عظة الأب ابراهيم سعد،
رعية القدّيس نيقولاوس – بلونة.
“من يسمع كلامي ويؤمن بالذي أرسلني، فله الحياة الأبدية…” (يو25:4)،
باسم الآب والابن والرّوح القدس، الإله الواحد، آمين.
نحتفل اليوم بالقدّاس الإلهي من أجل راحة نفوس الأموات وللسنة السابعة. أمّا لمن يتساءل كيف يمكن أن نصليَ من أجل الأموات الأحبّاء، وعندنا الرجاء والإيمان بأنهم في حضرة الله، في الرحمة الإلهيّة، وفي هذا الدفء الإلهي، ونحن هنا نشعر بالبرد بسبب ضجيج الدنيا وأهوائها وخطاياها، حيث نغرق أو يغرق فيها أحدهم ويبللنّا. كيف يمكن أن نتطلّع إلى الحالة التي تكون فيها الأموات، ونحن هنا في حالة الموت الروحي إذا كنّا نغرق في هذه الدنيا؟.
يقول إنجيل اليوم: “من يسمع كلامي ويؤمن بالذي أرسلني فله الحياة الأبديّة، ولا يأتي الى دينونة، بل قد انتقل من الموت الى الحياة”. (يو 25:4)
أمّا حياتك الحقيقية، وإحساسك بالدفء الإلهي فيبدأن عندما تدخل كلمة الله فيك، وتؤمن بالذي أرسل يسوع وتعيش بأمان فيه، وتتذوق طعم الحياة الأبديّة في لحظة قبولك كلمته.”إنها تأتي ساعة، وهي الان حاضرة، حين يسمع الأموات صوت الله والذين يسمعون يجيبون” (يو 25:5). اذًا الان الساعة حاضرة بسماعكم للانجيل، وينطبق هذا القول عليكم اليوم، الآن الساعة حاضرة فنحن أموات، وكلّ واحد هناك أمر يقوده الى الموت الروحي أو الأهواء والخطايا. فالكره والحقد، وعدم تحمّل الواحد للآخر كل هذا يجعل الموت يحفر فينا، أما اذا سمعنا صوت ابن الله فنعود ونحيا من الموت الذي نحن فيه ونتحرّر من هذه الأمور. واذا لم يكن عندنا الايمان والثبات بأنه حقًا ابن الله سيخرجنا من هذا المكان، فنحن في وضع صعب جدًا. كأننا في قبر ولو كنا في القصور، في قبر نفسنا، وروحنا قد لامست الجسد بدل أن تكون روحنا قد لامست النعمة. كانت كلمة الله تعمل فينا ونحن روحيّون وليس جسديّون وبالرغم من الجسد، فنحن روحيّون لأننا على وصال واتصال بالرّوح الالهي. ونحن في هذا القلب ، في هذا الجسد الفاني، كما أن الآب هو الحياة في ذاته، كذلك ابن الله هو الحياة في ذاته وكل سلطان الله هو عند يسوع المسيح الربّ. ويعود ويقول انها تأتي ساعة ولم يعد يسمع فيها جميع من في القبور، وهنا يتكلّم عن الذين رحلوا، ورقدوا، وهم سيسمعون الصوت الإلهي فيخرجون من عملوا الصالحات الى قيامة الحياة، والذين عملوا السيئات الى قيامة الدينونة، فالكلّ يقوم، الكلّ في القيامة، الواحد بسبب ما صنع وكيف عاش وكيف كانت كلمة الله تحتلّ كيانه، وهذا لا يقدر أن يعيش الّا في الصلاح وسيتذوق طعم القيامة. أما الذين قرروا عن سابق اصرار وتصميم أن لا يتبعوا هذه الكلمة، ولا يتبعوا الله، فهم تلقائيا سوف يعملون السيئات وسيتذوقون في القيامة طعم القيامة، ولكن الأول يتذوق القيامة وهو في فرح، لأنه يربح الملكوت والمائدة أيضًا ممدودة له، أما الآخر يتذوق القيامة لأنه يرى كلّ شيء وهو حرم نفسه من كلّ شيء، فيصبح طعم القيامة مرّا، وهذه هي الدينونة فالربّ يمدّ لنا مائدة الفصح ولكن الذي يرفضها سيكتشف هناك أن قراره كان خاطئًا لذلك يحسّ بطعم القيامة ولكنه مرّ.
أما الذين عملوا الصالحات فلهم طعم الحياة اذا كانوا يتذوقونها من هنا، بسبب ارتباطها بكلمة الله سوف يعرفون طعمها فيما بعد. وهكذا يعيشون الانتصار بفرح، وهذا هو الرجاء، ولكن إذا كان قرارهم أن يرفضوا الله وحبّ الإله فلن يتذوقوا شيئًا. هذه هي مشيئة الآب الكلّ يخلص، حتى من لا يريد الربّ فهو لا يرغمه على ذلك. فخذ الحياة بصدق واخلاص وأمانة، في السلوك والحياة، في النظر، في السمع، وفي الخدمة، فتكون أنت رسول الله الجديد والمبشّر له بحقّ، فاذا نظروا إليك أو سمعوك أو اختبروا حياتك فتكون قد نقلتهم من الموت الا الحياة لأنهم سينظرون الله فيك فيؤمنون وعندها يتذوقون القيامة. آمين.
ملاحظة: دُوِّنت العظة بأمانةٍ مِن قِبَلِنا.