كلمة رجاء للخوري جوزف سلوم،
خادم رعيّة مار فوقا، غادير، كسروان.
“فاستعدّوا إذًا لأنّكم لا تَعلمون اليوم ولا السّاعة التي يأتي فيها ابنُ الإنسان” (مت 13:5)
الله معكم إخوتي وأخواتي،
لا أحدَ منّا يَعرف ساعتَه، فالموت يدُقّ بابَنا فجأةً. وفي الوقت نفسِه، الموت يجعلنا نَشعر، عندما نفقد أحد أحبّائنا، بأنَّ جزءًا منّا قد مات.
في إنجيل مَثل العذارى الحكيمات والجاهلات، نلاحظ ارتفاع الصَّيْحة عند مَجيء العريس. ونحن أيضًا، في زوايا هذه الحياة، نسمع ارتفاعًا للصَّيحة عند موت أحدهم تعبيرًا عن أنَّنا على مَوعدِ رَحيل أحدهم عن هذه الأرض، أو سَفَرٍ لأحدِهم.
إنّ الموت يُفاجِئ جميع النَّاس، إلّا المؤمِن، فهو يكون دائمًا مستعدًّا لتلك السّاعة. الموت هو سارقٌ، الموت يَخطف، الموت هو عَدوُّ للإنسان. إنّ الموت يُظهر لنا أنَّ كلَّ شيءٍ على هذه الأرض زائلٌ، وأنّ كلَّ الضمانات لا تساوي شيئًا. يقول لنا القدِّيس بولس بما معناه: إنّنا جِئنا إلى هذا العالم، لا نَملِك شيئًا وسنَخرج منه مِن دون أن نأخُذ منه شيئًا.
في مَثل العذارى، يُشبِّه كاتب النَّص الموت بِعُرسٍ، بِفَرحٍ، بِعِيدٍ، بِلِقاءٍ مع العَريس:”هوذا العريس، إنّه آتٍ”.
ليست جميلة تلك العبارات الّتـي نقولها، في تقليدنا الشَّعبي عن الموت:”خُلِص زَيته” للتعبير عن وفاة أحدهم؛ إنّه تعبيرٌ خاطئ، لأنَّ الزَّيتَ يرمز إلى أمرَين: الإيمان والأعمال الصَّالحة. وبالتّالي، عندما نقول إنَّ هذا الإنسان قد نَفَذَ زيتُه، فهذا يعني أنّ هذا الإنسان لا إيمانَ له ولا أعمالَ صالحة. وكذلك في موضوع الزَّيت، فإنّنا لا نستطيع أن نبيع أحدًا مِن زَيتِنا، إذ على كُلِّ واحدٍ منّا أن يُحضِّر “جِهازَه” كما كانوا يَفعلون في الأعراس قديمًا. إنّ كلَّ واحدٍ منّا مسؤولٌ عن ذاته؛ من هنا نلاحظ أهميّة الاستعداد: “دَخَلَت المستعدَات”، “إسهَروا”، “لا تعلمون لا اليوم ولا السّاعة”.
كذلك في هذا الإنجيل، نرى أنَّ الباب قد أُغلقَ، أي أنّنا في لحظة الموت، سنترك كلَّ شيءٍ وراءنا، إلّا مفتاح باب الملكوت الّذي هو قلبُ الإنسان. إنَّ الربَّ ينتظرنا مع الملائكة والقدِّيسين ويُشرِّع لنا أبواب الملكوت، مع العِلم أنَّ هذا الباب ضيِّق؛ لذا، نردِّد مع صاحب المزامير: “فَرِحتُ بالقائلِين لي إلى بيت الربِّ ننطلِق”.
لذلك إخوتي، وقَبْل أن يُغلَق الباب، أمورٌ ثلاثة علينا الاستناد عليها في مرافقة موتانا وهي: الصَّلاة، الافخارستِّيا أي القربان الّذي نُقدِّمه لأجلهم، وأعمال الرَّحمة.
كيف نستعدُّ للملكوت لِكي نكون من المستعدَّات؟ علينا الاستعداد لأنّنا لا نعرف لا السّاعة ولا اليوم، ونحن نستعدُّ لتلك السّاعة أوَّلاً من خلال الجهاد الرُّوحيّ، النِّعمة الأكبر، ضِدَّ كلّ التَّجارب؛ وثانيًا من خلال العمل على تمييز الخير من الشَّر، وثالثًا من خلال التَزيُّن بِالفضائل الإلهيّة، انطلاقًا من كلمة الله الحيّة.
أحبّائي، تبقى حقيقة قيامة الربِّ يسوع، الجواب لِكلِّ مُعضِلة الموت. الله معكم.
ملاحظة: دُوِّن التّأمّل بأمانةٍ من قِبَلنا.