الولادة الجديدة،

عِظة للخوري الياس عازار، خادم رعيّة سيّدة الخلاص – مرجبا، المتن.

باسم الآب والابن والرّوح القدس، الإله الواحد، آمين.

إنَّ هذا الإنجيل (يو 3: 1-18) الّذي تُلي على مسامِعنا، هو حوارٌ بين مُعلِّمَين: مُعلِّم الشريعة اليهوديّة وهو نيقوديموس، ومُعلِّم العهد الجديد وهو يسوع. إنّ كلمة “مُعلِّم” تُطلَق عادةً على الإنسان الّذي يترك أثرًا في حياتنا، فمثلاً الّذي يقوم بِبِناء البيوت، ندعوه “مُعلِّمٌ” لأنّه ترك فينا أثَرَه من خلال عَمَلِه.
إنَّ نيقوديموس هو معلِّمٌ مِن مُعلِّمي النّاموس، بالنِّسبة إلى اليهود، لا لأنّه ترك فيهم أثرًا، بل لأنّه أعطاهم دُروسًا حول الشريعة اليهوديّة. أمّا يسوع، فكان معلِّمًا حقيقيًّا إذ ترَك أثرًا أوّلاً في نفوس تلاميذه بدليل قَولِ بطرس له:

“يا ربّ، إلى مَن نذهب وكلام الحياة الأبديّة عندك؟” (يو6: 68)، وثانيًا ترَك أثرًا في نفوس رؤساء اليهود، بدليل مجيء نيقوديموس إليه ليلاً، بعدما رأى هذا الأخير أعمال الربّ في عيد الفِصح وذُهِل فيها. جاء نيقوديموس إلى يسوع ليلاً ليسأله عن الحقيقة، فكان جواب الربّ له بأنّه عليه أن يُولَد من جديد. إنَّ الولادة الجديدة هي ولادةُ الإنسان من الرُّوح القدس، لأنّه حَسب قَولِ يسوع: “ما مِن أحدٍ يُمكِنُه أن يَدخُل ملكوت الله، إلّا إذا وُلِدَ من الماء والرُّوح” (يو 3: 5). إنَّ الولادة من الرُّوح هي المعموديّة، وهي شَرطٌ أساسيّ لدُخول الإنسان إلى ملكوت السماوات. ثمّ يتابع الربُّ حديثه مع نيقوديموس قائلاً له: “فإنْ كُنتُم لا تُؤمِنون عندما أُكلِّمُكم في أمور الأرض، فكَيف تؤمنون إذا كلَّمتُكم في أمور السَّماء؟” ( يو3: 12).

إنّ الولادة من الرُّوح تجعل الإنسان قادرًا على فَهْم أمور السَّماء، وبما أنَّ اليهود لم ينالوا معموديّة الرُّوح، أي أنَّهم لم يدخلوا في سرّ المسيح الفِصحيّ، فَهُم لم يتمكَّنوا من فَهْمِ أمور السَّماء الّتي كلَّمهم بها يسوع. عند اقتبال المؤمِن سرّ المعموديّة، يدخل في سرّ المسيح الفِصحيّ، أي أنّه يموت مع المسيح عندما يُرَشّ عليه ماء العماد أو يُغطَّس به، ويقوم مع الربّ عند خروجه من ماء العِماد. في يوم معموديته، يشترك المؤمِن في سرّ موت المسيح وقيامته، أي أنَّه ينال الحياة الأبديّة.

إنَّ الربّ يسوع يختم حديثه مع نيقوديموس بالقَول: “فإنَّ الله أحبَّ العالم حتّى أنّه جادَ بابنِه الوحيد، لكي لا يهلِكَ كلُّ مَن يُؤمِن به” (يو 3: 16). ويضيف الربَّ في مكانٍ آخر: “مَن آمَن بي واعتمد، يخلُص” (مر 16:16). إذًا، لقد تجسَّد الربُّ في أرضِنا لكي ينال كلُّ واحدٍ منّا الخلاص، بواسطة سرّ المعموديّة، معموديّة الرُّوح. وبالتّالي، يتوجَّب علينا نحن المؤمِنِين السَّعي لِعَيش المعموديّة، فنشهد للربّ بأنّنا إخوته من خلال أعمالنا مع الآخَرين. وبالتّالي، علينا التخلِّي عن الخوف من الموت، لأنَّ الربّ يسوع قد كَسَر شوكَة الموت، مُعطيًا المؤمِنِين به الحياة الأبديّة. إنَّ الربّ قد أحبّنا للغاية، فأعطانا الخلاص من دون استحقاقٍ منّا، فَلنُعَبِّر عن إيماننا به شاهِدِين له في حياتنا اليوميّة، لتكون لنا الحياة الأبديّة الّتي وَعد بها جميع المؤمِنِين به.

ملاحظة: دُوِّنت العظة بأمانةٍ مِن قِبَلِنا.

Instagram
Copy link
URL has been copied successfully!
WhatsApp