محاضرة للخوري ميشال صقر، 

تنشئة  حول”لاهوت الموت والقيامة”،

الموت والقيامة في إنجيل يوحنّا، 

استهلّ الخوري صقر اللّقاء بتقسيم الحضور إلى فرق، عمل كلّ منها على قراءة فصول إنجيل يوحنا
(18-19-20-21)، التي تدور حول موت وقيامة يسوع، وحاولوا أن يتوصّل من خلال هذا العمل، إلى معرفة “من هو يسوع ؟”، ” من هي أمّنا مريم العذراء؟”، ” كيف نرى كنيسة المسيح أي بطرس، يوحنّا والرّسل؟” في هذه الفصول.

وبعد الصّلاة لمريم وطلب مساعدتها في الإجابة عن هذه الأسئلة الثّلاث، بالنّعمة والحكمة، شرح الخوري صقر سبب وجود أربعة أناجيل مختلفة الاسلوب أما المضمون فواحد، إذ اختلفت احوال كاتبيها والمرسل إليهم، وأهدافهم، وأوضاعهم، ومنطقهم عن الحدث نفسه، كما حادث السيارة الذي يخبر عنه 4 اشخاص مختلفين: خبير، طبيب، كاهن ونائب: فأتى إنجيل متّى ليخبر قصّة يسوع بطريقة مسيحية يهوديّة، مستشهداً بالعهد القديم، وأتى إنجيل مرقس قصيراً مقتضباً، لا تفاصيل دقيقة فيه عن تعليم يسوع، ولكنّه كاف ليخبر عن أهم أعمال المسيح، ببساطة واختصار. أمّا لوقا فقد كتب للجماعات المسيحية الوثنيّة والغنيّة فقد أتى إنجيله داعياً هؤلاء إلى مساعدة الفقراء، ومبشّراً الخطأة، ومن يجهلون شريعة موسى برحمة الله الواسعة، وهو الإنجيل الوحيد الذي ذكر ما حصل مع لصّ اليمين الذي نال الملكوت في اللّحظة الأخيرة: ” يا ربّ اذكرني متى أتيت في ملكوتك “. أما يوحنّا فهو الإنجيل الرّوحاني الذي عرف أنّ الله محبّة.

ويتكوّن إنجيل يوحنّا من واحد وعشرين فصلاً، ويقسم إلى قسمين: “كتاب الآيات”(أول 12فصل) و” كتاب المجد” (9فصول) الذي يبدأ بغسل المسيح لأرجل التّلاميذ، وتمتدّ بعد ذلك خطبة يسوع من الفصل13 حتّى الفصل17، ليلة العشاء السّري، التي تنتهي بالصّلاة الكهنوتيّة ليسوع مع الآب على نيّة تلاميذه. أما موضوعنا الذي هو الموت والقيامة في انجيل يوحنا فهو في الفصول الأخيرة (18 حتى 21).
وتوقّف الخوري صقر عند ما هو خاص في انجيل يوحنّا، بالنسبة للموت والقيامة، حول المواضيع الثلاثة التالية: الكريستولوجيا، مريم العذراء والكنيسة.

1- يسوع المسيح: تتلخص الكريستولوجيا في سبعة أفكار هي:
أوّلاً: “يسوع هو الله”، من خلال الحوار الذي دار بينه وبين الحرّاس القادمين لاعتقاله: ” أنا هو “.
ويذكّرنا ذلك بما أجاب الله موسى عندما سأله هذا الأخير عمّا يقوله للشّعب، إذا ما سألوه عمن طلب منه أن يقودهم. وفي إنجيل يوحنّا نفسه نعرف تتمّة هده العبارة أي، ” أنا هو: النور- الحقّ- الحياة- القيامة…” .
ثانياً: “يسوع هو النّاصري”، أي الإنسان الآتي من أمٍّ وأبٍ، من النّاصرة، هو الذي مات حقّاً بإنسانيّة كاملة لا شكّ فيها، كما لا شكّ في ألوهيته الكاملة.

ثالثاً: “يسوع هو ملك”، إذ لا يظهر عند يوحنّا ضعف يسوع، ونزاعه على جبل الزّيتون؛ والملك هذا هو الذي أودى بيسوع إلى الموت، أي علّته التي تسبّبت بقتله، لأنّه من المستحيل أن يكون بين اليهود ملك غيرهم. وهو لا سياسيّ لأنّ سلطته تأتي من فوق، ويقول باحترام السّلطة. كما يظهر ملك يسوع في تحنيطه الملوكي عبر كميّة الطيب الكثبرة التي وُضعت لهذه الغاية.
رابعاً: ” يسوع هو نبي”، ليس بمعنى المتكهّن بالمستقبل، بل بمعنى: قائل كلمة الله، كلمة الحق في حينها.
وقد أتى يسوع من أجل الحقّ: أنا هو الطّريق والحقّ والحياة”، حقيقة الله التي لا ألوان فيها ولا خوف. وتتجسّد صورة يسوع عند يوحنّا كملك منتصر لا يخاف الموت ولا يهاب قول الحقيقة، الذي يصلب بفخر لا بذلّ.
خامساً: “يسوع هو الكاهن” من خلال قميصه ذي النّسيج الواحد من فوق إلى اسفل غير مخيط، وهذا لباس عظيم الكهنة عند اليهود، ممّا يعني انّ يوحنّا يرى يسوع كعظيم للكهنة.
سادساً: “يسوع هو الذّبيحة”، من خلال قول يوحنّا المعمدان في بداية الانجبل عنه، “هذا هو حمل الله”، وبعد الصلب قيل فيه ” لم يُكسر له عظم”، لأنّ حمل الفصح عند اليهود يذبح من دون أن تكسر عظامه. ولم يأت يوحنّا على ذكر تحوّل جسد ودم المسيح إلى خبز وخمر يوم الغسل لانّ الحمل-المسيح لم يكن قد ذُبح-صُلب بعد، ولكنّه ذُبح على الصّليب يوم الجمعة أثناء احتفال الكهنة في الهيكل بعيد الفصح.
سابعاً:” يسوع يقوم، يصعد إلى السّماء، ويبعث الرّوح في يوم واحد أي يجمع يوحنّا القيامة والصّعود والعنصرة في يوم واحد، عكس لوقا الذي أحبّ التّاريخ والدّقة، وفصل بين القيامة والصعود بأربعين يومًا، وبعشرة أخرى بينه وبين العنصرة، لأنّ يسوع، كما رأى يوحنّا تمّم الخلاص كلّه في وقت واحد.

2- مريم العذراء: أمّا مريم، فتظهر في إنجيل يوحنّا 19/25-27 كما يلي:
أوّلاً: رمز الأمومة، لورود لقب “أمّ” أربع مرّات في أربع آيات متتالية، دلالة على أنّها أمّ المؤمنين جميعاً، وأمّ أبناء الله أجمعهم، وأمّ الكنيسة.
ثانياً: هي امرأة العهد الجديد، أو حوّاء الجديدة، التي أعلن عنها يسوع في أولى عجائبه: ” ما لي ولك يا امرأة “، وعلى الصّليب: ” يا امرأة، هذا ابنك”.
ثالثاً: هي رمز الإيمان والرّجاء، لوداعها ابنها وداعاً استثنائيّاً، إنها أكثر من أم تودّع ابنها، إنها رمز لكل الشعب المؤمن برسالة المسيح.
أمّا يوحنّا فلا يرمز فقط إلى تلاميذ يسوع، بل إلى الكنيسة والمسيحيين ككلّ، كما أن العذراء تمثّل كل اليهود المؤمنين، تحت الصّليب.
وأظهر الخوري صقر هويّة النّساء الموجودات تحت الصّليب، من أمّه إلى أختها سالوما والدة يعقوب ويوحنّا، إلى امرأة كالوبّا شقيق مار يوسف حسب مرقس 6/3 و 15/40، ومريم المجدليّة.

3- الكنيسة: أمّا الكنيسة فقد ولدت على الصّليب من خلال الماء والدّم الخارجين من جنب المسيح، وفي معموديّة المسيح قبلها. فالعماد والإفخارستيا هما رمزا : الكنيسة.
ويتحدّث الخوري صقر عن أهميّة دور “بطرس”، في سؤال المسيح له: “أتحبّني؟”؛ ففي محبّة الإنسان لله يمكن أن يكون مسؤولاً، وفي محبّة بطرس العظيمة ليسوع، مسؤوليّة، سلّمه إيّاها يسوع، وجعله راعي الرّعاة. وفي كثير من المواقف الإنجيليّة إظهار احترام التّلاميذ الكبير للمسؤول، وهو بطرس، من دون أن يتنازع الآخرون على المنصب.
وكان تحدث عن دور يوحنا الحبيب الذي يمثل كل تلميذ مؤمن وحبيب ليسوع.
وأحبّ الخوري صقر أن يشير في النهاية إلى آية صيد السّمك بعد القيامة، لما فيها من رمزيّة في صيد التّلاميذ للبشر، بعدما كان للصّيد الأوّل قبل القيامة، رمزيّة اختيار المسيح لتلاميذه، ودلالة كون حدث القيامة رسوليّ، فيه شهادة للمسيح من قبل الكنيسة في العالم.

ملاحظة: دُوِّنت المحاضرة بأمانةٍ مِنْ قِبَلِنا.

Instagram
Copy link
URL has been copied successfully!
WhatsApp