“لقد قام فينا وبيننا نبيٌّ عظيم، وافتقد الله شعبه” لو 16:7،
عظة الأب جان مطران كنيسة القدّيسة بربارة – زحلة.
باسم الآب والابن والرّوح القدس، الإله الواحد، آمين
إخوتي الأحبّة،
أيّها المؤمنون بالرّبّ،
هذا الأحد في كنيستِنا الملكيّة الروميّة، هو الأحد السادس بعد رفعِ الصّليب الكريم المقدّس، وفيه خصّصَت أمّنا الكنيسة قراءةَ هذا الانجيل المقدّس الطاهر، الّذي تُلِيَ على مسامِعنا، وهو إحياءُ ابن أرملة نائين، إنّه ابنٌ وحيدٌ لأمّه. في هذا اليوم المبارك والمقدّس، تطابقَ هذا الانجيل، الّذي يتكلّم عن الأموات وعن الرّبّ يسوع، الّذي هو إله الأحياء والأموات، مع احتفال جماعة “أذكرني في ملكوتك” بقدّاسها الإلهي الشهريّ في رعيّتنا. “إنّ السيّد المسيح هو إلهُ الأحياء والأموات”، بهذه الكلمات نستطيع اختصار هذا الانجيل. ويقول أحد الآباء القدِّيسين: “إن مُتنا فللربّ نموت، وإن حَيِينا فللربّ نحيا” (رو 8:14). إنّ الآية الّتي اخترتها عنوانًا لعظتي والّتي قرأتها على مسامعكم، “فقد قام فينا نبيٌّ عظيم، وافتقد الله شعبه”، يُقصَد بها أنّ الله أرسل ابنه الوحيد ليخلِّص كلّ إنسانٍ آتٍ إلى العالم. إخوتي، إنّ ابن هذه الأرملة، كان أمل أمّه الوحيد في هذه الحياة. وها هو الآن ميّت أمام أمّه، تلك الّتي كانت ترى من خلاله الحياة، فقد فقدت كلّ أملها ورجائها في هذه الحياة بموته. إنّ يسوع كان متجّهًا إلى كفرناحوم، مع تلاميذه، للتبشير، والنّاس كانت تتبعه. وكان على يسوع أن يمرّ بقرية نائين القريبة من كفرناحوم. وعند مروره، رأى تلك المرأة الأرملة، تبكي وحيدها الّذي كان أملها في الحياة، فتحنّن عليها طالبًا منها عدم البكاء، ولذا اقترب من النّعش قائلاً للشّاب: “قُمْ”، فاستجاب له الميّت وقام، وبدأ بالكلام. لا أحد يستطيع أن يقيم الموتى غير الله. إنّ هذا الانجيل هو استباقٌ لموت الرّبّ يسوع المسيح وقيامته في اليوم الثالث. إنّ الربّ يسوع المسيح، يستطيع بقوّته الإلهيّة أن يقوم، فيقيم معه كلّ إنسان آتٍ إلى هذا العالم.
في قاموسنا المسيحيّ، لا وجود لكلمة “موت”، إنّما استبدلت بكلمة “رقاد”. ففي اللّغة الفرنسيّة cimetière تعني مكان الأموات. أمّا في اللّغة اليونانيّة، فكلمة “سيميتيريون”، تعني الرّقاد لا الموت، وهنا يجدر الإشارة إلى أنّ في اللّغة اليونانيّة، لا معنى لكلمة موت. ونحن المسيحيّين، لا نؤمن بالموت، إنّما برقاد الإنسان على رجاء القيامة مع الربّ يسوع القائم والمنتصر على الموت. إنّ لعازر قد مات وكذلك ابن أرملة نائين، والرّب يسوع أقامهما من الموت، إنّ هذين عندما ماتا، لم يريا شيئًا سوى ظلمة حالكة، وذلك لأنّ الفردوس لم يُفتح إلّا عند قيامة الرّبّ يسوع الّذي انتصر على الموت، وكما تقول الترنيمة: “ووطئ الموت بالموت ووهب الحياة للّذين في القبور”، فكلّ الّذين ماتوا قبل المسيح، كانوا في حالة انتظار لمجيئه. وعندما أتى يسوع وفتح الفردوس، أدخل معه كلّ النّاس ولم يُبقِ أحدًا في الخارج. من هنا، إخوتي الأحبّاء، نحن مدّعوون اليوم، إلى أن نكون أحياء للسيّد المسيح وأن نعيش إيماننا بعمق، لكي نحيا مع السيّد المسيح القائم والمنتصر على الموت، فنستطيع أن نقوم من خلال إيماننا به.
ملاحظة: دُوِّنت العظة بأمانةٍ مِن قِبَلِنا.