رسيتال ميلاديّ أحيته المرنّمة نبيهة يزبك،

دار المسيح الملك – زوق مصبح، كسروان، لبنان.

وسط أنوار التّجسّد، وفي جوّ من الغبطة والخشوع، تصاعدت الألحان الرّوحيّة لأعذب التّرانيم في دير يسوع الملك – زوق مصبح، ترنّمها السّيّدة نبيهة يزبك، مطلقة أسطوانتها “يا خبز الحياة”، في رسيتال ميلاديّ تنظّمه جماعة “اذكرني في ملكوتك” وقد استهلّ الاحتفال بكلمة افتتاحيّة للخوري جوزف سلّوم، نوّه فيها بأهميّة الاحتفالات الدّينيّة في زمن الميلاد، وبمعنى العيد الحقيقي، وذكر فيها، أهل غزّة المحاصرين، ودعا للصّلاة من أجلهم ومن أجل كلّ المضنوكين، والمتعبين…كما دعا للمرنّمة بالتّوفيق في إحياء هذا اللقاء.

وافتتح الرّسيتال بنشيد الجماعة، تلته ثلاث مجموعات من التّراتيل المختلفة الألحان والمواضيع، تخلّلها تأمّل روحيّ لمقدّمة الاحتفال الآنسة تمارا شلهوب، وعرض وشرح لأيقونة الميلاد في عرض مصوّر.

وخُتم اللقاء بكلمة للسيّدة جانيت مخايل الهبر، مؤسِّسة الجماعة، ركّزت فيها على رسالة “أذكرني في ملكوتك”، وماهيّتها، ومسيرتها، وشكرت كلّ من عمل على إنجاح الاحتفال،
بعدها تمّ تقديم درعَي تقدير باسم الجماعة لكلّ من السّيدة نبيهة يزبك، والأستاذ جوزف خليفة، وباقات الورود لهما وللآنسة مشلين يزبك شقيقة المرنّمة الّتي شاركتها في أداء ترنيمة.

تأمّل روحيّ:

السيّدة تمارا شلهوب،

في زمن تمجيد إخلاء الرّب العليّ لذاته، في سرّ تجسّد عتيد، يحجبه عمانا عن النّور الحقّ في حلكتنا الدّنيويّة،
من مهالك الموت أتانا، في زمن الدّم والدّموع، أقمطته أكفانه، مذوده مذبحه وقبره، أدركنا في غور ظلماتنا، حبّة قمح محيية، في حشا طبيعة بتول…ملكًا على أرض الملك! أيا طفلا بحجم الوجود وخالقه!
جئناك لا بمرّ الموت، وبخور الألوهية، وذهب الملك، بل بقلوبٍ تهفو لملئك،
وصوت ملائكيّ ” أغابيّ” الانطلاقة والانتماء، “يزبكيّ” الالتزام، من بيت عبَقت زواياه بأريج موسيقى الرّوح؛ جئناك يا أشهى القرابين في صمت المغارة، في حرم سرّ الأسرار، تائقين مرنّمين: “يا خبز الحياة”…

واقتبلت البشرى، وتمّم الوعد،” وصار الإله إنسانا وحلّ بيننا”، أكل في صحن طمَعنا، واغتسل بماء لوثتنا، وسار على أرض بؤسنا… سرّ الأسرار تكوينه، وميلاده، وموته ، وقيامته…تجديدا للخليقة، وهدما للباطل، ودعوة للدّخول في الملكوت… هلمّوا نغص على لجج هذا السّرّ العظيم في شرحنا لأيقونة الميلاد…

ها صلاح الرّبّ وافانا، وخلع علينا ملاءة المجد! بشارة سارّة، فتسليم لمشيئة الرّب، فحمل بالحمل القدّوس، فميلاد مجيد…مسيرة “السّلام عليك” مع جبرائيل، مرورا بتجربة يوسف، حتى سجود الخليقة أمام المخلّص، هبة السّماء، هبة الحياة…
هي هي مسيرة الأمم نحو ملء الكل الإلهي!

في هدأة تلك الليلة والفكر سكرى، من خوابي شّرودي، في أعمق أغوار حيرتي، غربة طفل أضاع طريق بيته…حياتي شوارع هائمةٌ على وجهها، تبحث عن رصيف، تتّكئ عليه ذكرى ومضات عمر، أضاءت يوما…الأمل في إجازة غير مدفوعة، في قلب يبحث عن معنى لهذا الغياب في معنى هذا الوجود…عيناي صفحات بهتت صورها، نكر الحبر بنوّة سطورها…

أجزائي تناديك يا كلّ الكلّ، ألا املأ كأس نفسي الظّمآنة إلى ثريّا مجدك! دوائر الكون تنفلش في كياني، تستقيم… ألا اَصقلني يا مُبدع الكلّ على مثال عطفك! ربّي، يا مالئ المغائر، وملكها، مُرّ بي! مرّ بي فيَصير كلامي فعل ضياء…مُرّ بي فاُضحي يا ربّي، مِسك عطاء… مرّ بي…حتّى تذكرني الكلمات، مُرّ بيّ فأعود طفلا… يهفو إلى العمّانؤيل…

كلمة الختام:

السيّدة جانيت الهبر،

اليوم صار طين الموت، خبز حياةٍ، اليوم صار القبر المعتم، مذودًا من نور، اليوم صار الإله إنسانًا، واليوم صار الإنسان قدّيسًا، نعم، اليوم صار الموت ميلادًا آخر،  صار ولادةً جديدة.
ولكن الإنسان ظلّ يتخبّط في ثنائيتَيّ الرّوح والجسد، التّوبة والخطيئة، في سقوطه موتٌ أبديّ، صار بالصّلب والقيامة، حياةً جديدة، فرنّمت الملائكة: “المسيح قام من بين الأموات”. المسيح قام، وأضحى بدايةَ كلّ البدايات! المسيح قام وغلب الموت الأبديّ! المسيح قام ووَهبنا الحياة !

فيا طفل الميلاد والقيامة ! استمِع صوتنا الصّارخ من قلوب تائقةٍٍ لرَحمتك ومحبتك ! للميلاد المجيد! للميلاد الجديد! صوت جماعتك المبتهلة “اذكرني في ملكوتك”، يتجلّى في تقدمة الافخارستيّا لأجل إخوتنا الراقدين، بفرحٍُُ ينعش القلوب ويحييها، في تسبيحٍ ملائكيّ الصّوت والتّرانيم، في شراكةٍ أبديّةٍ مع أبناء السّماء، لكي نكون أبناء الله ، أبناء النّور ونردّد دوماً: “اذكرني في ملكوتك”.

وبعد، لا بدّ لنا، بعد شكرنا اللامتناهيّ للعناية الإلهيّة على مباركتها هذا العمل الرّوحيّ، أن نتقدّم بشكر قلبيّ ملؤه المحبّة العارمة والتّقدير العميق إلى:

  كلّ مَن أفرَحنا حضوره بيننا من أصحاب السيادة والآباء الأجلاء، والإخوة الأحباّء، وبخاصة عائلة “أنت أخي”

  الأم مارسيل سلامة وراهباتها الفاضلات على استضافتهنّ لنا في هذا الدير الملكي المقدس بمباركة أبينا يعقوب.

  محطّة “التيلي لوميار” التي تبشّر بكلمة الله  في كل أقطار العالم.

  كلّ من ساهم في إنجاح هذا العمل بقلب معطاء ، ونخص بالذكر طوني باسيل مهندس الصوت، جان مخايل، شركة روزا – ستوديو شربل أرملة- ايلي ديب. ستوديو ستاند باي.

  السيّدة نبيهة يزبك التي رافقتنا بصوتها الملائكيّ، في انطلاقاتنا في عدّة  كنائس، فكان لنا بترانيمها ثواب مَن صلّى مرّتين! وقد خصّت جماعتنا بإطلاق الأسطوانة الجديدة “يا خبز الحياة” التي يسهم ريعها في دعم رسالة “اذكرني في ملكوتك” . منّا ٍإليك عربون شكرٍ وتقدير.

  وأخيراً إلى الأستاذ جوزف خليفة الذي أغنى الكنيسة بترانيم روحيٍّّة ترددها شفاه الجميع، مع شكرٍ خاص على ألحان الأسطوانة الجديدة ، “يا خبز الحياة”  كما أنه خصّ هذا الاحتفال وجماعتنا بألحان ترنيمةٍ من كلمات الأب ميشال عبود الكرمليّ بعنوان ” اذكرني في ملكوتك”. فلك منّا عربون شكرٍ وتقدير…

  وُلد المسيح …. هللويا

Instagram
Copy link
URL has been copied successfully!
WhatsApp