وتعزيتنا اليوم لهؤلاء الأبطال الذين انتقلوا إلى الرّبّ تكون بالصلاة لأجلهم،

كنيسة مار الياس – زوق الخراب، ضبيه.

باسم الآب والابن والرّوح القدس، الإله الواحد، آمين.

نُقدِّم هذه الذبيحة الإلهيّة في مطلع هذا العام الجديد، على نيّة كلّ ذكرى من جماعة “اذكرني في ملكوتك”، ونحملها بشوق وحبّ وحنين وإيمان للرّبّ يسوع المسيح، على نيّة الراقدين الذين سبقونا إلى الملكوت السّماوي.
أحبّ أن أتكلّم عن الرجل العظيم، يوحنّا المعمدان، هذا الرّجل الجريء الشجاع، الواثق من نفسه، الذي يعيش دعوته بكل معنى الكلمة؛ والذي يختم العهد القديم بشخصه، ويقودنا إلى العهد الجديد وإلى مسيرة جديدة؛ ويتساءل يوحنا في مسيرته عن هويّة الآتي من بَعده…. وقد استعمل يوحنّا أجمل تعبيرين وهما:حمل الله، وابن الله…

و”حمل الله” تعني، أنّه الفصح الجديد والذبيحة الجديدة، وأنّه الحمل الذي سِيق إلى الذبح، وقدّم ذاته من أجل خلاصِنا. ويَرُدُّنا يوحنّا إلى نبوءة أشعيا، الذي تنبأ قبل المسيح بسنواتٍ عديدة حول الفصح والذبيحة، والحمل الذي سوف يكون التّقدمة في سبيل خلاص نفوس البشر.

وقد صرَّح يوحنّا في الوقت ذاته عن هويّة أُخرى ليسوع المسيح، أنّه هو ابن الله. ويَعتَرِف أنّه يُعمِّد بالماء، أمّا يسوع فسيُعَمِّد بالروح القدس، أي أنّه يُشير إلى التغيير الذي جرى قبله وبعده. فكان يُحضِّر في عهده لمعموديّة غفران التوبة، ويُحضِّر الشعب لمجيء المخلّص المنتطر، لأنّ مجيئَه حدثٌ عظيمٌ، حيث ننال ولادة جديدة بنعمة الروح القدس. وهنا تظهر عظمة هذا الإنسان: فقد كان همّه أن يحقق مشيئة الله الآب من خلال شخصه، ليُحضِّر لمجيء المخلِّص يسوع المسيح. وهذه التضحية الكبيرة عاشها أمواتنا وأحبّاؤنا، ونتذكّرهم اليوم في وقفة مميّزة وخاصة، إذ إنّهم لم يعملوا من أجل ذواتهم في هذه الحياة، وإنّما من أجل إسعاد الآخرين أكثر من إسعاد ذواتهم. فقد بذلوا أنفسهم على مِثال معلّمهم يسوع المسيح، وأصبحوا تقدمة حقيقيّة، إيمانيّة وروحيّة، في سبيل كلّ إنسان التقى بهم. وتعزيتنا اليوم لهؤلاء الأبطال الذين انتقلوا إلى الرّبّ تكون بالصلاة لأجلهم .

وأحبّ أن أختم اليوم بهذه الكلمة الرّوحيّة: كما نلنا الولادة الروحيّة بجرن العماد، كذلك، تنتظرُنا ولادة ثانية ننالها في الحياة الأبديّة، في السماء، مع الرّبّ يسوع المسيح. فقد لبسنا المسيح، وأصبح المسيح فينا بواسطة هذه المعموديّة، ومن خلال هذه الولادة الروحيّة سوف ننال ولادة عظيمة، خارج إطار الزمان والمكان، حتّى نصبح في إطار زمان ومكان الله، فقد أصبح موتانا في نعمة وأجواء وفلك الرّبّ يسوع المسيح. وعلينا أن نقتدي بهم، ونكون على صورتهم ومثالهم بأعمالهم الصالحة، وبإيمانهم الكبير، لنصل إلى حضن الآب السماوي، ونفتح قلوبنا وأيدينا إلى الرّبّ يسوع المسيح، هو الذّي قال لنا: “تعالوا إليّ يا أحبّائي رثُوا الملكوت الأبدي، المُعَدَّ لكم منذ إنشاء العالم”. فهنيئًا لأحبّائنا الذين انتقلوا إلى جوار الله الآب، وأصبحوا في دياره ونعمته. وهم اليوم تعزيتُنا، نحن أبناء البشر، لنستطيع أن نعيش هذا الرجاء والإيمان. ونقدّم هذه الذبيحة على نيّتنا نحن الأحياء على الأرض، وعلى نيّة كلّ الأحياء الذين سبقونا إلى الرّبّ. آمين.

 

ملاحظة: دُوِّنت العظة بأمانةٍ مِن قِبَلِنا.

Instagram
Copy link
URL has been copied successfully!
WhatsApp