عظة الأبّ إيلي مظلوم،
رعية كاتدرائية مار عبدا – بكفيا.
فهدف حياتنا أن نَصِلَ إلى ملكوت الله، مِن خلال مَحبّة الله والقريب،
باسم الآب والابن والرّوح القدس، الإله الواحد، آمين.
نَحتفِل اليوم سويًّا بذكرى مُرور سَنتَين على تأسيس جماعة “اذكرني في ملكوتك”. هذه الجماعة التي تعيش رُوحانيّة مُرافقة الإنسان الذي يتحضّر للموت، أو الإنسان الذي فَقد قريبًا له. لذلك نٌركِّز اليوم على نُقطين مُهمّتَين جداً وهُما: مَا هو الهَدف مِن حَياتنا، وكيف نُحقّقه؟؟…ومَا هي رسَالتُنا ؟؟
عندما تَعمَّد كُلّ واحدٍ منّا، تَبنّاه الله، فأصبح ابن الله وأخَ المسيح بفعلِ الروح القدس، وكلُّ ابنٍ يعيش في بيت أبيه. وبالتالي صَعِد المسيح إلى الآبِ السماويّ ليُعِدّ لنا مكانًا في الملكوت. لذلك كلّ إنسانٍ مسيحيٍّ مُعَمَّد، مَدعُو للذهاب إلى بيت أبيه السماويّ لتكون له الحياة الأبديّة، وعليه أن يعرف هدفه في هذه الحياة…وحتّى نصل إلى ذلك الملكوت المعدّ لنا علينا أنّ نحقق هَذَين البُعدَين: مَحبّة الله ومَحبّة القريب.
ولأعيش هذا الهدف، عليَّ أن أسأل نفسي: ماذا أفعل لكي أُحِبَّ الله أكثر؟…فمحبّة الله تَأتي من الإصغاء لكلمة يسوع وتعاليم كنسيته، التغذية من جسده ودمِه، والتقرّب من الكنيسة، وبالتالي هذا البُعد العَمودي لعلاقتي مع الله، يكون كزُّوادة للتَقَدُّس مِن مَحبة القريب، أخي الإنسان. وإذا كُنتُ أعيش هذا البُعد أكون قد بَدأتُ بالعيش لخدمة هذا الهدف…وإذا لم أعشه بعد، فعليّ أن أطرح على نفسي مِن جديد هذا السؤال: ماذا أفعل بنفسي، وكيف أتهيّأ لأعيش هذه المحبّة وأُوصِل المسيح إلى قيامته؟.
ويُقال في إنجيل القدّيس متّى: “أنتُم مِلحُ الأرض” (متّى13:5)، فالملح يُنكّه الطعام ويذوب فيه. وأنتَ أيّها الإنسان المسيحي الملتزم، مدعو لأن تكون كالمِلح في هذا العالم. فهذه هي الرسالة التي نحن مدعُوون إليها، لأنّ الموت لم يَعُد نهاية، وإنّما جسر عبور للحياة الثانية، لأنّنا نؤمن بقيامة يسوع المسيح. ورسالة كلّ واحدٍ مِنّا، نحن المؤمنين، أن نؤمن بقيامته، ونُبشّر كلّ إنسان حزين فَقَدَ له حبيبًا، قريبًا، أو صديقًا، ونقول له: “المسيح قام..حقًّا قام”، وأنّ هناك حياة أبديّة وعدنا بها يسوع القائم من بين الأموات.
ونعيش هذه الرسالة بالصَلاة، أي الصلاة على نيّة أمواتنا، والمرافَقة – أي مُرافقة الإنسان الحزين – لأنّنا بذلك نُريه وجه يسوع الرَحوم، العَطوف، والمحبّ الذي يَحِنُّ على الإنسان المتألم. مِثلمَا فعل الربّ يسوع مع مريم ومرتا عندما فقدتا أخاهما، فقد نَصَحَهُما أن تؤمنا بأنّ أخاهما موجود في الحياة الأبديّة، قائلًا: “مَن آمن بيّ وإن ماتَ يحيا” (يو25:11).
وهناك قصّةٌ تُخبر أنّ حنّة، امرأة كبيرة في السِنِّ، تُوفيت وصعدت إلى السّماء. وبينما هي واقفة أمام بطرس (الذي يمتلك مفتاح السموات) بانتظار دورها، رأت الأشخاص الذين قبلها كيف تُجْرَد أعمالهم الصالحة ويدخلون الملكوت… كيف فعل الأوّل الأعمال الصالحة، والثاني بنى كنيسة، والثالث خلّص الناس لأنّه يعمل في الصليب الأحمر…فخافت لأنّها لم تفعل أيّ شيء من ذلك، فبدأت بالتراجع، فصرخ لها بطرس وأمرها أن تعود إل الصفّ، وعندما وصلت إليه، قال لها: أنت أطعمتِني، وغسلتِ ثيابي، واهتمَمْتِ بي في مرضي، وعرفتِ كيف تكونين قديرة وصبورة، فالسّماء كلّها لك.
فهدف حياتنا أن نَصِلَ إلى ملكوت الله، مِن خلال مَحبّة الله والقريب، مِن خِلال عَيش البساطة في حياتنا، والشَهّادة أمَام الآخرين على قيامة المسيح. “فالمسيح قام، حقّاً قَام”. آمين.
ملاحظة: دُوِّنت العظة بأمانةٍ مِن قِبَلِنا.