نص الخبز والسمكتين، يو6/1-15،

الأب ميشال عبود الكرملي – دير سيّدة الكرمل – الحازمية.

ياسم الآب والابن والروح القدس، الإله الواحد، آمين

إنّ النّصوص الإنجيليّة المختلفة، لهي مرايا لحياتنا، فعندما نقرأ اي نص من الانجيل، نقارنه بما نعيش ونرى هلى نعيش مثلما يريد يسوع. في نصّ ” الخبز والسّمكتين ” نرى العدد 7 للخبز والسّمك مجموعين، هو عدد الكمال، أمّا اثنتا عشرة القفّة، فهو عدد تلاميذ يسوع من جهة، وعدد أشهر السّنة من جهة أخرى، فهو عدد الاكتمال. وهذا يعني ان عطايا الله، لا متناهية تكفينا مدى الحياة. وقد ذكر هذا النّص في الأناجيل الأربعة(متى-مرقس-لوقا-يوحنا) ، ويرى آباء الكنيسة في هذا النّص “صورة الإفخارستيا “.

ورد في بداية النّص: ” وصعد يسوع إلى الجبل ، وجلس هناك مع تلاميذه”؛ فباعتبار الإنجيل بكلّ نصوصه مرآة لحياتنا كما سبقت الإشارة، فهذا يعني أن حياتنا، بأدق تفاصيلها، إنّما هي ” مسيرة نحو الجبل “، مما يعني أن عالمنا الأرضي لا يعدو أن يكون واديا يظلله ليل هذه الحياة بمرارتها وتجاربها القاسية؛ وأن هدفنا الوحيد الأوحد لا يعدو أن يكون بصيص نور الأمل المودي بنا إلى قمّة الجبل؛ تعترضنا الصّعوبات المختلفة وتشقينا شتى المشقات؛ إلا أنه على نظرنا، وقلبنا، وفكرنا، أن يشدّوا إلى نور الأنوار، إلى القمّة المشعّة، إلى الملكوت؛ ويرافقنا في مسيرتنا أهلنا،والأصدقاء،وشريك الحياة؛ منهم من ” يموت” فنبكيه لأنّه تركنا وسط المسيرة، إلا أنه يكون قد سبقنا إلى النور،إلى القمّة المضيئة، إلى الملكوت،وهذا هو رجاؤنا بيسوع المسيح.
وعندما نصل إلى القمّة، يخرج كلّما نعرفه من حدود الزّمان والمكان، ويخرج الإنسان من حدود هذين الأخيرين، فيسكب النّور شعاعه وظلّه علينا ،كالشّمس التي تشرق على الكلّ دون استثناء.
وهكذا، فإنّنا جميعا تلاميذ يسوع، نسير معه نحو الجبل، حيث نور الأنوار ومبدع الكلّ ، الله، ربّنا وإلهنا.
أما بالنّسبة إلى طلب التّلاميذ من يسوع المسيح صرف الجماهير الغفيرة لأنّها تعبة من جهة، وستتعبهم وتعيق مسيرتهم من جهة أخرى؛ وأكثر فهم جائعون ومنهكون؛ فكان ردّ المسيح: ” أعطوهم انتم “، وكأنّي بالمسيح يلقي على عاتق التّلاميذ مسؤوليّة اهتمام الإنسان بأخيه الأنسان، وهي بالأصل من علامات الله! فالله ما خلق الإنسان وتركه يتخبّط في أمواج هذه الحياة!بل ساعده وسانده واستجاب لطلباته…فقد أراد المسيح بطلبه شبه المستحيل هذا، أن يعلّم تلاميذه كيف ” يحقّقون صورة الله، ويعملون على مثاله “، بعدم تركهم تابعيهم هائمين على وجوههم، جائعين ومضنوكين.
كما أنّ المسيح بقوله لتلاميذه: ” أعطوني مما عندكم “، إنّما هو يطلب كل ما عندنا ولو كان قليلاً، ليصيّره كثيراً، شرط أن يعطى بمحبّة. عندها قدّمت إليه خمسة أرغفة من الشّعير وسمكتين وهي طعام الفقراء بامتياز، فباركها يسوع، ورفعها ،وشكر ، وأطعم ما يزيد على خمسة آلاف رجل ما عدا النساء والاولاد،حتى شبعوا وفاض عنهم الكثير…

وبذلك أراد الرّب تنبيهنا إلى إخوتنا حتّى نساعدهم في الضّيق مما أعطينا على الأقلّ حتى لا يبقى في الدّنيا جائع أو محتاج…كما أنّه أرادنا أن ندرك أهمّيّة شكر الرّب على نعمه وعطاياه دائما وأبدا…
في هذه الدنيا خيرات كثيرة، تكفي كل سكان الارض دون استثناء، وأنما طمع الانسان وبخله واحتكار الخيرات عن أخيه، هو ما يجعل بعض الناس في عوز وجوع.
نحن بحاجة للأمانة في هذه الدنيا، بحاجة الى فكر الرب وعنايته… نحن يدان الرب، فلنعمل معه ومن اجله.

ملاحظة: دوّنت العظة من قبلنا بتصرّف.

 

ملاحظة: دُوِّنت العظة بأمانةٍ مِن قِبَلِنا.

Instagram
Copy link
URL has been copied successfully!
WhatsApp