إفرحوا معنا،
عظة الأب عمانوئيل الرّاعي كنيسة سيدة الانتقال، عينطورة- كسروان.
باسم الآب والابن والرّوح القدس، الإله الواحد، آمين
بدايةً، أودّ أن أشكر الأب الياس، لأنّه سمح لنا بمشاركتكم الصّلاة بفرح مع الشَّماس والشِّدياق ومع جماعة “أذكرني في ملكوتك”. إنّنا نحتفل وإيّاكم بالقدّاس الإلهيّ من أجل الإخوة الراقدين لنُعَبِّر لهم عن محبَّتنا تجاههم، من خلال الصّلاة.
إنّ زمن الصّوم، هو “زمن الفرح”، أي أنّه علينا ألّا نظهر أمام الآخرين بوجوه عابسةٍ حزينة، بل علينا أن نُشرق عليهم بوجوهٍ مبتسمةٍ تُعبِّر عن فرحتنا لمشاركة الكنيسة جمعاء في هذه المسيرة. يبدأ زمن الصّوم بعرس قانا الجليل، الّذي حَضَرَهُ يسوع وأمّه مريم؛ وينتهي بِعرس القيامة، الّذي تمّ بحضور يسوع القائم من الموت وأمّه مريم. إنّ الكنيسة تدعونا في فترة ما بين العُرسَين، إلى عيش حالةٍ من العُرس الدائم مع الربّ فنتمكّن مِن العبور مع المسيح القائم إلى عرس السَّماء، عرس الحياة، الحياة الأبديّة. في هذا الصّوم، يدعونا الربّ إلى السَّعي للتشبُّه به: فكما صام الربّ في البريّة واختلى بذاته للصّلاة وأعطى البشريّة ذاته يومَ مات على الصّليب حُبًّا بها كي يجعلها من أهل الملكوت السماويّ، كذلك على المؤمنين أن يصوموا مُتَحَلِّين بالرّوحانيّة نفسها، فيُكرِّسوا وقتهم للصّلاة الّتي تجعلهم أشخاصًا ممتلئين مِن نعمة الله، وبتواصل دائمٍ مع الربّ، ويتصدَّقوا بمالهم وبمحبّتهم على الآخرين المحتاجين. إذًا، في هذا الزّمن المبارك، تدعونا الكنيسة إلى اختبار فرح العيش مع الربّ، واختبار الفرح مع أمواتنا الّذين عبروا من هذه الحياة، إذ قد تزيّن الملكوت بقداستهم.
“إفرحوا بالربّ دائمًا، وأقول لكم أيضًا إفرحوا” (فيلبي4:4)، هذا ما يدعونا إليه بولس الرّسول في الرسالة الّتي تُلِيَت على مسامِعنا اليوم في هذا القدَّاس. إنّ بولس الرّسول يدعونا إلى عيش الفرح في كلّ آنٍ: في الاحتفالات السَّعيدة، كما في الاحتفالات الحزينة، وكذلك في أيّام الصُّعوبات والشِّدة. على المؤمِن أن يفرح ويبتهج، حين يُدعَى إلى عُرسٍ؛ كما عليه أن يعيش حُزنه على فقدان أحد الأعزّاء بفرح، أي أنَّ على بكائه أن يكون ممزوجًا بالفرح لإدراكه أنّ الربّ المنتصر على الموت، سيُقيم موتاه أيضًا ويُدخلهم معه إلى الحياة الأبديّة. إنّ الفرح هو ثمرةُ قبول المؤمنين بالبشارة، وهو يشكِّل شهادة للآخرين عن إيمان المؤمنين بالربّ يسوع. إنّ كلّ عملٍ يُقدّمه المؤمِن على نيّة أمواته، يجب أن يقوم به بكلّ فرحٍ. إنّ أمواتنا لم يذهبوا إلى العدم، بل هم موجودون مع الربّ في السّماء. إنّ أكثر عملٍ نقوم به، يُفرِح أمواتَنا هو الصّلاة لأجلهم. إنّ صلاتنا لأجل موتانا هي ذاتُ منفعةٍ كُبرى لهم ولنا، على حدٍّ سواء: فهي تساهم في تسريع عمليّة دخولهم إلى الملكوت السماويّ، وتفيض علينا بركات مِن عند الربّ، وتساعدنا على فهم سرّ الموت بشكلٍ أفضل.
ملاحظة: دُوِّنت العظة بأمانةٍ مِن قِبَلِنا.