عظة للخوري عمانوئيل الراعي،

رعية مار ضوميط – ساحل علما.

كلِمتي اليوم لن تكون عظةً،

باسم الآب والابن والروح القدس، الإله الواحد، آمين

منذ سنة مضتْ، بدأنا مسيرةَ جماعة “اُذكرني في ملكوتك” بقدّاس شهري نذكرُ فيه أمواتنا ونعيشُ فيه التواصل مع الذين غادرونا.
كَلِمتي اليوم لن تكون عظةً، أو تأمّلاً بل مزيجاً من مناجاة ووعظٍ وتعليمٍ وفحص ضميرٍ لكلٍّ منا. أتساءلُ وأسألُ: إذا غادر أحدُنا هذه الحياة، يكون قد انتهى؟ أينتهي كلُّ شيء بالموت؟ بالتأكيد كلّا. الموتُ ليس نهاية الحياة إنما هو تكملةٌ للحياة، لأن الإنسان يولدُ، يعيشُ ويموت. وكما الولادةُ هي جزءٌ من الحياة والعيشُ أيضاً، كذلك فالموتُ جزءٌ منها. الحياة لا تنتهي بالموت بل بالأحرى تبدأ به، وبهذا نفهمُ ما قالته القدّيسة تريزيا الطفل يسوع : “أنا لا أموتُ بل أدخلُ الحياة”. عندما غادرَنا الشخصُ الذي كان يعيشُ معنا لم نكّن نفكّر بالموت واليوم، بغيابه لا نفكّر بالحياة……. لماذا لا نفكّر بالحياة الأبدية عندما يكون الشخص معنا على الأرض؟ لماذا لا يرهبنا الموت؟ ونُكمل القولَ مع القدّيسة تريزيا الطفل يسوع : “بماذا ينفعني الموت؟ ماذا تعطيني الحياة ؟سعادتي هي حبّك”.

نعم أودّ يا أيها الغائب أن أحبَّك أكثر، والآن أؤكد لك أني أحبّك أكثر لأنك عبرتَ الى حضن الآب، أب الجميع. أحبّك لأنني بغيابِك فهمتُ أنّ الموتَ هو محطةٌ من محطات الحياة وأن الحياة هي الآب السماوي. علمتُ أنه ما من هدف للحياة والموت سوى معاينةِ وجه الآب القدّوس، فالموتُ الذي كنت أعتبره نهايةً أصبح لي بداية. فبدون الموت لا نستطيعُ أن ندخلَ حياة الله الأبدية. وهكذا اصبحَ الموتُ محطةً من محطات الحياة البشرية ولم يعُد المحطة الأخيرة. فالمحطة الأخيرة أصبحتْ “حضن الآب”، أصبحت العيش مع الثالوث صحبة الأبرار والقدّيسين، الذين أمسى هدفُهم الوحيد تمجيد الآب وإعلاء شأن كنيسته. نعم، يجب ان نفرح مع كلَّ من يغيب عنّا، لأنه سبقَنا الى حضن الآب، وأن نثق بأنه هناك في سعادة تامة وأبدية ونردّد في كلّ حين:

أودّ ان أرى وجه الآب كما تراه أنت الآن،
أن أتحّد بالثالوث كما أنت متحّد به الأن،
أن أمتّع نظري برؤية جمال العذراء مريم أمي التي كانت خير رفيقة لك على هذه الأرض،
أن أحضر مع يسوع وبشفاعة مريـم عند الآب لأننا أتينا من حبِّ الآب ونعود دائما الى حبّه الأبدي… نعم نحن خرجنا من عند الآب واليه سنعود.

دعونا أحبائي، نتذكر دائماً أن الحياة هي المسيح وبه كلُّ شيء. “حياتي هي المسيح، والموتُ ربحٌ لي”، ( فل 21:1) كما قال بولس الرسول. نعم يا يسوع، أنت البداية وأنت النهاية. صحيحٌ أننا لم نختَر ساعة ولادتنا، ولن نختارَ أبداً ساعة موتنا، لكن بالتأكيد يجب ان نختارك أنت يا الله. فالأهمّ من كل الساعات والأوقات أن نعرف ان نختار الله في حياتنا.

 

ملاحظة: دُوِّنت العظة بأمانةٍ مِن قِبَلِنا.

Instagram
Copy link
URL has been copied successfully!
WhatsApp