كلمة رجاء للأباتي سمعان أبو عبدو،
من المرشدِين الروحيّين لجماعتنا الرسوليّة،
“طوبى لفقراء الرّوح، فإنَّ لهم ملكوت السَّماوات” (مت 5: 3)
إخواتي وإخوتي، جماعة “أذكرني في ملكوتك”، أينما كنتم في لبنان وفي بلاد الانتشار، أُحَيِّيكم بِكَلمةِ رجاءٍ:
سأنطلق وإيّاكم إلى نبع الكلمة الحقيقيّة، يسوع المسيح في الإنجيل:”طوبى لفقراء الرُّوح، فإنّ لهم ملكوت السَّماوات”(متى 5: 3).
في بداية حياته العَلنيّة، يدعونا يسوع إلى التَّوبة، ويُعلِن لنا الـمَلكوت: على الجَبل، يُعلن “الطوبى” الّتي تعني “هنيئًا، ما أسعَد”، بِعبارةٍ أخرى، يُعلِن لنا يسوع الفرح والسّعادة.
بحسب الكِتاب المقدَّس، إنَّ الرُّوح هو نَفَسُ الحياة الّذي وَهبَه الله لآدم: هو أعمق ما في ذواتنا، هو البُعد الرُّوحيّ الأعمق الّذي يجعلنا بَشَرًا، هو النَّواةُ العميقةُ لِوجودِنا.
“فقراء الرُّوح” هم الّذين يشعرون في أعماق وجودهم بأنّهم متسوِّلون؛ فهؤلاء هم الّذين وعَدَهم الله بملكوت السَّماوات. أنْ نكون “فقراء بالرُّوح” يعني أن نَضع ثقتنا لا بالثَّروات، بل بمحبّة الله وعنايته والاتِّكال عليه. كَمْ نحن بحاجة اليوم إلى سَندٍ ومعزٍّ أمام هذا القلق من وباء كورونا وأمام خوفِنا على صحَّتنا وصحَّة أهلِنا، وخوفِنا من فُقدان عَملِنا؛ نعيش مُتردِّدين وخائفين، وفي حالة اضطراب وارتباك وخوف. كلُّ هذه الأمور تَشُّلُنا وتدفعنا إلى الانغلاق على ذواتنا وتمنعُنا من الانفتاح على الله وعلى القريب.
اليوم، يُقدّم لنا يسوع فرصةً للتواضع، فرصةً للارتداد ولِطَلب المغفرة. إنَّ يسوع لا يَتعَب أبدًا مِن مَنحِنا المغفرة؛ ولكنّنا نَتعَب في بعض الأحيان مِن طلب المغفرة منه.
اليوم، يُدخِلُنا يسوع في منطقٍ جديد هو:أين تكمن الأولويّات والجوهر في حياتنا؟، لدينا الكثير من الممتلكات وَوسائل الرَّاحة، ولكنّها في الممات كلُّها تنتهي هنا على هذه الأرض، إذ إنّ الكَفَن لا جيوبَ لَه، وبالتّالي لا أحد يستطيع أن يأخُذ مَعه شيئًا، إذ تبقى الثَّروات كُلّها هنا على هذه الأرض.
إنَّ يسوع قد أعطانا حياته من أجلِنا، وهي القدرة الحقيقيّة. وهنا يُطرَح السُّؤال: مَن لديه القدرة على التواضع والخِدمة، والأُخُوَّة الإنسانيّة بحريّة؟. مِن خلال خدمة هذه الحريّة، يأتي الفقر الّذي امتدحه يسوع في التطويبات.
اليوم، هو يوم العودة إلى ترتيب أولويّاتنا، كي نَصِل إلى الجوهر ألا وهو علاقتنا مع أنفسِنا، مع الله ومع الآخَر، حتّـى نكون أحرارًا وقادِرين على أن نُحبّ، وأن نبحث دائمًا عن حريّة القلب، الّتي لها جذورٌ في الفَقر، فَقْرِ أنفسِنا: “يا بُنَيَّ، أعطِني قَلبَك”.
إخوتي وأخواتي، لِنفُكِّر اليوم معًا: ما الّذي عليّ القيام به كي أكون فقيرًا بالرُّوح، فأرِث الملكوت؟ آمين.
ملاحظة: دُوِّن التأمّل بأمانةٍ من قِبلنا.