأنّها تَصرخُ في وجهه. وما قُلناه عن مريم ومرتا في هذا النَّص، نجد له أيضًا انعكاسًا في إنجيل لوقا (10: 38-42)، حين جاء يسوع لزيارتهما، إذ نرى أنَّ مريم همَّت بالجلوس عند قَدمي الربّ، أمّا مرتا فانهَمَكت في أمورٍ كثيرة، ثمّ ما لَبِثَت أن عبَّرت له عن انزعاجها من جلوس أختها عند قدمَي يسوع، بطريقة مليئة بالعنفوان، أي بأسلوبٍ قاسٍ جدًّا، تعاتبه لأنّه لم يطلب إلى أختها مساعدتها في أمور الضَّيافة بَدلَ الجلوس عند قَدَمَيه.
وهنا أيضًا في هذا النَّصّ، نجد أنّ مرتا المنفعلة، تبادر إلى معاتبة يسوع على عدم قدومه قَبْل ذلك الحين، وكأنّها تقول له: ما نفع مجيئك إلينا اليوم؟ فأخي قد أنتَن في القبر، وانتهى أمرُه، في العبارة الّتي وجَّهتها له: “يا ربّ، لو كُنتَ ههنا، لَمَا ماتَ أخي”. إنّ هذين الـمَوقِفَين، موقف مرتا وموقِف مريم، يتجاذَبان كلَّ إنسان: فَكُلُّ واحدٍ منّا هو مرتا في بعض الأحيان، وأحيانًا أُخرى هو مريم، وهنا أودُّ الإشارة إلى أنّ المرأة في الكتاب المقدَّس ترمز إلى النَّفس البشريّة. إذًا، في كلّ واحدٍ منّا “مريم ومرتا”، وهُما تتنازعان: فمِن ناحية، نحن مؤمنون أنّه لو جاء الربّ، لكان قد استطاع أن يقوم بشيء، ولكن الآن انتهى الأمر، إذ بِنَظِرِنا ما عاد باستطاعته القيام بشيء، فانتهى كلّ إيمانٍ لدينا وكُلّ رجاء، لأنّ ما عاد شيءٌ ينفَع.
إنّ يسوع يسير مع مرتا مسيرة الإيمان، كي يحاول أن يُحيي في قلبها الإيمان. نلاحظ عند يسوع وجودَ بُعدِ نَظَرٍ، فهو لم يأتِ فقط لإحياء لعازر الـمَيت، بل جاء أيضًا لإحياء ما هو مَيْتٌ داخل الكثيرين مِن الحاضِرين، وأوَّلهم مرتا. إنّ عَين الربّ على كلّ ما هو مائتٌ في داخل كلِّ إنسان، وهو يَعمل على إعادة الحياة إليه. وبالتّالي، فإنّ الربّ يسوع لا ينظر فقط إلى جسد لعازر الـمَيْت، بل ينظر أيضًا إلى روح لعازر، كما ينظر إلى روح مرتا وإلى روح مريم، وإلى روح هذا الشَّعب، هذا الرُّوح المريض، لا بل الرُّوح الـمَيت.
وما يعكس حقيقة هذا الأمر، هو كلمة مرتا الّتي تُعبِّر عن فقدانِها للإيمان، إضافةً إلى وجود هذه الحشود الكبيرة لتقديم التعازي لمرتا ومريم بوفاة أخيهما، فوجودها في بيت لعازر يُعبّر عن فقدانها لكلِّ رجاءٍ وإيمانٍ بعودة لعازر إلى الحياة. إنَّ عَين الربّ على هذا الأمر، وسَنَرى فيما بعد، كيف سَمح الربّ أن يحصل هذا الأمر للعازر، لأنَّ الربّ كان يَعلَم ماذا سيَفعل في النِّهاية؛ أمّا بالنِّسبة إلى مرتا ومريم وإلى الجموع وأيضًا إلينا، فنَحْن لم نكن على عِلمٍ بما سيَفعل يسوع.
أمام ألم الموت، يرتجّ إيماننا، ونَفقُد الأمل، لا بل نفقد الرَّجاء. وهنا نتساءل: ما الفرق بين الأمل والرَّجاء؟ إنّ الأمل هو النَّظَر بعيدًا إلى الأفق لرؤية ضوءٍ معيّن، أو خلاصٍ آتٍ من البَعيد. فمثلاً، عندما نعاني مِن ضِيقٍ مُعَيّنٍ، ونرى في الأفق خلاصًا لنا من هذا الضِّيق ولكنَّه يحتاج إلى وقتٍ للوصول إلينا، نُسمِّي ذلك أملاً، إذ نرى في هذا الأمر خلاصًا لنا للخروج ممّا نعاني منه.
في حين أنّ الرَّجاء هو الثِّقة الموجودة في قلب الإنسان، أي الإيمان الموجود في داخله، رُغم عدم رؤيته لأيّ بصيصِ ضوءٍ يلوح في الأفق لخلاصه من الأزمة الّتي يعاني منها. وهذا ما يُخبرنا به الكِتاب حين يُحدِّثنا عن ابراهيم فيقول لنا: “آمَن إبراهيم بالله، فَحُسِبَ له ذلك برًّا “(غل 3: 6)، فإبراهيم ترَّجى حيثُ لا رجاءَ، فرجاء إبراهيم كان ميتًا لأنّه كان يُدرِك أنّه قد طَعِن في السِّنّ وأنّ أحشاءَ امرأته قد ماتت، لكنّه على الرُّغم من ذلك آمَن بالله ووَضع فيه كلَّ رجائه. هذا ما تُعلِّمنا إيّاه الكنيسة إذ تؤكِّد لنا أنّ هناك فرقًا كبيرًا بين الرَّجاء والأمل: فالأمل يَستَنِد إلى نَظرةٍ بشريّة، تؤكِّد له وجود بصيص أملٍ لِما يمرُّ به مِن ضيقاتٍ، إنّما الرَّجاء يستند على ثقة الإنسان بالله بأنّه سيُخلِّصه، رُغم عدم رؤيته لأيّة علامةٍ تُشير إلى خلاصه. عندما يكون للرَّجاء علامةٌ تدلُّ عليه، يَبطُل أن يكون رجاءً، تمامًا كما هي حالة الموت.
في هذا النَّص، نجد أنّ مرتا كانت فاقدةً للرَّجاء، بدليل قولِها للربّ: “يا ربّ لو كُنتَ ههنا لَمَا ماتَ أخي”، وبالتّالي، هي تعتقد أنّ يسوع ما عاد باستطاعته القيام بشيء بعد مرور أربعةِ أيّام على موت أخيها. لذلك، نجد أنّ يسوع بدأ مع مرتا، ثمّ مع الشَّعب، وبالتّالي معنا، مسيرةَ إحياء لكلِّ رجاءٍ مَيتٍ فينا. إنّ جسد لعازر يُعبِّر عن كلّ رجاءٍ بشريّ مائتٍ. فكما أنّ جسد لعازر قد مات، كذلك كلُّ رجاء بشريّ هو في حالةِ موتٍ، عندما يتعرَّض لصعوبةٍ ما أو لأزمةٍ ما. ماذا يفعل يسوع في هذه الحالة؟ إنّه يأتي ليُحيي هذا الرَّجاء تمامًا كما فَعل مع مرتا، إذ قال لها: “سَيَقوم أخوك”، فأجابته مرتا: “أعلمُ أنَّهُ سيقومُ في القيامة في اليوم الأخيرِ”. فقال لها يسوع: أنا لا أُكلِّمك عن اليوم الأخير بل أكلِّمك عن الآن، فَبِما أنِّي موجود، “أنا القيامة والحياة”.
إنّ الربّ يسوع يُعطي لِنَفسه هاتين الصِّفتَين: هو”الحياة” الّتي نَحياها، هو ربُّ الحياة، هو سيِّدُ الحياة، هو مَنبعُ الحياة؛ وهو أيضًا “القيامة”، هو سيِّدُ القيامة ومَنبعُ القيامة وهو القيامةُ بالذَّات. إذًا، الربُّ يسوع هو مَنبعُ الحياة الزَّمنيّة الّتي نعيشها، وهو أيضًا مَنبعُ القيامة الّتي سَنَدخُلُها بعد موتنا الأرضيّ. لذلك، نسمع الربَّ يسوع يقول لِمَرتا: “أنا هو القيامةُ والحياةُ”، فالكلمات جميلة جدًّا، خصوصًا عند يوحنّا الإنجيليّ، إذ يعطي الربُّ يسوع لِنَفسِه صِفات تُضاف إلى عبارة: “أنا هو”، ولا يقول لنا “أنا عِندي”. في اللّغة العربيّة، هناك صعوبةٌ في التمييز بين هاتين العبارَتَين، في حين أنّ الفرقَ واضحٌ في اللُّغة الأجنبيّة بين Etre و Avoir. إنّ يسوع لم يَقُل لِمَرتا: “أنا أملُك القيامة والحياة”، بل قال لها: “أنا هو القيامة والحياة”، أي “أنا أكون القيامة والحياة”.
إنّ توضيح هذه الفِكرة تُبدِّل نظرتَنا إلى الله في علاقتنا معه. ففي الكثير من المرَّات، عندما نُقيم علاقةً مع ربِّنا، فنتكلّم معه ونطلب إليه شيئًا ما، نعتقد أنّ الربّ يملك هذا الأمر ويستطيع أن يُعطيه لنا، كما يملك الإنسان ممتلكات: أموال، بيوت،… ويُعطيها للآخَرين. انطلاقًا من هذا المنطِق البشريّ، اللهُ فقيرٌ جدًّا إذ إنّه لا يَملكُ شيئًا، فالله لا يملك إلّا ذاتَه، وذاتُ الله هي كلُّ شيءٍ، وبالتّالي مَن يريد أن يأخذ من الله شيئًا يَعود خائبًا؛ ولكن مَن يريد أن يأخذ اللهَ بالذَّات، يَعودُ غنيًا.
إذًا، الله لا يملك القيامة، لا يملك الحياة، لا يملك النّور، لا يملك الرّجاء، لا يملك السّلام، لا يملك الحُبّ، لأنّ الله هو القيامة، هو الحياة، هو النُّور، هو الرَّجاء، هو السّلام، هو الحُبّ. وبالتّالي، نستطيع أن نرى ضُعفَ إيماننا وضُعفَ صلاتنا، عندما نذهبُ إلى الله لنَطلبَ عطاياه. إنّنا نطلب عطايا الله، نحن نطلب ما “في جَيبِ الله”، كما نطلب “ما في جَيبِ أهالينا” أو في جَيب الأشخاص الّذين يملكون ما نحتاج إليه، من دون أن يكون لدينا هدفٌ في أن نبني علاقة مع الشَخص بالذَّات.
إنّ الفرقَ كبيرٌ بين أن يكون لنا علاقةٌ مع الله، وأن يكون لنا علاقةٌ مع ما يملك الله. كلُّنا نبحث عمّا يملك الله، في حين أنّ الله يقول لنا أنّه هو القيامة، فَحين نكون في علاقةٍ مع الله، نكون في القيامة، نكون في السَّلام، نكون في الحياة، لأنّه هو القيامة والسَّلام والحياة. أمّا إذا جئنا نَطلب إلى الله القيامةَ والسّلام والحياة، سنَعود خائبِين، لأنّ القيامة والسّلام والحياة هي الله نفسه وهو لا يملكها. عندما نأتي إلى الله ونحن لا نريده بل نريد منه أمورًا لا يَمِلكها الله، سنَعود ولا شكّ خائبِين. لذلك، نجد أنّ يسوع يرُكِّز كثيرًا، خصوصًا في إنجيل يوحنّا، على عبارة “أنا هو”. وهنا، نتذكَّر العهد القديم الّذي أورَد لنا هذه العبارة، عندما عرَّف الله عن نفسه لموسى، قائلاً له: “أنا هو”، فنلاحظ أنّ الربَّ في العهد الجديد جاء ليشرح العبارة الّتي تُعبِّر عن اسم الله، قائلاً لنا: أنا هو القيامة، أنا هو الحياة، أنا هو الراعي الصّالح، فمِن خلال هذه العبارات وسِواها يكشف لنا الربُّ عن ذاته، كما كَشَف الربُّ عن ذاته لِمرتا. من خلال كَشفه عن حقيقته لمرتا قائلاً لها: “أنا هو القيامة والحياة”، أراد أن يُخبِرها أنّه إذا كانت تعتقد أنّها تستطيع أن تَطلبَ منه تقديم خدماتٍ لها، فهي مُخطئة، لأنّه جاء ليُقدِّم ذاتَه.
يتابع يسوع كلامه مع مرتا، فَيقول لها: “أنا القيامةُ والحياةُ، مَن آمنَ بي، وإنْ ماتَ فسيحيا”. إنَّ الربَّ يسوع لم يَقُل: مَن آمَن بما عِندي، مَن آمَن بِقُدراتي، مَن طلب ما لديّ، بل قال: “مَن آمَن بي”. في إيماننا المسيحيّ، الإيمان هو علاقةٌ شخصيّةٌ وحميمةٌ مع الله. من خلال هذه العبارة، “مَن آمَن بي وإن مات فسيحيا”، يريد الربُّ أن يقول لنا إنّ مَن له علاقةٌ شخصيّةٌ حميمةٌ معه لن يموت، وإنْ مات، فهو سيحيا. انطلاقًا من هذا المعنى، الإيمان والرَّجاء، يُعَبّران عن علاقةٍ وطيدةٍ بالربّ، عن علاقةِ ثقةٍ، علاقةِ محبّةٍ، علاقةٍ حميمة جدًّا مع الربّ يسوع، وهي، أي هذه العلاقة، تَجعلنا في كلِّ ظروف حياتنا الّتي نَتعرَّض لها، محافِظين على علاقتنا بالربّ حتّى وإنْ فُقِد كُلُّ أملٍ بَشريّ. فإذا كانت كلّ العلاقات البشريّة غير قادرة أن تُقدِّم لنا شيئًا، وتدفعنا إلى القول إنّنا انتَهينا، يبقى لي الإيمان، الّذي هو عبارة عن ثقةٍ عمياء بالربّ.
إنّ رجائي بالربّ، هو أَملٌ أعمى، بمعنى أنّه إنْ لم يكن لنا في الأفقِ نورٌ يمنَحنا أملًا في اقتراب خلاصِنا، يبقى الإيمان والرّجاء الّلذين نؤمن بهما حَيَّين وثابتَين في الربِّ يسوع، لذلك و”إنْ سِرْتُ في ظلال الموت، لا أخافُ سوءًا لأنَّك معي”(مز 23: 4). وبالتّالي، وإنْ دَخلتُ في الموت، لن أخاف لأنِّي مرتبطٌ بالله ارتباطًا عضويًّا، ارتباطًا حميميًّا يجعلني أتغلَّب على الموت، ويَجعلُ الربَّ يُقيمُني من بين الأموات. وللأسف، مرتا لم تُرِد أن تَفهَم هذا الكلام، مع أنّها قالت ليَسوع، عندما سألها: “أتؤمِنِين بهذا؟”، “نَعَمْ يا سَيِّدُ. أنا قد آمَنْتُ أنَّكَ أنتَ الـمسيحُ ابنُ اللهِ، الآتي إلى العالم”.
إنّ الاعتراف بالإيمان الّذي نَجِده عند متى ومرقس ولوقا يُعلَن على لسان بُطرس، نراه في إنجيل يوحنّا يُعلن على لسان مرتا، ولكن: هل مرتا تَعي فِعلاً ما تقول وإيمانها بالربّ يسوع هو فِعلاً إيمانٌ قويٌّ وحقيقيٌّ؟ إذا تابعنا قراءة النَّص، نجد للأسف، أنّه لم يكن إيمانها بالربّ كذلك، إذ نراها تُعارِض يسوع عندما طلب إلى الحاضرين أن يَرفَعوا الحجر عن قبر لعازر، لأنّ أخاها قد أنتَن فَهو في القبر منذ أربعة أيّام. لذلك، يعود يسوع ويقول لها: “أما قُلتُ لكِ إنْ آمَنتِ ترَين مَجد الله؟”(يو 11: 40). في تلك اللَّحظة، كان لا يزال إيمان مرتا مَيْتًا. إنّ مرتا قد أخذَتْ أُسس الإيمان، كما أخذناها نحن أيضًا. أي أنّه إذا قدَّمنا امتحانًا حول ديانتنا المسيحيّة، إذا جازَ التَّعبير، سنتفوَّق جميعنا؛ ولكن إذا وَقعنا في امتحانٍ حياتيّ لإيماننا المسيحيّ، أشكُّ في أنْ نتمكَّن جميعُنا من النَّجاح. إخوتي، هناك فرقٌ بين أن أعرف معلوماتٍ عن الله، وهذا لا يُسمَّى إيمانًا، فالمعلومات متوافرة عند جميع الأمم، وحتّى عند الشياطين، على حسب قول الربِّ يسوع، وعلى حسب قول مار بولس ومار يعقوب. هناك فرقٌ بين أن أعرف عن الله معلومات وبين أن أعرف الله بالذَّات.
إنّ معرفةَ معلوماتٍ عن الله، قد نُسمِّيها عِلمًا، ولكن أن “أعرف” بحسب مفهوم الكتاب المقدَّس، يعني العلاقة الحميمة. وهذا نراه في مكانَين مُهمَّين في الكتاب المقدَّس: المكان الأوّل هو عندما يقول لنا الكِتاب: “عَرَف آدم امرأته، فَحبِلَت ووَلدت قايين” (تك 4: 1)، وهنا بالطَّبع ليس المقصود بكلمة معرفة المعلومات بل العلاقة الحميمة بين آدم وحوّاء. والمكان الثاني، هو في ما يختَّص بعلاقة مريم ويوسف، إذ يقول لنا الكِتاب، إنّ يوسف لم يعرِف مريم.
إذًا، المعرفة، بحسب مفهوم الكتاب المقدَّس، لا تعني الحصول على معلوماتٍ، على الرُّغم من أهميّتها، بل تعني إنشاء علاقة، فالمعلومات لا تؤّدي بالضرورة إلى علاقة. أنا قد تكون لديّ معرفةً في أمور الكمبيوتر، والهاتف الخليوي، والسَّيارات، ولكن هذا لا يعني أنّي دَخلتُ في علاقةٍ حميمةٍ معها! في الكثير من المرَّات، للأسف، أتعامل مع الله بالمنطِق نفسه، أُعامِله كَما أتعامل مع الأشياء، “نُشَيْئن” الله، إذ أُحوِّل الله إلى مجرّد معلوماتٍ أمتلكها، معتقدًا أنّه بتلك الطريقة أُصبح مؤمِنًا، وهذا أمرٌ خاطئٌ جدًّا. هذا الأمر نراه عند مرتا، إذ اعترفَتْ بلسانِها أنّ الربَّ يسوع هو المسيح ابن الله الآتي، ولكنْ في قَلبِها، كما يقول لنا مار بولس: الإيمان هو أن ” تعتَرف بلسانَك وتؤمِن بقلبك”(رو10: 9).
مرتا اعترفَتْ بلسانها بالله معتبرةً أنّ الإيمان هو فقط معلومات. ولكن السؤال الّذي يُطرَح هو: هل مرتا، تؤمن حقًّا بالله في قلبها؟
هذا ما نراه أيضًا عند توما، الّذي طَلب أن يرى الربّ بعد قيامته من الموت. إنّ توما كان يعلم أنّ الربّ قد قام من الموت، لأنّ التلاميذ العَشْر الآخَرين أخبروه أنّهم رأوا الربّ. وبالتّالي، إنّ توما لم يشكّ في معلومةٍ قدّمها له التّلاميذ وهي: قيامة الربّ، بل هو يشكّ في معرفة القيامة أي أنّه يشكّ في العلاقة الّتي تربطه بيَسوع، ويتساءل: هل يسوع ما زال يريدني أن أكون في علاقة معه؟ إذا كان الربُّ يريد متابعة هذه العلاقة معي، لماذا لم يَظهر لي أنا أيضًا كما فعل مع بقيّة التّلاميذ؟ وبالتّالي، أعلَن توما أمام التّلاميذ أنّه لن يؤمِن بتلك القيامة، وأنّ الرّبّ يريد هذه العلاقة معه، إلّا إذا رأى الربّ ووضَع يَدَيه في جَنبِه.
لذا، ظَهر له الربُّ يسوع وطلبَ إليه أن يَضع يَديه في جنبه قائلاً له: “هاتِ يدَك، وضَعْها في جنبي وكُن مؤمِنًا لا غيرَ مؤمِنٍ”(يو20: 27). هل ما يريده توما هو التأكُّد من معلومة القيامة؟ بالطَّبع لا! إنّه يؤمن بالقيامة ولكنّه أراد أن يعرف إذا كان الربّ لا يزال يريد هذه العلاقة معه، يريد أن يتأكَّد مِن أنّ الربَّ ما زال يُحبّه ويريد هذه العلاقة الحميمة معه، إنّه يريد أن يعرف يسوع بعد القيامة. إنّ مرتا لم تكن تعرف يسوع، أي أنّها لم تكن على علاقةٍ حميمةٍ معه، بل كانت تعرف عن الله معلوماتٍ فقط، وهو أي الربّ، أراد أن يُصحِّح لها مسيرتها معه. وهكذا نحن أيضًا، يجب ألّا نكتفي بحصولنا على معلوماتٍ عن الربّ، بل يجب أن نسعى إلى إقامة علاقةٍ حميمةٍ معه.
في ختام هذا اللِّقاء اليوم، أودُّ أن أقول لكم، قد نملك معلوماتٍ كثيرة عَمَّن هو يسوع: يسوع هو الربّ، هو المخلِّص، هو النّور، هو الحياة…. ولكن يَنقُصنا أن نَعبُر من المعلومة إلى المعرفة، من العقل إلى العلاقة. هذه هي القيامة! هذه هي الحياة الّتي جاء يسوع ليُعطيها بالطَّبع للعازر، ولكنّه جاء ليُعطي الحياة لمرتا، لمريم ولكلّ الجموع، ولنا أيضًا.
أراد الربّ أن يَنقل هؤلاء من حالةِ الموت بالخطيئة، حالةِ الانفصال والبُعدِ عنه، مع أنّهم كانوا يعرِفون عنه معلوماتٍ كثيرة، إلى حالة الدّخول في العلاقة الشَّخصيّة معه، تلك العلاقة الّتي تُحيي. بعدما وَضعَ توما يدَيه في جروحات يسوع، اعترف توما بالربّ قائلاً: “ربِّي وإلهيّ”، لا “أنت الربّ والإله”. عندما دَخلَتْ هذه الياء الخصوصيّة على اعتراف توما بالربّ، قام توما من الموت.
وبالتّالي، نحن إنْ لم نَستَطِع أن نُحوِّل المعلومة إلى علاقة شخصيّة، أي أن نحوّل “يسوع القيامة، الربّ، السَّلام، الحياة، الفرح، الرَّجاء”، إلى “يسوع، قيامتي، ربِّي، سلامي، حياتي، فرحي، رجائي”، نكون للأسف، ما زِلْنا في حالة الموت، في حالةِ المعلومات عن الله. عندما تتحوَّل هذه المعلومة الّتي نحصل عليها في التعليم المسيحي في الكنيسة، الّذي حصلنا عليه عندما كُنّا أطفالاً، إلى حياة؛ وعندما تتحوَّل هذه المعلومة في الكتاب إلى حياةٍ أعيشها، عندما أُضيف إلى هذه المعلومة “الياء الخصوصيّة”، قائلاً: “ربِّي ويسوعي”، أكون فعلاً قد دَخلتُ في القيامة والحياة، وهذا ما جاء يفعله يسوع كي يُصبح إلهًا شخصيًّا لكلِّ منّا. آمين.
ملاحظة: دُوِّنَتْ المحاضرة بأمانةٍ مِن قِبَلِنا.