تأمّل روحيّ،
الأب ميشال عبود الكرمليّ،
“القيادية”
من أهمّ النِّقاط البارزة في شخصيّة يسوع هي القياديّة. هذا هو موضوع حديثنا اليوم.
إنَّ كلَّ واحدٍ منَّا عندما انتسب إلى هذه الجماعة، لم يَنتسب إليها للبقاء فيها لِمُدَّة وجيزة من الزَّمن، إنَّما ليبقى فيها إلى الأبد، لأنّه وَجد في روحانيّتها ما يبحث عنه، إلّا إذا انتسب إليها من أجل غايةٍ معيَّنة.
عندما ينتسب الإنسان إلى جماعةٍ معيَّنة، يمرُّ بِمَرحلَتين، الأولى:”الجماعة من أجلي”، والثَّانية: “أنا من أجل الجماعة”. إنَّ الفرق كبيرٌ جدًّا بين هاتين المَرحَلتَين: ففي المرحلة الأولى، ينتسب الإنسان إلى جماعة من أجل بناء علاقات صداقة مع أشخاصٍ لديهم أهدافًا مشتركة معه. ولكن بعد فترة من انتسابه إلى الجماعة، ينتقل الإنسان إلى المرحلة الثَّانية الّتي يسعى فيها إلى وَضع ذاته وكلّ طاقاته البشريّة في خِدمة الجماعة ومن أجل نموِّها.
إنّ الربَّ يسوع اختبر هاتين الـمَرحَلتين عند انتسابه إلى الجماعة البشريّة، لأنَّه في المرحلة الأولى بَحَثَ عن أُمٍّ تَستقبله في أحشائها وتهتمّ برعايته الأرضيّة، فكانت مريم أمًّا له، كما بَحَثَ عن أبٍ أرضيّ له فكان يوسف مربِّيًا له، واهتمّ بحمايته من هيرودس الملك الّذي قَتَل أطفال بيت لحم، وقد انتهت هذه المرحلة الأولى من حياة يسوع عندما أصبح في الثَّلاثين من عُمره، إذ انطلق للتَّبشير بالملكوت في المسكونة كُلِّها.
إنَّ المؤمن لا يكون مسيحيًّا حقيقيًّا، إلّا إذا كان الكِتاب المقدَّس رَفيقه الدَّائم. لا أحدَ مِنّا يحبُّ تناول الدَّواء، ولكنَّ الإنسان يتناوله عندما يكون مريضًا لأنّه مفيدٌ له فَيُشفى مِن مرضِه. كذلك الكِتاب المقدَّس، فَهو مُفيدٌ للمؤمِن حين يكون رفيقه في كلِّ مراحل حياته.
“ودعا يسوع الجموع وتلاميذه، وقال لهم: “مَن أراد أن يتبعني، فليُنكِر نفسه ويَحمل صليبه ويتبعني. لأنَّ الّذي يريد أن يُخلِّص حياته يخسرها، ولكن الّذي يخسر حياته في سبيلي وسبيل البشارة يُخلِّصها. ماذا ينفع الإنسان لو ربِح العالم كُلَّه وخسر نفسه؟ وماذا يفدي الإنسان نفسه؟ لأنَّ مَن يستحي بي وبكلامي في هذا الجيل الخائن الشِّرير، يستحي به ابن الإنسان، متى جاء في مجد أبيه مع الملائكة الأطهار.” (مر 8: 34- 38)
ماذا تعني عبارة “مَن يخسر نفسه”؟ نحن اليوم قد تركنا بيوتنا وأماكن راحتنا، أي أنَّنا خَسِرنا أمورًا من أجل رِبحٍ آخَر، وهذه الخسارة من أجل الرِّبح تُسمَّى في الفرنسيّة choisir c’est sacrifier، وهي تقوم على اختيار الإنسان التضحيّة ببعض الأمور من أجل الحصول على شيءٍ أكثرَ فائدة له. إنَّ الإنسان يُضحِّي بأمرٍ ما، لأنّه يريد أن يربحَ شيئًا آخر، وهذا الّذي رَبِحه عليه أن يُعطيه للآخَرين كي يُسمَّى رِبحًا.
وفي هذا الإطار، يقول لنا الربُّ يسوع: “إنَّ ما يتمجَّد به أبي، هو أن تُثمروا ثمرًا كثيرًا وتكونوا تلاميذي”(يو 15: 8). لذلك في بعض الأحيان، حين نكون في حديثٍ مع الآخَرين، أو عند إعطاء موضوع لآخَرين، نقول أمورًا كثيرة من أجل الوصول إلى خلاصة واحدة للحديث. أقول لكم إنّ كُلَّ ما قُلناه من كلامٍ في هذا الحديث لن يذهبَ سُدًى، إذ لن يُعَدَّ خسارةً لأنَّ الإنسان بحاجة في بعض الأحيان إلى التمويه والضحك والفرح، وبالتّالي كلّ ما سبَق الخُلاصة من كلامٍ يَنضوي ضمن إطار الثِّمار، إذ لا يمكننا أن نجعله ضمن الخسارة. ففي بعض الأحيان، قد أكرِّس وقتًا للاستلقاء، وهذا الوقت لا يُسمَّى خسارة، بل يُسمّى راحة.
إنَّ عالم النَّفس الشَّهير، “يُونغ”، قام بإلغاء أحد مواعيده مع أحد مرضاه، لأنّه تذَكَّر أنّ لديه موعدًا مع ذاته. إذًا، كلّ وقتٍ من حياتنا لديه ثمار. ويقول لنا آباء الكنيسة: “اليوم الّذي لا تجلس فيه مع ذاتِكَ، لا تَحسِبه من أيَّام حياتك”. وبالتّالي، في خلاصة لما نقول: إنّ الإنسان كي يكون ناجحًا في حياته، عليه أن يجلس مع ذاته يوميًّا، فيتذكَّر في مَن فكَّر ومع مَن تكلَّم، وماذا حدث معه في هذا اليوم، فيَضع كلّ ما قام به أمام الله طالبًا منه مسامحته على الأخطاء الّتي ارتَكَبها، سائلاً إيّاه أن يمنحه القوّةَ لِتَحسين ما يمكنه تحسينه في حياته. إنَّ الرِّسالة الّتي يُرسِلُها الإنسان عبر الواتسأب إلى الآخَرين، على سبيل الِمثال، تأخذ قِسمًا من وقته، ولكنَّها تُفرِح الآخَرين عند تَلَّقيها، وهذا الفَرح يُشكِّل ثمرًا في حياة الإنسان.
إليكم الآن نصًّا بعنوان: “مبادئ يسوع القياديّة”، سأقرأه على مسامِعكم:
“إنّ الأناجيل تُبَرهِن بما لا يُرقى إليه أيِّ شكّ، أنَّ يسوع هو حقًا القائد بامتياز. لم يَكن لأيّ شخص آخر تأثير في النَّاس نظيره. إنَّ حركته لا تزال تشهد نموًّا مُطْرَدًا حتّى بعد مرور ألفَي سنة على مغادرته الأرض، وذلك بالرُّغم من كونه لم يَكتُب كِتابًا ولا عَلَّم في مدرسةِ لاهوت. لنلاحظ عشر مبادئ قياديّة، تستوقفنا في حياته كما هي مدوّنة في الأناجيل الأربعة:
– بدايةً، القيادة خدمة.
– لتَكُن غايتُكَ أولويّة حياتك: “وإنَّما لهذا خَرَجت”، هذا ما قاله الربُّ يسوع.
– عِشْ الحياة قبل أن تقود الغَير.
– مصدر التأثير هو العلائق لا المناصب.
– على القادة أن يُجدِّدوا طاقاتهم.
– القادة العِظام يُدعَون إلى اِلْتِزامٍ عظيم.
– إبْدَأ أمانًا عند معالجة المسائل الصَّعبة.
– المصداقيّة تتأتى من طريقة تلبية الحاجات وحَلِّ المشاكل.
– على القادة أن يختاروا مُعاونِيهم الأساسيِّين، ويُنَمُّوهم.
– لا نجاح بلا خَلَف بواسطة الكِفاح”.
– إنَّ القيادة هي خِدمة: لتَكُن غايتُكَ أولويّة حياتك: إنَّ الربَّ يسوع قال لنا في الإنجيل: “إنَّ ابن الإنسان ما جاء ليُخدَم بل ليَخدُم ويَفدي بنفسه جماعاتٍ كثيرة”. بدايةً، عليَّ أن أُدرِك ما هي غاية حياتي، فقَد تكون غايةُ حياتي: الخِدمة، إفراح الآخَرين، أن أكون مرتاحًا في حياتي، أن أُربِّي عائلة، إذ لا أرغب في أن تكون حياتي بلا هَدَف. إنَّ الإنسان في حياته مَيّالٌ إلى الأخِذ، أكثَر من العَطاء، لذلك نلاحظ أنَّ مؤمِنِين كُثُرًا يَشتكون من عدم إيجادهم في بيوتهم مَن يُقدِّر تَعبهم في خِدمة الآخَرين.
لذا يُسارِعون إلى طَرحِ السُّؤال التّالي على الكَهنة: ألّا يَحِقُّ لنا بالرّاحة وأن يقوم الآخَرون بِخدمتنا كما نَخدمهم؟ عند سماعي هذا السُّؤال، أطلبُ من هؤلاء الـمُشتَكين أن يُصلُّوا إلى الله كي يُصابوا بِمَرضٍ يُقعِدهم في السَّرير فينالوا الخِدمة من الآخَرين. ثمّ أعود لأطرح السُّؤال عليهم: أَيُّهما أسهل: أن تُصابوا بمرضٍ يجعلكم طَريحي الفِراش، أم أن تقوموا بِخدمة مَن هُم بحاجة إلى خِدمتكم؟ بالطبع، إنَّ خِدمة الآخَرين أفضل من أن نكون طريحي الفِراش. لذا، فلنسعَ إلى خدمة الآخَرين، حتّى ولو لم يَقُم أحدٌ يومًا بخدمتنا، وحتّى ولو شعرنا بالتَّعب. فالسِّكين يُسَّنُ كلَّما زاد استعماله، أي أنّه يُصبح أفضل من حالته الأولى، وكذلك الحُفرَة تتسِّع في الأرض كلَّما تمَّ إفراغ التُّراب منها.
إنَّ قلوبنا تتسِّع كلَّما ازدادت عطاءً، لذلك تُصبح الخِدمة لا سبب إنزعاج لنا من الآخَرين، إنّما فرصةً لنا للتَّعبير عن محبَّتنا لهم. ولكنْ إذا كنْتُ أقوم بالخِدمة من أجل الحصول على خدمة ما في المقابل، فهذه تُسمَّى تجارة: تجارة مشاعر، أو تجارة اجتماعيّة: دعاني إلى الغذاء أدعوه إلى الغذاء، عرَّفته على فُلان من أجل مصالح تجاريّة. ولكن عندما يقوم الإنسان بخدمةٍ للآخَرين من تلقاء نفسه من دون انتظار أيّة مكافأة بالمقابل من الآخرين أو حصل على مكافأة منهم من دون أن يطلبها، فإنَّه يشعر بفرحٍ عظيمٍ لا وَصفَ له.
– عِشْ الحياة قبل أن تقود الغَير: في هذه الحياة، ما من أحدٍ غبيّ، إذ يستطيع الإنسان القيام بـ”سْكَانِر” لكلّ إنسان، فيُدرِك مَن يتكلَّم معه بِصِدقٍ وقناعة، ومن لا يفعل ذلك. على الإنسان أن يكون صادقًا مع الآخَرين قبل أن يطلب من الآخَرين أن يكونوا صادِقين معه. أخبرني مرّة أحدهم و هو صاحب شركةً، أنّه يرسل أبناءه إلى كافة فروع هذه الشَّركة كي يعملوا في كافة مجالات الخِدمة فيها، كالمسح والتنظيف، قبل أن يترَّقوا إلى مناصب القيادة وِفقَ تقرير من المسؤولين عنهم يُرفَع إلى أبيهم.
إنَّ هذا التَّصرُف الوالديّ من شأنه أن يجعل من أبنائه، متى وصلوا إلى مراكز القيادة، قادِرين على تقدير تَعبِ موظفِّيهم؛ وأنّهم لن يتمكَّنوا من الوصول إلى مراكز مُهمَّة في الشَّركة إلَّا بفضل كفاحهم للوصول إليها.إذًا، قبل أن نطلب من الآخَرين القيام بأمرٍ ما، علينا اختباره: فمثلاً، لا أستطيع أن أطلب من الآخَرين تلاوة المسابح إذا كنتُ أنا لا أصلِّيها أو أقلَّه أسعى إلى تِلاوتها. إنّ التنظير سهلٌ، أمّا التطبيق فَصَعبٌ.
– إنَّ مصدر التأثير هو العلائق لا المناصب. إنّ العلائق شيءٌ مهمٌّ وهو يشكِّل رصيدًا للإنسان. عندما نكون في اجتماعٍ معيَّن، ننصح الحاضِرين لا بالتّركيز على المعلومات الّتي نالوها وحَسب، إنَّما بالأكثر على إنشاء علاقات صداقة مع الموجودين في هذا اللِّقاء أو الاجتماع. فمهما كان عدد الأشخاص الّذين نعرفهم، ومهما كانت مُدّة معرفتنا بهم، تبقى أمورٌ كثيرة لاكتشافها فيهم.
– على القادة أن يُجدِّدوا طاقتهم: في سِفر المزامير، نقرأ: “كالنَّسر تُجدِّد شبابي”. إنَّ النَّسر يعيش بِقدر ما يعيش الإنسان تقريبًا، ولكنّه عندما يصل إلى عُمر الأربَعين، تُصبح أجنحته ثقيلة، وأنفه لَيِّن، وكذلك مخالبه، لذلك يقوم باعتلاء أعلى صخرة يمكنه الوصول إليها ثمّ يضربها حتّى يتكَّسر أنفه، وينتظر نموّه من جديد، ثمّ يسحب مخالبه، وينتظر نموُّها من جديد، ثمّ ينتف ريشه، وينتظر أيضًا نموَّه. بعد هذا التَّجديد، يعود النَّسر إلى الحياة من جديد فيعيش أربعين سنةٍ جديدة. في هذه الحياة، قد يكون هناك أشخاص أعزّاء علينا لا يمكننا التخلِّي عنهم.
إنَّ هذا التَّجديد الدَّائم هو الّذي يدفع الإنسان إلى التقدُّم.كي يتجدَّد الإنسان مسيحيًّا، عليه القيام بوقفة صلاة يوميّة، فيُكرِّس على سبيل المِثال مدَّة عشر دقائق للصَّلاة، ولكنَّه يتفاجأ أنّه في هذه المدَّة الّتي يُخصّصها للصّلاة يواجَهُ بالعديد من التَّحديات، إذ يخطر على باله القيام بما لم يخطر على باله القيام به قَبْل الصَّلاة، كالقيام ببعض الاتِّصالات، وتناول الطَّعام والحاجة إلى الشُّرب وسواها من الأمور.
لذلك، نقول إنّه على الإنسان ألّا ينتظر وقت فراغٍ لتكريسه للصّلاة، إنّما عليه أن يُفرِّغ قِسمًا من وَقته للصَّلاة. وقد اعتدنا على الصّلاة قَبْل النَّوم، لا لإعطاء الربِّ الفَضلَة في نهارنا، بل لأنّنا وَجدنا أنّ هذا الوقت هو الوقت الأمْثَل للصَّلاة، وقت متواصل من دون انقطاع، ولكن إذ استطعنا الصَّلاة أيضًا في النَّهار، فلا نتردَدَنَّ في القيام بذلك. ولا نطلبنَّ الكثير من الوقت في البداية، إذ مع الوقت نكتشف تلقائيًا أهميّة هذا الوقت في حياتنا.
– إنَّ القادة العِظام يُدعَون إلى التزامٍ عظيم: هذا الالتزام العظيم قد يكون مسؤوليّة عظيمة، ولكنَّ هذا الالتزم قد يكون في أمور معيّنة،كالمسامحة، ومصالحة الأشخاص مع بعضهم البعض، وقد يصبح هذا القائد فيما بَعد مَرجعًا للآخرين. إنَّ العَظمة لا تكمن في تعرُّفي على أشخاصٍ كُثُرٍ والبقاء في مشكلتي، إنَّما في تعرُّفي على شخصٍ يساعدني على حلّ مشكلتي. لذلك، إنّ هذا الالتزام العظيم يعود إلى نوعيّته: فهناك أمور تَعنِيني ولكنّها لا تَهمُّ الآخَرين؛ وهناك أمورٌ غير ماديّة، يحتاج إليها الآخَرون: فمثلاً، حين يكون شخصٌ مجروحٌ في ذكائه، فإنّه لا يهتمّ للمال الّذي قد أعطيه إيّاه كثيرًا بِقَدر ما يهتمّ لِمَن يُصغي إليه ويُكلِّمه، فهو يحتاج إلى الكلمة أو إلى الابتسامة.
إبدأ أمانًا عند معالجة المسائل الصَّعبة: وهذا يعني أنّه عندما يقصدني أحدٌ لمساعدته على معالجة مشكلةٍ تعترضه، عليّ أوَّلاً أن أسعى إلى طَمأنَتِه قائلاً له إنّي لا أبتغي الحصول منه على شيء، وإنّي لا أريد شيئًا سوى راحته. من خلال هذه الإيجابيّات، أخلق أمانًا عند الآخَر من خلال حضوري معه، ومن خلال طمأنته قائلِاً له إنّي لا أبتغي أذيّته إنّما راحته، فيشعر الإنسان بالرَّاحة ويقول كلّ ما في باطنه، وما يُسبِّب له انزعاجًا.
– إنَّ الـمِصداقيّة تتأتَّى من طريقة تلبية الحاجات، وحلّ المشكلات: عندما نقول تلبية الحاجات، فهذا يعني أنّه إذا استطعنا المساعدة الماديّة فلنُقدِّمها لهم، وإنْ استطعنا تقدمة حاجات معنويّة لهم فلنقدِّمها أيضًا. عندما التقى بطرس بالـمُقعَد عند باب الهيكل، قال له: “لا فضَّة عندي ولا ذهب. ولكن أعطيك ممّا عندي” (أع 3: 6). نحن قد نملك معارف، أو نملك وقتًا، أو أُذنًا مُضعية، أو ابتسامةً.
إذًا، إنَّ كلَّ إنسان يستطيع أن يُعطي بحسب القُدرة الّتي أعطاه إيّاها الله. في بعض الأوقات، يتنافس التَّلاميذ بين بعضهم البعض، فيسعى البعض منهم إلى إخفاء ما درسوه عن رفاقهم، فنتدخّل هنا لنطلب منهم ألّا يبخلوا بمعلوماتهم عن رفاقهم، ونحثّهم على مساعدة بعضهم البعض في حلّ بعض المسائل المدرسيّة، من دون خوف، فينجحوا كلّهم في الامتحانات. وهنا حين يتكلَّمون عن العدالة الاجتماعيّة، يَطرَح السُّؤال: لماذا يملك أشخاصُ مالاً وممتلكات، فيما البعض الآخَر لا يملكون شيئًا؟ إنَّ المطلوب في هذه الحالة هو أن يقوم الإنسان الغني بإعطاء الإنسان المحتاج. ولكن هذا لا يعني أن ننتزع من الغنيّ ممتلكاته لإعطائها للمحتاج لأنّ هذا يُسمَّى ظُلمًا لا عَدلاً، إذ يحقُّ لِكُلِّ إنسانٍ أن يكون لديه ممتلكات.
– على القادة أن يختاروا معاونيهم الأساسيِّين، وينمّوهم، إذ لا نجاح بلا خَلَف يواصل الكِفاح: هذا ما علينا فِعله، لأنَّه عندما نؤثِّر على شخصٍ آخر، هذا يتطلَّب منّا أن نكون مسؤولين في تنشئته لمتابعة مسيرة العمل معنا. كان باستطاعة يسوع القيام بكلِّ شيءٍ وحده، ولكنّه اختار اثني عشر رسولاً واثنين وسبعين تلميذًا، وهذا ما جعل الكنيسة تستمرّ. وهنا يُطرَح السُّؤال: مع مَن علينا العمل؟ كي نتمكّنَ مِن العمل مَع الآخر، علينا أن نُدرِك أنَّ الآخَر مختلف عنِّا. وكذلك كي نتمكَّن من قبول شخصٍ آخر في العائلة أو خارجها، علينا أن نقبل أنَّه مختلفٌ عنِّا. حين نُدرِك أنَّ الآخَر مختلف عنِّا، نستطيع العمل معه. ولكن إنْ أردنا جَعل الآخَر على مِثالِنا، سوف نختلف مع بعضنا البعض، ولن نتمكَّن من العمل معًا. هذا ما أردت أن نـتأمَّل فيه اليوم.
ملاحظة: دُوِّن التأمّل بأمانةٍ من قِبلنا.