هذه الجماعة الّتي سبقتنا بحاجةٍ إلينا والعرفان بالجميل لهم هو الصّلاة،

الأبّ جوزف العلم – رعيّة مار تقلا -المروج.

باسم الآب والابن والرّوح القدس، الإله الواحد، آمين.

نحن نحتفل، اليوم، بالذّكرى السّادسة لانطلاقة جماعة “أذكرني في ملكوتك” في رعيّتنا مار تقلا في المروج. يسّرني أن أنقل رسالة هذه الجماعة الّتي بدأت إثر إختبار عاشته عائلة من زوق مصبح جرّاء ألمٍ شخصيّ، إثر واقع رحيل أليم في سِّرِّ الموت. “هكذا بدأت الدّعوة، معكِ، جانيت، ومع عائلتك بفقدانِ زوجِك باسيليوس، ولكنّكِ، بنِعمة الله وتدبيره، عرفتِ كيف تُحوِّلين هذا الوجع الشّخصيّ المرير إلى نِعَمٍ عظيمةٍ، أفاضت في القلوب التّعزية والرجاء والفرح”.

كذلك الأمر في رعيّتنا. انتقلت هذه الجماعة إلى رعيّتنا جرّاء وجعٍ كبيرٍ. إثر رحيل غاييل، ابنة يولا ووليد، فتعرّفت العائلة على جماعة “اُذكرني في ملكوتك” ثمّ انتقلت إلى هذه الرّعيّة ومن بعدها إلى الرّعايا المجاورة، على أمل أن يزداد انتشارها. وذلك يُعلّمنا أمراً مهمّاً، وهو الاستفادة من وجعنا، وضعفنا فنعرف كيف ننطلق، من جديد، مع يسوع المسيح. والمشهد المؤثّر هو مشهد المصلوبيْن اللّذيْن كانا مع يسوع، حين قال له أحدهما “اُذكرني اليوم في ملكوتك” فيُجيبه “اليوم تكون معي في الفردوس”. نحن أيضاً، في كلّ مرّة نقول هذه الجملة بكلّ معناها، ومن كلّ قلبنا، سيذكرنا الربّ يسوع في الفردوس.

تعيش الكنيسة صراعاً مع كلّ فردٍ منّا لذلك دعونا نكون متيقّظين أمام إرادة هذه الصّراعات الكبيرة. يأتي أحدهم ويقول للكاهن إنّ لا داعي للصّلاة من أجل الأموات، فقد نالوا ما يستحقّونه بحسب أعمالهم على الأرض. وهناك أمثال عديدة في الإنجيل توضح هذا الأمر.
نحن، كَكهنة، كلّ مرّة نكسر القربان، نتناول القسم الأوّل على نيّة كلّ الجماعة والمرضى في رعاياهم. أمّا القسم الثّاني فنتناوله بعد أن نقول “أيضاً وأيضاً”، على نيّة الأنفس (المطهريّة) والأموات، وكلّ الّذين انتقلوا من هنا إلى الحياة الثّانية. تقوم الكنيسة بذلك في كلّ رعاياها سواء أكانت كاثوليكيّة أو مارونيّة أو أرثوذكسيّة. وهي لا تقوم بذلك اعتباطيّاً بل لأنّها مؤمنة به. هناك كنيسة حاضرة وكنيسة مُنتظرِة أيّ ما نُسمّيه بــ (المطهر) أو الفردوس حتّى نصِلَ إلى الّلقاء مع يسوع المسيح.

هذه الجماعة الّتي سبقتنا بحاجةٍ إلينا والعرفان بالجميل لهم هو الصّلاة الّتي نتقاعس عن القيام بها إلّا أنّ علينا الانتباه إلى هذه النّقطة. هم ينطلقون إلى الحياة الثّانية في حين أنّنا ننسى أسمى واجب تجاههم، ألا وهو الصّلاة الدّائمة من أجلهم.
هذه هي الذّكرى السّادسة لانطلاقة الجماعة، وهدفها هو أن نصلّي على نيّة كلّ الأشخاص الّذين فارقونا، كلّ المرضى والمنازعين، وأن ننتبه إلى أنّ حياتنا لا تنتهي على الأرض بل تبدأ في السّماء. لذلك كلّ مَن يقول لكم إنّه لا داعي للصّلاة من أجل الأموات والمرضى، اجعلوه يفهم هذه الحقيقة، وهي أنّنا وهؤلاء على صلة كبيرة.

نعرف أنّ العديد من النّاس ما زالوا على تواصل مع أشخاص فارقوا الحياة لأنّ المحبّة موجودة. فلكلّ منكم له شخص مغترب يبقى على تواصل دائم معه من دون أن يعرف أو يشعر بذلك. هذا التّواصل مختلف عن التّواصل عبر الهاتف أو وسائل التّواصل الإجتماعيّ، هو يشعر به خصوصاً في المرض والشّدّة. الأمّ تشعر بذلك،كما الإخوة إذا كانوا يُحبّون بعضهم البعض بِصدق. إذاً، بيننا وبين الأشخاص البعيدين عنّا، لمسافاتٍ كبيرةٍ تواصلٌ، فنشعر بِوجعهم وغضبهم لذلك نتّصل بهم في هذا الوقت، فَكيف بيننا وبين الّذين فارقونا إلى الدّنيا الأخرى؟

إذا لم نكن نتحلّى بهذا الإيمان فلا داعي لِمجيئنا إلى الكنيسة وللصّلاة وللمشاركة في القدّاس ولِتحضير أنفسنا للحياة الثّانية. دعونا في هذه الذّكرى المباركة، ننتبهْ إلى هذه المسألة المهمّة، ونُصَلِّ على هذه النّيّة المهمّة كي نَصِلَ إلى أن نلتقي كلّنا في الملكوت. في الصّلاة، نشعر ببعضنا البعض سواء أكان ذلك في الكنيسة الحاضرة أو في الكنيسة الغائبة.

 

ملاحظة: دُوِّنت العظة بأمانةٍ مِن قِبَلِنا.

Instagram
Copy link
URL has been copied successfully!
WhatsApp