تأمّل روحيّ،
الأب ميشال عبود الكرمليّ،
سلاحٌ وحيدٌ يخلّص رعايانا،
الله معكم،
إنّ خلاصَ رعايانا لا يكون إلاّ عبر سلاحٍ وحيدٍ قويّ. لقد تمّ غزو رعايانا بروحِ الحقدِ والضغينةِ بطريقةٍ لا مثيل لها في السنواتِ المنصرِمة، فقد عمّ روحُ الحقدِ بين الإخوة، والأقاربِ والأصدقاء، وبين أعضاءِ لجانِ الوقف، وحتّى في داخلِ الرعيّة، إضافة إلى تغلغلِ روحِ الإلغاءِ في العقول. وفي هذا الشأن، فإنّ كلامَ المسيح واضحٌ جدًّا إذ يقول لنا إنّ كلّ مملكةٍ، وكلّ أمّةٍ، وكلّ بيتٍ، يَنقسمُ على ذاته يُخرب. فنتيجة هذا الوضعِ السائد، أصبحَت رعايانا بحاجةٍ ماسّةٍ إلى سلاحٍ فعّالٍ وقويٍّ هو الصّلاة. فجميع المؤمنين بحاجةٍ ماسّةٍ للعودةِ إلى الصّلاة، وإلى الوقفةِ مع الذات، وإلى معاودةِ قراءةِ الإنجيل لكي تتمكّن كلمةُ الله من اختراقِ قلوبِنا من جديد. وكلامُ المسيح يأتي ليحثّنا على ذلك إذ يقول إنّ مَن سمِع كلامَه وحَفِظه وعمِل به، فَلَهُ الحياة الأبديّة. إنّ العواصفَ تواجهُنا من كلّ صوبٍ، وهي تسعى ليس إلى إبعادِنا عن كلمةِ الله فحَسب، بل إلى أن تطمرَنا وتُميتَنا. وهذا ما تكلّم عنه بطرس في إحدى رسائلِه، إذ طلبَ من المؤمنين الرّسوخَ في الإيمانِ وقت الشدائدِ والصّعوباتِ لأنّ إبليس أي الشيطان عدّونا، قادمٌ باتجاهِنا كأسدٍ زائرٍ طالبًا أن يلتهمَ فريستَه، ونحن لن نستطيعَ مقاومتَه إلّا عبر الرّسوخِ في إيمانِنا بالرّبّ يسوع.
إنّ كلَّ انسانٍ مدعوٌّ إلى البدءِ في العملِ على تحسين ذاتِه دون تلكؤ وانتظارٍ للآخرين. فإنّ كلَّ واحدٍ منّا هو حجرٌ حيٌّ في الكنيسة، وهو ذو قيمةٍ مهمّةٍ وفريدةٍ داخل الكنيسة. إنّ الكنيسةَ تنمو وتقوى عندما يبدأ كلٌّ منّا بالعملِ على تحسينِ ذاته. فلا يجبُ أن نخافَ على الكنيسة، لأنّها كنيسة الرّب، وهو سيهتّمُ بها، ولكن علينا أن نخافَ على ذواتِنا إذ إنّ نصيحةَ يسوع لنا هي نصيحتُه لبناتِ أورشليم اللّواتي كنّ يبكينَه حين رأينَه صاعدًا إلى أورشليم ليُصلب، فقال لهنّ: لا تبكِينَ عليّ بلِ ابكِينَ على ذواتِكنّ. وهذا ما يقوله لنا اليوم، نحن الّذين نتبَعه، إذ على كلِّ واحدٍ منّا أن ينتبهَ إلى ذاتِه وإلى مسيرتِه وسط عواصفِ هذه الحياة، فيسيرَ دربَ الصّليب فيها، ويتمكّن من معانقةِ الصّليب، فيشهدَ لإيمانِه بالرّبّ يسوع القائمِ من الموت مُنتصرًا عليه. لنطلبْ من الرّبّ ألاّ يصيبُ العمى عيونَنا فنتمكّن من رؤيةِ حضورِه في حياتِنا، لأنّه إن أدركنا أنّ الرّبّ معنا، فمَن علينا؟
ملاحظة: دُوِّنَ التأمّل بأمانةٍ مِن قِبَلِنا.