وعلينا أن نسلِّم هذا الرّجاء لأولادنا ولمـَن يحيطون بنا،

عظة للأب أنطوان خليل – كنيسة دير مار يوسف-المتين.

باسم الآب والابن والرّوح القدس، الإله الواحد، آمين.

إنّ الرّبّ يُكلِّمنا اليوم، من خلال هذا الانجيل للقدّيس يوحنا، فيُخبرنا أنّنا سنعيش خبرات من الألم والحزن، إذ سنتألم لفقدان أحبّاء وأعزاء، قدّموا من أجلنا التضحيات تعبيرًا عن حبِّهم لنا. ويضيف أنّنا سنتعزّى به، هو الرّبّ، الّذي قام من بين الأموات كي يخلِّصنا، وأقام معه جميع الراقدين. إنّنا نترّجى أيضًا، نحن أبناء الإيمان، ولادة الّذين غادروا هذه الأرض الفانية، في أحضان الله الآب. إنّ الرّبّ يدعونا في هذا الانجيل لنطلب منه ما نشاء، فنحن حتّى الآن، لم نطلب منه شيئًا، ويقول لنا إنّه حاضرٌ لتلبية طلباتنا الّتي نرفعها إليه من خلال الصّلوات والنوايا.

إخوتي، إنّ الرّبّ يقول لنا إنّه كلّما اجتمع اثنان أو ثلاثة يكون هو حاضرًا بينهم. وهذا ما تختبره جماعة “أُذكرني في ملكوتك” الّتي تجتمع شهريًّا للصّلاة من أجل شفاء المرضى، وكي يتحمّلوا صعوباتهم وآلامهم، كما تصّلي أيضًا من أجل أولئك الّذين لا رجاء في شفائهم الجسّدي. إنّنا على رجاءٍ كبيرٍ أنّ مرضانا يعتصمون بالصّبر، ويحتملون أوجاعهم متأمّلين بصليب يسوع المسيح الخلاصيّ، ومتعلّقين بإيمانهم به. إنّنا واثقون أنّهم إن أغمضوا أعينهم عن هذه الدّنيا، فسيفتحونها على مشاهدة وجه الرّبّ. وهذا ما يفسِّر لنا حال بعض المرضى الّذين لا تفارق الابتسامة وجوههم، على الرّغم من أنّهم على فراش الألم، وعلى الرّغم من عِلْمهم أنّهم راحلون عن هذه الفانية، يعتصمون بإيمانهم بيسوع المسيح، ويترّجون رؤية وجهه عند انتقالهم.

ونحن أيضًا في هذه الجماعة نصلّي من أجل موتانا الّذين نذكرهم ونستحضرهم، ونشكرهم على تضحياتهم، على تعبهم من أجلنا، وعلى محبّتهم لنا، حين كانوا على هذه الأرض. إخوتي، نحن أبناء وورثة هؤلاء الأشخاص الّذين ربوّنا وأحبّونا، واهتّموا بنا. إنّ هؤلاء الأفراد الّذين التقينا بهم في حياتنا، قدّموا لنا دفعات إيجابيّة في هذه الحياة، دفعاتٍ مليئة بالحبّ والخدمة والتّضحيّة. إنّ هؤلاء النّاس، وإن سبقونا إلى دنيا البقاء، يبقَون بالنسبة إلينا مدرسةً، نستقي من خبراتهم العِبَر والدروس، ونتخذّهم قدوةً لنا في تعاملنا مع الآخرين عبر إعطاء الآخرين دفعات إيجابيّة في هذه الحياة، مليئة بالتضحيات والمحبة والخدمة، كما سبق وفعلوا هم معنا.
إخوتي، إنّه لمهمٌّ جدًّا أن ترتكز لقاءتنا على الإيجابيّة. إنّ الانسان القاسي، لا يثق بالنّاس، وعندما تلتقون بإنسان كثير الحَذَر في علاقاته مع الآخرين، إنّما هذا يكون دليلاً على أنّه تعرّض إلى السلبيّة من قِبَل أشخاص قد التقى بهم في حياته، ويعتبر أنّ تلك اللقاءات قد أعطته دروسًا صعبة في الحياة، ولذا هو أصبح، على حَذَر مع النّاس أجمعين. إنّ الحياة، من خلال صعوباتها، قد غيّرت هذا الإنسان الطفل، الّذي هو كتلة من المحبّة وهو أيضًا إشعاع ربّنا في خليقته، وجعلته ما هو عليه الآن، فما عادت تظهر على وجهه محبّة ربّنا وتضحياته من أجلنا: إنّ ربّنا قد مات كي يُخلِّصنا من خطيئتنا. لذلك علينا أن ننتبه ونفكّر جيّدًا قبل لقاء أحدهم ورؤيته، وقبل اتخاذ مواقف تجاهه. علينا أن نسعى كي نكون إيجابيّين مع الآخرين، محبّين لهم، ومضحيّن في سبيلهم، كي لا نغيّر فيهم الطفل الموجود في داخل كلّ إنسان فنبعدهم عن الرّبّ بتصرّفاتنا.

 

ملاحظة: دُوِّنت العظة بأمانةٍ مِن قِبَلِنا.

Instagram
Copy link
URL has been copied successfully!
WhatsApp