تأمّل روحيّ للخوري جوزف سلوم،
من المرشدين الروحيّين لجماعتنا الرسوليّة،
كيف أكتشفُ إرادة الله في حياتي؟،
إنَّ اكتشاف إرادة الله في حياتنا أمرٌ غاية في الأهمية، وهو أساسيٌّ في إيماننا المسيحيّ، ولكن كيف نَصِلُ إلى ذلك؟ في البداية، علينا تحديد إرادتنا ورغبَتنا في الحياة، ومن ثمَّ معرفة إرادة الله، وبعدها تحديدُ إذا ما
كانتا تتوافقان معاً أم لا. يقولُ بولس الرسول في رسالته الأولى إلى تلميذه تيموثاوس: “إنَّ الله يريد أن جميع النَّاس يخلصون”. فإرادة الله إذاً هي خلاصُنا وحسب، وهي تتجلَّى عبرَ التاريخ بأكمَلِهِ، ولا يقتصرُ ظهورها على حدثٍ أو اثنين.
في أغلبِ الأحيان، لا نتمكَّنُ من فَهْمِ سببِ وقوع حدثٍ مُعيَّنٍ في حياتنا، ونطرحُ سؤالنا الدَّائم: لماذا يحدث هذا لي؟ وهو سؤالٌ لا جوابَ له، إذ لا يمكِنُنا فهم السَّبب مهما فكَّرنا، ولكن يمكننا أن نقبلَ هذه الأحداث فقط، لِنَصِلَ بعدها إلى قبولِ سيادة الله على حياتنا. ونحنُ نقبلُ هذه السِّيادة مهما كانت، ونُعلِنُ هذا القبول عندما نُصَلِّي كلِمَتَيْن اثنتَيْن: “لتكُنْ مَشيئتكَ”، وعلينا أن نَتَنبَّه وننتظِرَ لنرى ماذا يريدُ الله مِنَّا عبر النَّظرِ في أحداثِ تاريخِ حياتنا، واللهُ يساعدُنا مع الوقت لنفهمَ ونتعلَّمَ.
نحن نريد أن نكون سببَ سرور الله عندما نُرضِيه هاتفين “لِتَكُن مشيئتكَ”، إذ نُسْلِمْهُ ذاتنا، حتى وإن لم نفهمْ سببَ الجراحِ والصعوبات والتَّحدِّيات التي تُثْقِلُ قلوبَنا وأرواحَنا، فيفرح الرَّبُّ بنا كما فرحَ الرب عندَ اعتمادِه في نهر الأردن على يدِ يوحنا: “هذا هو ابني الحبيب الذي به سُرِرْت”.
في الكتاب المقدَّسِ، إرادةُ الله تحمل الكثيرَ من المعاني ومنها: القضاءُ الأزليُّ، الاختيارُ، الدَّعوةُ، التَّحريرُ، المواعيدُ، الخلاصُ، وغيرها.
إرادةُ الله مُحقَّقةٌ في السّماء، وعندما نرغبُ في تحقيقِها على الأرض أيضاً – بإعلان التسليم التَّام لله وسيادَتِه المطلقةِ على حياتنا- ينتفي وجودُ الأرضِ من حياتنا، وتَتَحوَّلُ الأرضُ سماواتٍ جديدةً: “لتكُن مشيئتكَ، كما في السَّماء كذلكَ على الأرض”. إذ أنَّ ما يميِّزُ الأرضَ عن السَّماء هو عدمُ معرفتنا لكيفيَّة إعلان: “لتكن مشيئتك”، وعندما نعلنها تختفي الفوارقُ بينَ الأرضِ والسَّماء وتُضحي الأرضُ سماءً.
إرادة الله في حياتنا هي فرحُنا وسرورنا، فاللّه يريدُ خلاصَنا، ويريدُ أن نكونَ سعداءَ في حياتِنا. وتحقيقُنا لإرادة الله وعيشُنا بحسبِ المسيحيَّةِ الحقَّة لا يعني أن نحيا بألمٍ وعذابٍ مُستمرٍّ، فإلهنا يريدُ فرحَنا جميعاً.
ملاحظة: دُوِّن التأمّل بأمانةٍ مِنْ قِبَلِنا.