تأمّل روحيّ،
الأب ميشال عبود الكرمليّ،
أحد شفاء النّازفة،
في الأحد الثالث من زمن الصّوم، نتأمّل في نصّ شفاء النّازِفة. لقد دعا قائدُ المئة يسوعَ إلى منزِله ليشفيَ ابنته المريضة وهي في الثانية عشرة مِن عمرها، فانطلق يسوع في طريقه إلى بيت يائيروس مُلَبِيًّا الدّعوة، وكانت الجموع تزحمه. وقد كان بين الجموع امرأةٌ، خافَتْ من عيون البشر، لأنّ المرض قد فَتَك بِجَسَدِها وأنهكَ نفسيّتها. وقد وجدت المرأة في يسوع المسيح الّذي يتقدَّم هذه المسيرة، ربّ الحياة. لقد أيقنت هذه المرأة تمامًا أنّ لا حياة دون يسوع، وأنّه هو مُعطي الشفاء وواهب القوّة، لذا لم تَخَفْ على الرّغم من الجموع الكثيرة من الاقتراب منه ولَمْسِ هُدبَ ردائه. لقد استخدمَ الإنجيليّ فِعل “لَمسَ” للدلالة على رغبة المرأة في الحصول على تلك القوّة الشافية من يسوع.
إنّ الشِّفاء لم يتمّ نتيجة لمسة سحريّة، إنّما تَمّ نتيجة اقتراب المرأة من يسوع ولَمسِها هُدبَ رِدائه. لقد كانت الجموع الغفيرة تزحم يسوع، وكُثُرٌ هم الّذين لَـمَسوه، لكنّ لَمسَة هؤلاء لم تكن تعبيرًا عن إيمانهم به، أو رغبةً بانتزاع القوّة الشافيّة منه إذ إنّ يسوع هو ربّ الحياة والموت. إنّ هذه المرأة هي الوحيدة بين كلّ تلك الجموع الّتي تمكّنت من الحصول على الشِّفاء لأنّها آمنت به إلهًا. نعم، إنّ يسوع هو الإله، لذا عرف بتلك القوّة الشافيّة الّـتي خرجت منه، فأوقف المسيرة وسأل الحاضرين:”مَن لَـمَسَني؟”. عندها، أدْرَكت المرأة أنّ أمرَها لم يَخْفَ على يسوع، فما كان مِنها إلّا أن اعترَفَتْ بما حصل معها أمام الجموع، فقال لها يسوع:”إيمانُكِ خلَّصَكِ”.
في قلب كلّ إنسان، قوّة إيمان، وطاقة حبٍّ، فالإنسان لا يستطيع أن يعيش دونَ مُـعطي الحياة والإيمان بيسوع المسيح، ولا معنى للحبّ في قلب الإنسان دون الحبّ الإلهيّ الحقيقيّ يسوع المسيح. إنّ الأعجوبة تحدث عندما يتمّ التبادل بين ضُعف الإنسان وقوّة الله، أي عندما يستجيب الإنسان لحبّ الله اللّامتناهيّ، يتمّ التغيير الخارجيّ والداخليّ في قلب المؤمِن.
أعطِنا يا ربّ أن نفهم حبّك في حياتنا، كما نطلب منك أن تُعطينا النّعمة، فنسمح لك بأن تَلمُسَ قلوبنا وتُغيِّرها، فنتمكّن من أن نلمسَ قلبَك، وننال الحياة منكَ أنتَ يا مُعطي الحياة. آمين.
ملاحظة: دُوِّنَ التأمّل بأمانةٍ مِن قِبَلِنا.