في حضرة الله،
بقلم الأب ميشال عبود الكرمليّ،
– إنّه الله…
– مَنْ؟
– الله، نعم الله. لِمَ العجب: أخائف أنتَ منه؟
– نعم، إنّي خاطئ، اقترفتُ الخطايا الكبيرة والصغيرة، وهو سيحاسبني إن التقيتُ به.
– إن التقيتَ به؟
– أين كان برأيك عندما اقترفتَ خطاياك؟ ألم يكن حاضراً؟ ألم يرَك؟
– لماذا لَم يمنعني إذاً؟
– لأنه يحبّك.
– يحبّني؟ لو أنّه يحبّني، لما تركَني أخطئ؟
– كلا، … المحبة تقتضي الحريّة، وسرُّ تعامل الله معنا مبنيّ على هذه الحريّة، لأننا بشر أحياء، لنا ملء الإرادة في التفكير والتصرّف.
– ولكن ما العمل؟ يكاد يصِل إلينا.
– يصِل إلينا؟! اسمع جيداً:
إنّه هنا، يسمعنا، يصغي إلى محادثاتنا، يعرف أعماق قلبنا. إن أكبر إهانة لله، هي الخوف منه وخصوصاً بعدما تَعرّفنا إليه بشخص يسوع المسيح. الخوف هو نقيض المحبة، مَن يخاف من أحدهم، فهو لا يحبّه. الله هو الأب الحنون، خلقنا مِن فيض حبّه، ودعانا أن نكبر وننمو. دعانا أحبّاءه وأصدقاءه، لأنه أطلعنا على كلّ أسرار قلبه. نعم إنّه الله….
نعيش في حضرته، مِن دون أي تَصنّع، مِن دون أي خجل، وعلينا أن نعيش كما هو يعرِفُنا، وحسب رغبة قلبه. أمامه نعيش لحظة الوقت الحاضر، إنها لحظات أبديّة. نضع أمامه كلّ ماضينا وخصوصًا كلّ خطايانا وضعفنا. الخطايا تعلّمنا التواضع والانسحاق، تعلّمنا عدم إدانة الآخر، تجعلنا نتفهّم ضعفنا وضعف غيرنا، لكن علينا ألاّ نقف عند ضعفنا عاجزين، إنّنا أمام الله، فلنمدّ له يدنا، لنراه يشدّنا إليه ويغمرنا بحنانه.
لنطلب منه السماح والمغفرة، ليسكب في قلبنا رحمته ويجعلنا نكتشف حبّه.
إننا أمام الله يبتسم لمجيئنا إليه، ويفرح لاكتشافنا حضوره، إنّ لا شيء يُخفى عليه، فإنّه هو ماحي كلّ الخطايا والذنوب، لا ينظر إلى خطايانا بل إلى حبّنا وإيماننا بكنيسته.
إنّنا في حضرة الله، هو في داخلنا، إنّها لحظات سماويّة، إنها سعادة أبديّة، لا تفوِّت هذه الفرصة ولو للحظات، بإعلان فعل الإيمان بحضوره: “ربي، إنّي أحبّك وأؤمِن بحضورك في داخلي”.