تأمّل روحيّ،

الأب ميشال عبود الكرمليّ،

أنتَ مُرسَل،

إنّ الربَّ يسوع يدعونا جميعنا كي نكون رُسلاً له.

أن تكون مسيحيًّا، يعني أنّك نبيٌّ، أنّك كاهنٌ، أنّك مُرسَل. كانت مهمّة النبيّ تقوم على نقل كلمة الله إلى الشَّعب، ما يضعه أمام خيارَيـْن أساسِيّين: إمّا السَّير بحسب كلمة الله فيحيا، وإمّا السَّير بكلمة الضَّلال فيكون الموت مصيره. علينا إذًا، أن نحمل كلمة الله إلى الآخرين مِن دون خوف، لأنّها كلمة الحقّ. أن نكون كهنة، هو أن نُكرِّس ذواتنا لخدمة الآخرين كلّ حسب استطاعته، وعندها سنُدرِك معنى أن نكون قرابين تُقدَّم على مذبح الحياة، على مذبح الربّ. حين بشَّرها الملاك بالحَبَل الإلهيّ، لم تطلب مريم العذراء من الملاك أن يُرسِل ملائكة لخدمتها، بل انطلقت إلى خدمة أليصابات مِن دون أن تنتظر أن يطلب منها الملاك ذلك، أو نسيبتها أليصابات. إنّ الإنسان الممتلئ من الله، ينطلق إلى خدمة أخيه الإنسان. في المعموديّة على نهر الأردن، سمع يسوع صوت الآب قائلاً فيه: “أنت ابني الحبيب الّذي عنه رضيت”، وحلّ الرّوح القدس عليه، فانطلق إلى البريّة للصّلاة. ولـمّا عاد من البريّة، انطلق يُبشِّر كافة فئات المجتمع بكلمة الله: الأطفال، والمفكِّرين مثل نيقوديموس، والخطأة مثل مريم المجدليّة والزانية. في البريّة، حيث كان يسوع يعلِّم بكلمة الله خمسة ألاف رَجُل عدا النِّساء والأطفال، لم يصرفهم مِن دون طعام، بل قام بأعجوبة تكثير الأرغفة الخمسة والسَّمكتين، لتكون كافية لإطعام هذا العدد الكبير من النّاس. إنّ يسوع لم يتهرّب من شفاء المرضى الّذين أتوه طالبين لمس هُدبَ ردائه لينالوا الشِّفاء، متحجِّجًا أنّه يهتمّ فقط للتبشير بكلمة الله، بل منحَهم الشِفاء الروحيّ والجسديّ. كان حضورُ يسوع مُحبّبًا وبخاصّة عند الأطفال الّذين لم يخافوا من الاقتراب منه، بل ارتموا في حضنِه. وانتهت حياة يسوع بأن يكون مُعَلَّقًا على الصّليب، شهيدًا للحقّ. سامح جميع الّذين أذنبوا إليه قبل أن يُسلِم الرّوح، فمات مُطمَئنَّ البال، مرتاحًا. لقد قام من بين الأموات وأعطى معنىً للحياة.

لا يستطيع المؤمِن أن يكون مُرسَلاً ليسوع إن لم يكن قد تعرَّف إليه، فالإنسان لا يستطيع أن يُخبِر الآخرين عن شخصٍ لا يعرفه، وبالتّالي نكتشف هنا أهميّة الصّلاة. نحن نعلم أن الكنيسة هي جسدٌ واحد، وبالتالي لا تستطيع اليد أن تعمل بِمَعزلٍ عن الرأس، وكذلك نحن، إذ لا يمكننا نحن الأعضاء أن نعمل بمعزل عن الرأس الّذي هو يسوع المسيح. إنَّ المؤمِن لا يستطيع أن ينقل المسيح وكلمته للآخرين إن لم يقرأ عنه في الكتاب المقدَّس، أو يسمع صوته في داخله يُكلِّمه. وحين يفعل، فإنّه سيتمكّن من أن يكون “رائحة المسيح”، في كلّ مكانٍ يبشِّر ويتواجد فيه. 

ملاحظة: دُوِّنَ التأمّل بأمانةٍ مِن قِبَلِنا.

Instagram
Copy link
URL has been copied successfully!
WhatsApp