[blank h=”20″]
[/blank]
[column width=”1/1″ last=”true” title=”” title_type=”single” animation=”none” implicit=”true”]
انطلاقة جماعة “أذكرني في ملكوتك”،
بالقداس الإلهيّ لأجل الراقدين على رجاء القيامة،
في كنيسة مار شربل – ليماسول، قبرص.
[/column]
[divider type=”1″]
[/divider]
[column width=”1/1″ last=”true” title=”” title_type=”single” animation=”none” implicit=”true”]
عظة القدّاس الإلهيّ،
الأب ابراهيم خيتا – خادم الرعيّة،
[/column]
[divider type=”1″]
[/divider]
[column width=”1/1″ last=”true” title=”” title_type=”single” animation=”none” implicit=”true”]
باسم الآب والابن والرّوح القدس، الإله الواحد، آمين.
تختار لنا الكنيسة في هذا الأحد، إنجيل إرسال يسوع لتلاميذه الاثنين والسبعين للبشارة به. ويقول لنا الإنجيليّ إنّ الربّ قد عيَّن اثنين وسبعين آخَرِين، وما عبارة “آخرِين” سوى دلالةٍ على أنّ هؤلاء التّلاميذ ليسوا من جماعة الرّسل الاثني عشر الّذين أصبحت أسماؤهم معروفة من قِبَل جميع المؤمِنِين. لم يَقصد الربّ بكلامه هذا التمييز ما بين المؤمِنِين وإعطاء أهميّة للبعض منهم على البعض الآخر، إذ جعل مسؤوليّة البشارة به مسؤوليّة جميع المؤمِنِين دون استثناء، غير أنّه قد فَرَز البعض منهم لخدمتِه الخاصّة. إنّ بشارة التّلاميذ الاثنين والسَّبعين بالربّ يسوع، أدّت إلى ازدياد عدد المؤمِنِين به حتّى وَصَل عددهم في أيّامنا هذه إلى عدّة مليارات، وبالتّالي يمكننا القول إنّ كلّ مؤمِنٍ هو رسولُ المسيح في قلب عالمه، في قلب مجتمعه.
في هذا الإنجيل أيضًا، نقرأ: “لا تُسلِّموا على أحدٍ في الطريق”، وهذا يعني أنّ البشارة بالملكوت السماويّ هي حاجة ملِحَّة، وبالتّالي لا تحتمل إضاعةً للوقت مِن قِبَل الرّسول. إنّ الكاهن قد اختاره الله لممارسة سرّ الخدمة تجاه إخوته المؤمِنِين، ولذا مثلاً حين يتَّصِل أحد المرضى بالكاهن طالبًا منه أن يمنحه سرّ مسحة المرضى، على الكاهن الإسراع في تلبية حاجة هذا المريض حتّى ولو كان ذلك على حساب موعد القدّاس، لأنّ المريض قد يغادر هذه الحياة في أثناء انتظاره لانتهاء الذبيحة الإلهيّة من دون أن يحصل على زوّادته الأخيرة.
كما نقرأ في هذا الإنجيل أيضًا كلام الربّ للتّلاميذ أثناء إرساله لهم: “قولوا سلامًا لهذا البيت”. إنّ المشكلة الّتي نُعاني منها في هذا العَصر هي: أنّ قسمًا كبيرًا من المؤمِنِين قد أصبح أداةً يَهرب منها الآخرون، عِوَضَ أن يكون أداةَ سلامٍ ينجذب بسببها الآخرون نحو الكنيسة. إنّ الحياة الرّهبانيّة تتطلّب من كلِّ طالبٍ للترهُّب أن يكون أداةً جذبٍ للدّعوات بِمَثَلِه الصّالح، فيتشجَّع الآخرون إلى خدمة المسيح باتِّباع ذلك النَّهج الرّهبانيّ.
إنّ هذا الأمر هو واجبٌ على كلّ مؤمِنٍ أن يسعى إلى جذب الآخرين إلى الكنيسة، وجذب الآخرين إلى الكنيسة لا يكون فقط عبر حضورهم الحِسيّ، إنّما عبر ذِكرِنا لهم في صلواتنا أيضًا. بالطبع، لا أحد منّا يمكنه الوصول إلى القداسة على هذه الأرض، فنحن جميعًا خطأة، ورتبةُ وَضعِ اليد الّتي ينالها الكاهن في يوم كهنوته، مِنَ الأُسقف لا تجعله أبدًا قدِّيسًا، بل تشكِّل حافزًا له، كي يسعى إليها. ولذا علينا جميعًا أن نسعى كي نكون أدوات سلامٍ في هذا العالم، هدفها التبشير بكلمة الله.
إنّ عالمنا اليوم يعاني من سوء فهمٍ للمسيحيّة وكيفيّة عيشها في مجتمعنا، إذ يعتقد البعض أنّ الميرون الّذي يناله الإنسان يومَ عِماده، كفيلٌ أن يجعله مُلكًا لله، وهذا أمرٌ خاطئٌ تمامًا. وهذا المفهوم الخاطئ للمسيحيّة قد تُرجِم أيضًا في الحياة الرّهبانيّة، إذ يتلذَّذ طالب الترهّب في بداية حياته الديريّة بالقول:”الله محبّة، يسوع في قلبي”، ولكن بعد مرور فترةٍ زمنيّة على نَيلِه لسرّ الكهنوت يتخلّى عن هذا القول ويستبدله بآخر قائلاً:”الله محبة، يسوع ابتعد عن دربي”، إذ يفقد يسوع أولويّته في حياة هذا المؤمِن لتحتلّ مكانه الواجبات وبخاصّة الزيارات الرعائية. لا يستطيع الرّاهب، في عالمِنا هذا، الجلوس في صومعته، منادِيًا على المؤمِنِين للحضور إلى الكنيسة والمشاركة بالذبيحة الإلهيّة، بل عليه الانطلاق صوب الآخرين والتفتيش عنهم من أجل دعوتهم للكنيسة.
إنَّ بنيان الكنيسة يتطلّب أوّلاً انطلاق الرّسول صوب الآخرين، وجذبهم إلى الكنيسة من خلال مَثَلِه الصّالح، إذ عليه أن يُدرِك نظرتهم إليها. إنّ التّلاميذ الّذين أرسلهم الربّ للتبشير به، قد نجحوا في مهمَّتهم إذ أصبح عدد المؤمِنِين به في هذا العالم يفوق المليارات. فَلَولا إخلاصهم لكلمة الله واستشهادهم في سبيلها، كما استشهد الربّ من أجلنا على الصّليب، لما تمكّنت تلك الكلمة من الوصول إلينا في هذا العَصر.
ونقرأ أيضًا في إنجيل اليوم: “إذ كان هناك ابنُ سلامٍ، فسلامكم يستقرّ عليه”. إنّ بعضًا مِنَ الّذين نُلقي عليهم السّلام، نجدهم غير مكترثين لهذا السّلام، أو بالأحرى غير مُدرِكين لمعناه، إذ إنَّ عالمنا اليوم مليء بأخبار الحروب والغدر والخيانات، وبالتّالي أصبحنا في عالمٍ يجهل معنى السّلام.
إنَّ عالمنا اليوم يخلط ما بين السّلام والحرب، ولذا نجده يتكلّم عن الحرب كَمَن يتكلَّم عن السّلام، متسلِّحًا بالتزامه بحقوق الإنسان. إخوتي، إنّنا في بعض الأحيان، نمهِّد للحروب بين البشر لا إلى السّلام، وبخاصّة من خلال لساننا، الّذي يكون أقسى من أقوى الحروب، فهو يستطيع أن يهدم لا الأمور الماديّة الخارجيّة وحسب، إنّما النّفوس أيضًا.
إخوتي، لنسعَ كي يكون لساننا وقلبنا وعقلنا، أدوات سلامٍ، أدوات تعكس محبّة الله لنا للآخرين. لنسعَ إلى البحث عن تلك المحبّة المخبّأة في داخلنا ونكتشفها، ففي بعض الأحيان، قد نكتشف تلك المحبّة ونسعى إلى طَمرِها لا إلى إظهارها. فلنسعَ إخوتي، إلى اكتشاف تلك المحبّة في داخلنا، ونسعى إلى إظهارها للآخرين، فتكون مصدر جذب لهم صوب الربّ يسوع وكنيسته. لنسعَ إخوتي، كي نكون على الدّوام شعلةَ نارٍ، شعلةَ سلام ومحبّة لِمَن له المجد إلى أبد الأبدين، آمين.
ملاحظة: دُوِّنت العظة مِن قِبَلِنا بتصرُّف.
[/column]
[blank h=”20″]
[/blank]