عودي يا نفسِي إلى هدوئكِ،
بقلم الخوري جوزف سلوم،
الصّوم هو الفترة المميّزة للقيام بالمسيرة الداخليّة نحو يسوع الحيّ والناهض من الأموات، مسيرة نحو الميناء، نحو العمق، يرافقنا فيها الربّ في صحراء فقرِنا، في صحراء تعبِنا، في صحراء جراحِنا، يقوده الرّوح القدس إلى عمق صحرائنا ليشدّدنا في طريقنا نحو فرح الفِصح الأسمى، يسند الناس المتعطِّشة إلى الفرح والسلام والمحبة وإلى البحث عن وجه الله.
فلا صومَ حقيقيّ وأنتَ تبحث كيف تُسّر ذاتكَ ولا تُسّر الله.
لا صومَ حقيقيّ وأنتَ تلبس أفكار العالم ولا تتجذّر في كلمة المسيح.
لا صومَ حقيقيّ وأنتَ تقيم في عبوديّات الخطيئة وتأبى أن تتحرّر.
لا صومَ حقيقيّ وأنتَ لا تكسر خبزك للجائع.
لا صومَ حقيقيّ وأنتَ في عزلة الأنانيّة واللامبالاة.
لا صومَ حقيقيّ والسيادة في حياتك للكراهيّة وليس للمحبة.
لا صومَ حقيقيّ وأنتَ في حالة خصومة وإدانة للآخرين.
لا صومَ حقيقيّ وأنتَ في أسوأ حالة فقرٍ في العالم، الفقر إلى معرفة المسيح.
- 1. خذ وقتَك لتقف أمام سرّ الإيمان:
دَعْوَتُكَ في هذا الزمن المقبول أن تأخذ الوقت الكافي لتتذكّر هويَّتك وتقرأ اختباراتك وسط ضبابيّة التجارب وامتحان الحياة، وتعلن إيماناً جديداً ثابتاً: أنّ الله معنا، وأن الحياة الأبديّة هي أن تعرفه، وتحبّه، وتعبده معترفاً أنَّه الحقّ والسعادة وتتهيّأ للاحتفال بموته وقيامته. إنّك تتذكّر وتحتفل لِتَجِد اتجاه الحياة، وتُدرِك خياراتك، وتميِّز دَعْوَتَك وتُحسِن تدبير قراراتك على ضوء إيمانك بالمسيح ابن الله الحيّ.
- 2. البحث عن صحرائك الخاصة:
عدْ إلى الوراء، ابتعد عن الضجيج وعن كلّ ما هو خارجي وسطحيّ ومؤقّت: “عودي يا نفسِي إلى هدوئكِ”، واقبل أن تلتقيَ مع صحرائك الداخليّة، في سرّ الصّمت والصّلاة والتأمّل بكلمة الله لتكتشفَ إرادته، وتضع ذاتَك في مسيرة أعمق لتذهبَ إلى معرفة أكبر لذاتِك ولاكتشاف جهوزيّتك لتلتقيَ بيسوع الصّائم في صحرائه، وتعاهِدَه على الذهاب معه إلى الفِصح وإلى العيد.
- 3. اقبل الدّخول في صراعك الرّوحيّ:
دَعْوَتُكَ أن تجاهد الجِهاد الحسن، وأن تدركَ أنّكَ وإن كنتَ في قلب المحن الكبيرة أو في سهولة الأمور العاديّة، فأنتَ في صراعٍ، وأمام مقاومةٍ ورفضٍ وقلقٍ وهواجسَ ومخاوفَ وأنتَ أمام جراحٍ ثخينةٍ، وحده يسوع يستطيع أن يشفيكَ ويحرِّركَ فَاثبُتْ فيه، فإنّه رجاء عبورِك وغلبتِك.
- 4. عبورٌ إلى القيامة:
يُظهر يسوع في أعماق موتِك وجحيمِك، كلّ علامات ووعود الحياة الجديدة، فكلّ شيءٍ أصبح به جديداً، وعليك أن تخلع الإنسان القديم وتلبَس الإنسان الجديد، وأن تكون قياميّاً.
- 5. انطلق مع إخوتِك شاهداً لحبّه:
ضعْ حياتَك على مجاري مياه الله، في زمن النّعمة هذا، واعلم أنّ الأخوَّة هديّةٌ وكنزٌ وعلامةٌ، وانطلِقْ لتمسَحَ كلّ دمعةٍ ولِتُحبّ الله من كلّ قلبكَ كلّ مرةٍ تُطعِم جائعاً، وتسقي عطشانَ، وتزور مريضاً وسجيناً، وتأوي غريباً، وتُلبِس عرياناً، وترى في خدمةِ الفقراء فعلَ عبادةٍ، فيُصبح الفقير مذبحَك.