عظة للأب حنا اسكندر،
رعية مار يوسف – المطيلب.
عيش دعوتنا المسيحيّة،
باسم الآب والابن والروح القدس، الإله الواحد، آمين
أستهلُّ اللقاء بكلمةٍ عن جماعتكم “اُذكرني في ملكوتك” وشعاركم: “المسيحُ قام، حقا قام”. ايمانُنا كلّه يرتكزُ على قيامة يسوع، ولو لم يقمْ يسوع لكانت حياتُنا بدون معنى.
مات يسوع وقام، نحن أيضاً إذا عشْنا معه بإيمانٍ نموت ونقومُ معه…
إليكم، قصة صغيرة عن أمير ذهبَ الى الصيد حيث التقى بفتاة ترعى الغنم. كانت الفتاة تغني وترتّل وهي صاحبة صوتٍ جميل، تكلّم معها فاُعجب بها وطلبَ منها الزواج، لكنها رفضت فتعجب وهو الأمير وهي الراعية وسألها لماذا؟ قالت أنا مسيحية وأنت لستَ بمسيحي. فأجابها : أنتم المسيحيون فقراء النفوس تؤمنون بشخص مصلوب، وإنّ إنجيلكم يقول أن المسيح صُلب ومات. فقالت له أنتَ على حقّ لكنّه يقول أيضا” انه قام!. إذاً إيمانُنا ليس بيسوع المصلوب على خشبة، يسوع صُلب ساعات قليلة لكنّه قام وما زال حيّاً. ألعازر أحياه يسوع لكنّه عاد ومات. ونحن إذا شهدْنا اعجوبةً بشفاعة أحد القدّيسين فهي كالدواء المسكّن، عندما ينتهي مفعولُه يعود الوجع كما كان . إذاً الحل ليس أن يشفيَ الله جسمنا المريض إنما أن نمشيَ طوال حياتنا دربَ الربّ. يقول مار شربل، يجب أن تعملوا لمستقبلكم ومستقبلكم يبدأ في أول يوم في العالم الثاني وليس كما يعتبر أنه ينتهي في آخر يوم في هذا العالم .
ان أولى إهتماماتنا في هذا العالم أن نربّيَ أولادنا ونؤمِّن لهم حياة كريمة، فنعلِّمهم ونبني لهم البيوت لكّن كل هذا باقٍ، والأهم هو أن نعمل لمستقبلنا ومستقبلهم في العالم الثاني، فنحن أولاد الله .
نقول دائما هنيئاً للعذراء، أغدقَ الله عليها منذ ولادتها نعماً كثيرة ومميّزة. خلقها طاهرة، لم تعرف الخطيئة وبشرهّا الملاك، لكّن أكبر نعمة خصّها الله بها انه دخلَ أحشائها فصارت والدة الإله، وهل هناك نعمة أكبر من هذه؟ أتعلمون أن النعمة ذاتها التي أخذتها العذراء من الفين سنة، نأخذها نحن اليوم، وكيف نأخذها؟! أتعلمون ان القربان هو يسوع؟ أتصوّر أننا لا نعرف.
قرأت مرة كتاباً يتساءل فيه المؤلف لماذا يصبح الإنسان ملحداً لا يؤمن بالله؟ يقوم بدراسة ويصِل الى نتيجة أن الّذين يفكرون وينكرون الله بالمنطق هم قلة والأكثرية تعيش وكأن الله غير موجود، لو كان الإنسان أكيداً من أن الله موجودٌ فلا يعود يُخطئ، فتصرّفات الأشخاص عادة ما تدلّ في هذه الأيام على أننا نعيشُ حياة وكأن الله غير موجود. يا إخوتي، الايمان مثل الحبّ. لكي نحافظ على حرارته يجب أن نظلَّ قريبين من الله. مرةً سألتْ القدّيسة تريزيا الطفل يسوع اختَها سيلين، بأي تواتر تفكرين بالله ؟ اجابتها: لا تمرّ ثلاث دقائق دون أن أفكر بالله، ثم قالت لها: كم انت قادرة على التركيز، فأجابتها أنا مغرومة والمغروم لا يقوم بمجهود لكي يفكر بحبيبه وأنا مغرومة بيسوع أحبه وأفكر فيه طوال الوقت.
إخوتي نحن أولاد القيامة، عابرو سبيل في هذه الدنيا. زوادتنا هي القربان أي يسوع بذاته. في آخر قدّاس احتفل به مار شربل يوم أحدٍ كانت حاضرة إمرأة ومعها إبنة أخيها وهي طفلة، لم يكن يتجاوز عمرها آنذاك العشر سنوات، بعد الكلام الجوهري شاهدتْ الإبنة القربانة كطفلٍ جميل. وعندما كسر الحبيس القربانة أجهشت الطفلة بالبكاء، فسألتها خالتها: لماذا تبكين؟ فقالت لها ألم تشاهدي الحبيس يقتطع من الطفل قطعاً والدم يسيل منه؟ إذاً القربان هو يسوع نتغذى به. ومَن منّا يتجرأ ان يُخطىء في الكنيسة في بيت الله- بيت القربان. إذاً، فلا يحقّ لنا بعد تناول القربان ان نُخطىء. ثم علينا بتلاوة الصلاة التي يجب ألاّ تقتصر على تلاوة الأبانا والسلام قبل النوم او مجرّد سماع تراتيل. فالصلاة هي عشق الإنسان بربّه، هي علاقة دائمة مع الله.
تقولون مثلاً، إنّ عصرنا شريرٌ، لا شكّ أن لدينا وسائل شرّ لكّن لدينا أيضاً وسائل خير توصل لنا صوت الله ( صوت المحبة، نورسات)، وتساعدُنا على أن نعيشَ صلاة ثانية، على أن يكون نهارنا كلّه مجبولاً بالصلاة. أما النقطة الثالثة: وهي الإنجيل، فمقياس حبّنا ليسوع هو مقياس عيشنا للإنجيل. كذلك الإعتراف هو مهّم جداً. أحد القدّيسين يقول، أنّ خطيئة هذا العصر بأنّ الإنسان لم يعُد يعرف أنّه يُخطئ، لم يعُد يمتلك قدرة التمييز ليُدرك إذا كان مخطئاً أم لا. هنا نتساءل، هل نحن أقدس من مار شربل والحرديني؟ مار شربل كان يعترف أقلّه مرة في الأسبوع والحرديني كلّ يوم. فضمير القدّيس يكون بالغ الحساسية على الخطيئة مثلاً، إذا أضاع من وقته أو لم يصلّي كما يجب، أو إذا راودته أفكار عاطلة، أو إذا كان قادراً على عمل الخير ولم يقُم به.
في الختام، القدّاس، الصلاة، الإعتراف، الإنجيل والصوم، هم القِيَمّ الأساسية لدعوتنا المسيحية.
ملاحظة: دُوِّنت العظة بأمانةٍ مِن قِبَلِنا.