تأمّل إنجيليّ،
الأب عبود عبود الكرمليّ،
الظهور الالهيّ،
في البدء، تلا الأب عبّود صلاةً طلب فيها لنا أن ننمو بالنّعمة والحكمة والقامة كما نما يسوع وذلك من خلال التّعمّق في كلمة الحياة في الإنجيل وعيشها والعمل بها.
ثمّ قُرئت فِقَر من الإنجيل عن اعتماد يسوع، وتأمّل فيها الحاضرون، بعدها نوّه الأب عبّود بأهمّيّة “عيد الظّهور” أو ” عيد الغطاس” في الروزنامة اللّيتورجيّة، وذكر بأنّ بعض الطقوس تعيّده مع عيد الميلاد في يوم واحد؛ وهذا أمر كان القدّيس “يوحنّا الذّهبي الفم” قد غيّره عندما فصل بين العيدين وعيّن لكلّ منهما تاريخاً خاصاً.
وانبرى الأب عبّود يطرح معظم الأسئلة التي تتناهى إلى أذهاننا حول هذا الحدث العظيم: ظهور الله وعماد ابنه. ومن هذه الأسئلة:
* لِم اعتمد يسوع وهو إله؟
* لِم اعتمد على يد يوحنّا وهو مثلنا إنسان يخطئ؟
* في أيّ سنّ اعتمد يسوع؟
وأمّا الأهم فهو أنّ في هذا العيد ظهر يسوع علناً للنّاس، بعدما وُلد في الخفاء، على حدّ قول القدّيس “أوغسطينوس”؟، وقد قال القدّيس “يوحنّا الذّهبي الفم” موضّحاً الفكرة نفسها، ما كان أحد يعرف المسيح، وعرفه الجميع بعد المعموديّة. وعند اليونانيين، يعني هذا العيد ظهور الثّالوث الأقدس مجتمعاً وعلناً في المعموديّة، وذلك يتمثّل في صوت الآب الذي عبّر عن فرحه وانشراحه بابنه، ورفرفة الرّوح القدس بشكل الحمامة ، وحضور المسيح الابن في النّهر.
كما أنّ النّاحية الإنسانيّة في يسوع قد ظهرت في ميلاده، أمّا ألوهيّته فقد ظهرت في عماده، وكلّ ذلك يشير إلى أنّ اسم العيد وأهمّيته يكمنان في “الظّهور”، ظهور طبيعتي المسيح الإلهيّة والإنسانيّة في آن، ولذا يتمّ تغطيس المعمّد بخاصّة في الطّقس الشّرقي. و هذا العيد امتداد للعهد القديم وارتباطه بالعهد الجديد، فقد قال “آشعيا” صاحب الإنجيل الخامس: “روح الرّب حلّ عليّ ولأجل ذلك مسحني وأرسلني لأبشّر المساكين ومنكسري القلوب”.
ومن خلال قراءتنا لهذا الإنجيل نتذكّر معموديّتنا ومعموديّة أولادنا والأقارب، كون هذا اليوم وهذا العيد من أهمّ الأيّام في حياة المسيحيّ.
مّ عاد الأب إلى التّساؤل حول اعتماد المسيح البريء من كلّ خطيئة، على اعتبار مبدأ المعموديّة يقوم أولاً على مغفرة الذّنوب والبداية الجديدة. وبعد النقاش مع الحاضرين، عُرف أنّ معموديّة المسيح كانت دليل تواضع وتأنسُن له، بالإضافة إلى كونها ضروريّة، كون المسيح هو مرجعنا في حياتنا، فكما أنّه اعتمد، كذلك نحن نعتمد سائرين على نهجه وخطاه. كما جاء في النّقاش رأي يقول بانّ المسيح غير المحتاج للعماد، قد اعتمد ليحمل خطايا العالم كلّه. ونحن الذين اعتمدنا باسم المسيح قد لبسناه وصار حيّاً فينا. هذه النّعمة التي أُعطيناها، والتي لا تعمل فينا عملها إلاّ بالصّلاة وعيش الحياة المسيحيّة الحقّة التي تميّزنا ممن لم يعتمدوا.
ثمّ انتقل الأب عبّود عبود الى الكلام على شخصيّة يوحنّا المعمدان، الذي رفض بدايةً تعميد المسيح باعتبار أن يوحنا هو الذي عليه أن يعتمد على يد المسيح، والذي أولي هكذا مسؤوليّة وهو الإنسان العادي الخاطئ، والذي أُلهم في البرية بالمجيء إلى نهر الأردن ليعمّد النّاس لمغفرة الذنوب، وهو الذي تربّى مع المسيح وعاش معه.
وختم اللّقاء بصلاة شكر على نعمة المعموديّة، ونعمة المشاركة في هذا اللّقاء، مع ترنيمة “يا من تعمّدت في نهر الأردن”؟.
ملاحظة: دُوِّن التأمّل بأمانةٍ مِنْ قِبَلِنا.