“إنَّ يومًا واحدًا عند الربّ كألف سنةٍ  وألف سنةٍ كيومٍ واحد” (2بط 3: 8)

عُرِّبَت عن الأب شفيق ابو زيد، كنيسة القدّيس يوحنّا فم الذهب، لندن – المملكة المتحدة،

يكون اكتمال الحياة في دورتها الثامنة عشرة تمامًا كَمِثل اكتمالها في دورتها الثمانين. “ولكن لا يخفى عليكم هذا الشيء الواحد أيّها الأحبّاء: أنّ يومًا واحدًا عند الربّ كألف سنة، وألف سنةٍ كيوم واحد.” (2 بط 3: 8). إن الهدف من الحياة هو أن نعيش في اتّحاد مع تعاليم الربّ.

“وكم من زهرة وُجدت لتتفتّح في سكون، وتهدر عبيرها في هواء الصحراء”. وكلّ حياة كما كلّ زهرة هي خَلْقٌ فريد يعكس خالقه مهما قَصُرَتْ مدّة حياته. فما على الأزهار إلا أن تتفتّح، وكثيرًا ما تكون في تألّق قبل أن تذوي بقليل. وتظلّ وعود اليوم في مهبّ مستقبل هذا العالم فلا تتحقّق، ومَن يعِش حتى الكهولة خَيْر شاهد على هذه الحال، أمّا مَن يرحل في ربيع العمر فيُجنَّب عناء شتاء من الخيبة.

إنَّ ليتورجيا الكنيسة في الموت هي ليتورجيا فِصحيّة، فالمسيح قد غلب بموته موتنا، وأعاد إلينا بقيامته الحياة. إنّها البشرى السارة، فالمسيح ما برح يؤكِّد أنَّ حُزنَ الموت سينقلب إلى فرح. وعليه يكون الربّ إله الأحياء لا إله الأموات. إنّه إله البشر الأحياء. لا يحصل شيء من دون هدف ومقصد ومن دون أن يحوّله الله إلى خير. ومِثل يسوع نُودِع أنفسنا بين يديه فتتبدّد معاناة الموت لينبلج وعد ساطع بالخلود والمجد الأبدي. لم يقم المسيح مِن الموت ليعود إلى الحياة نفسها الّتي عاشها قبل الصّليب بل تحوّل بشكل كامل لكي تصل إنسانيّته أخيرًا إلى ملء اكتمالها بحضور الله وبالنيابة عن الجنس البشري اّلذي هو فيه دائمًا. فكلّ من يشاركه في موته وقيامته يشاركه كذلك في هذا التحوّل، ويدخل معه في الشباب الأبديّ فيحيا مع الربّ ومن أجل الربّ، وهذا هو الاكتمال الحقيقيّ للجنس البشري.

Instagram
Copy link
URL has been copied successfully!
WhatsApp