“لا أدعوكم عبيدًا بعد اليوم بل أحبّاء” (يو 15: 15-21)

عِظة للأب ايلي مظلوم، خادم كاتدرائيّة مار عبدا – بكفيا، المتن.

باسم الآب والابن والروح القدس، الإله الواحد، آمين.

أحبّائي، في هذا المساء المبارك، نلتقي مع جماعة “أذكرني في ملكوتك”، في القدّاس الشهريّ، لنصلِّي معًا من أجل راحة أنفس أمواتنا. إنّها لفرحةٌ كبيرة أن نلتقي مجدّدًا معكم في شَرِكةِ صلاةٍ بين كنيسة الأرض وكنيسة السَّماء، فنُعبِّر سويًّا عن إيماننا بالحياة الأبديّة من خلال صلاتنا لإخوتنا الراقدين. إنّ صلاتَنا لإخوتِنا الراقدين هي علامة وفاء منّا لأحبَّائِنا الّذين غادروا هذا العالم، فَهِي وسيلة تَواصُلِنا الوحيدة معهم. إنّنا نصلِّي لأمواتنا في هذه الذبيحة الإلهيّة طالبين من الربّ أن يرحمهم وأن يغفر لهم خطاياهم، وسائلين إيّاه أن يهب التعزية لعائلاتهم، من خلال تذكيرهم بالخِصال الحميدة للمنتقلِين من بيننا.

في بداية هذه السَّنة الطقسيّة الجديدة، يذكِّرنا الربّ يسوع من خلال إنجيله الّذي تُلِيَ على مسامِعنا اليوم، بأنّه قد حرّرنا من كلّ عبوديّة، وجَعَلنا أبناء لله الآب من جديد، بِقَولِه لنا: “لا أدعوكم عبيدًا بعد اليوم بل أحبّاء” (يو 15: 15-21). إنّ الربَّ يسوع قد خلَّصنا من العبوديّة، ورَفعنا إلى مستوى الأحبّاء، بل أكثر من ذلك، إذ جَعَلنا أبناءه، فالعَبدُ لا يعلم ماذا يفعل سيِّده. إنّ الله قد تبنّانا بيسوع المسيح ودعانا إلى أن نُعطي ثَمرًا في هذا العالم، قائلاً لنا: “لم تختاروني أنتم، بل أنا اخترتكم وأقمتكم، لتذهبوا وتُثمروا ويبقى ثَمَرُكم” (يو 15: 16).

إنّ الثِّمار الّـتي تُعبِّر عن قبولِنا البُنوّة لله، والّتي يريدها الله هي: المحبّة والصِّدق والشفافيّة والصّلاح والبرارة والطّهارة والحقّ والعدالة، بمعنى آخر، إنّها كلّ القِيَم الّتي يحتاجها عالمنا اليوم، والّتي علينا أن ننقلَها إليه نحن المسيحيّين. مع بداية هذه السَّنة الطقسيّة، وفي أُسبوع تقديس البيعة، تدعونا كلمة الله اليوم إلى تقديس ذواتِنا أولاً، ساعين إلى حثّ كلِّ مَن حَولِنا إلى السَّعي للقداسة.

إنّه شرفٌ عظيمٌ لنا نحن البشر، خَصَّنا به الله، إذ جَعلنا من أبنائه. وبالتّالي علينا أن نُعبِّر عن قبولِنا بتلك العطيّة فنُعبِّر عن محبّتنا لله من خلال محبّتنا للآخرين، طالبين من الربّ النِّعمة لنتمكّن مع مَن حَولِنا من الوصول إلى القداسة. من خلال محبّتنا للآخرين، نحقِّق وصيّة الربِّ لنا بأن نُحبّ بعضنا بعضًا كما هو أَحبَّنا. إنّ مَحبَّتنا للآخرين تُتَرجم بالقول والفِعل: من خلال خِدمتِنا لهم، ومساندتهم ومسامِحتهم على أخطائهم، فالمحبّة الّتي يطلبها منّا الربّ تدفَعُنا إلى بناء الجسور مع الآخرين، المحيطين بنا، كما تدعونا إلى بناء الجسور أيضًا مع إخوتنا الّذين سَبَقونا إلى السَّماء.

في هذه الذبيحة الإلهيّة، نصلِّي إخوتي إلى الربّ، من أجل إخوتنا المنتقلِين من بيننا، كي يفيض الربُّ عليهم مراحمه، طالبين من الربّ أن يعلِّمنا كيفيّة العيش في هذه الحياة، كأبناءٍ لله، فتُثمر حياتنا، ثمارًا تقودنا إلى الحياة الأبديّة. إخوتي، إنّ الإنسان يحصد ما يزرع: فَمَن يزرع الخير يحصد خيرًا، ومَن يزرع شرًّا يحصد ثمَر خطاياه.
إخوتي، إنّ الصّواني، الّتي تُجمَع في هذه الذبيحة الإلهيّة الّتي نحتفل بها مع جماعة “أذكرني في ملكوتك”، والّتي نقدِّمها من أجل راحة أنفس موتانا، تعود إلى تلبية حاجات الأكثر حاجةً في الرعيّة.

ملاحظة: دُوِّنت العظة بأمانةٍ من قِبَلِنا.

Instagram
Copy link
URL has been copied successfully!
WhatsApp