علامات مجيء الملكوت،
عظة الأب جورج نخول – كنيسة مار الياس – زوق الخراب، الضبيه-.
باسم الآب والابن والرّوح القدس، الاله الواحد، آمين.
يسعدنا اليوم، في الأحد الأوّل من هذا الشهر المبارك، أن نحتفل مع جماعة “اُذكرني في ملكوتك” في رعيّتنا، بالذبيحة الإلهيّة لنصلّي من أجل إخوتنا الراقدين جميعًا، من آباء وأمّهات، إخوة وأخوات.
لا بدّ لنا أوّلاً من التكلّم عن النّص الإنجيليّ الّذي قرأناه اليوم، والّذي كتبه متّى الرّسول. إنّ هذا النّص يتناول موضوع علامات مجيء الملكوت، وهو موضوع يشغل بال الكثيرين في أيّامنا، إذ إنّهم يهتمّون للأقاويل والأحاديث الّتي تتعلّق بمجيء الملكوت ونهاية العالم. إنّ الربّ يسوع المسيح قد اختصر بشخصه كلّ الحقيقة، إذ قال عن نفسه: “أنا الطريق والحقّ والحياة، مَن يتبْعني لا يمشِ في الظلام”. ولكنّنا نتساءل، بعد هذا الكلام الصّادر عن الربّ يسوع، عن الحقيقة الّتي ما زال الإنسان يبحث عنها، وعن الّذي ينتظره. إنّ المسيح قد قال لنا كلّ شيء بشخصه. في كتاب التعليم المسيحيّ للكنيسة الكاثوليكيّة، نقرأ بأنّ الربّ يسوع المسيح، ابن الله، قد كشف لنا عن الله الآب، بشخصه مرّة واحدة ووحيدة ونهائية. أمّا السؤال الّذي يُطرح الآن، فهو: لماذا تمكّن الابن فقط من أن يكشف لنا عن حقيقة الله الآب؟ والجواب بسيط، لأنّه مع الله الآب منذ البدء، وهو ابنه الأزليّ. إنّ النّص الإنجيليّ يضيف على كلام الربّ يسوع قائلاً: إنّه سيأتي بعد المسيح أشخاصٌ يدّعون أنّهم “المسيح المنتظر”، وبأنّهم يملكون الحقيقة، ويقومون بأعمال عظيمة خارقة، غير أنّ الإنجيل يصِفهم بالـمُسحاء الدجّالين، ويدعونا إلى عدم تصديقهم. إنّه، بقدر ما نسأل ذواتنا عن نهاية العالم، بقدر ما نعي أنّ الربّ يسوع هو البداية والنّهاية: إنّ الرّب هو بداية كلّ شيءٍ ونهاية كلّ شيءٍ في هذه الحياة.
أحبائي، إنّ المرجعيّة الحقيقيّة هي الربّ يسوع، ويقول لنا نصّ الإنجيل إنّ ذلك اليوم وتلك السّاعة، لا أحد يعرفهما ولا حتّى الابن، إلّا الآب وحده، فعبثًا يحاول البعض توقّع ذلك، لأنّ الحقيقة سوف تسطع وستظهر لجميع النّاس، ولا يعود هناك من أمرٍ مخفيّ، فإنّ أعمال الربّ يسوع، الّذي هو الحقيقة الحقّة، لم تكن مخفيّة بل علنيّة، ظاهرة للجميع. أحبائي، كثيرةٌ هي الروايات والأخبار الكاذبة الّتي تدخل بيوتنا، ففي كلّ يوم، نستفيق على أخبار كاذبة تضلّل المؤمنين وتجعلنا نشعر بتهديدها لمصيرنا، وبالتالي تحاول هدم كنيسة الله، الحاضر فيها.
أحبائي، إنّ غاية يسوع المسيح هي عدم تشتيت شعب الله وعدم ضياعه، فغاية يسوع هي خلاص الشعب. يُخبرون عن إنسان كان يمشي في الصحرّاء حيث حرارة الشمس قويّة وحارقة. فما لبث أن عَطِشَ وبدأ يبحث متلهّفًا للماء، عساه يَروي ظمأه. وما إن لاحت له واحة الماء في الأفق، حتى أسرع راكضًا باتجاهها، غير أنّه لم يلبث أن اكتشف حين وصل إليها أنّها سراب، فهوى على الرّمال الحارقة، يائسًا، ومخيّب الأمل. إنّ هذا السّراب في الصّحراء يمثِّل المسحاء الدّجالين، الّذين يتكلّم عنهم إنجيل اليوم، هم الّذين يُوهِمونَك بأنّهم حاملو الخلاص والبشرى السّعيدة لك. إنّهم مخطئون، إذ ليسوا هم من تنتظرهم نفوسنا، فنحن شعبٌ لا يؤمنُ ولا يسمع إلّا كلمة الله الموجودة في الإنجيل.
إنّ الكاهن على المذبح، عليه أن يعظ بكلمة الله، الّتي منها يستمدّ قوته. إنّ الرّبّ يسوع، في الإنجيل حذّرنا من المسحاء الدجّالين، لذا علينا الحذر من الانقياد إلى أقوالهم. إنّ الربّ يسوع قد حذّرنا من أقوال أولئك، لأنّه عالِـمٌ بالصعوبات الّتي تواجه المؤمن، وهو قد اختبر تلك الصعوبات بنفسه، إذ تعذَّب وتألّم، شُتِمَ وقيل عنه الافتراءات والأكاذيب. لذا فهو قد أعطانا نعمة خاصّة بالمؤمنين، يحصلون عليها في لحظة عمادهم، إذ يُمسحون بالميرون،
ملاحظة: دُوِّنت العظة بأمانةٍ مِن قِبَلِنا.