“اذكرني في ملكوتك”، تحمل معنىً عميقاً،
الأب عبدو مسلّم المريمي – رعية مار عبدا – بكفيا.
باسم الآب والابن والروح القدس، الإله الواحد، آمين
“اذكرني في ملكوتك”، هي عبارةٌ تحملها هذه الجماعة الّتي تُصلّي فعلاً من أجل الّذين سبقونا إلى ملكوت الله.
“أذكرني في ملكوتك” تحمل معنىً عميقاً، وهو أنّ الكنيسة تجتمع بأبهى جمالها حول عريسها السّماويّ، كنيسة الأرض، كنيسة السّماء، وكنيسة (المطهر). الاختبار المُميّز الّذي يعيشه الإنسان حول العريس هو قدر كلّ إنسان أن يعيشه في العمق، في الجوهر. ما هي الشّهادة الّتي يُعطينا إيّاها، اليوم، الّذين سبقونا إلى ملكوت الله؟ كم من مرّة نحن نُبشّر بكلمة الله، وكم من مرّة نُحاول إقناع أشخاصٍ بأن يجتمعوا حول ذبيحة المحبّة، حول يسوع المسيح، ونفشل في ذلك. مَن يسبقنا إلى ملكوت الله عندما يُصبح في حِضن الحبّ الإلهيّ، يجذب البشريّة كلّها إلى ذبيحة المحبّة، إلى ذبيحة القدّاس لأنّه في الملكوت يتمّ اللّقاء الشّخصيّ مع الرّبّ يسوع المسيح وهو عمق المحبة.
ما هي السّعادة الّتي يعيشها مَن سبقنا إلى ملكوت الله؟ إذا كنّا نستطيع أن نعيش قليلاً هذا الاختبار، اختبار الموت، وهو اختبار السّعادة والفرح الكامل، لأنّ الإنسان أصبح يُعطي ذاته، بشكلٍ كاملٍ، إلى المحبّة. نحن نعيش هذا الاختبار عندما نُصلّي من أجل أمواتنا، عندما نعيش رجاء القيامة، رجاء الفرح لأنّه يستحيل على الإنسان أن يعيش هذه اللّحظة إلّا إذا أَحَبَّ وأعطى من ذاته. هذا هو الموت الحقيقيّ، هو فعل العطاء الّذي ينبع من القلب، عطاء الّذات كالأمّ الّتي تُقدّم ذاتها لأولادها فتشعر بفرحٍ لا يوصف على الرّغم من أنّ عطاء الأمومة يحمل، في كلّ يوم وكلّ لحظة، الكثير من التّضحية والألم إلّا أنّ فرحها يكون عظيماً إلى حدّ أنّ الإنسان يتمنّى أن يقف أمام هذه اللّحظة من دون أن يدعها تمرّ سُدىً.
سوف أُعطي اختباراً آخر: إذا تبادل الإنسان الحُبّ مع إنسان آخر، لا يريد أن تتوّقف هذه اللّحظة أو تنتهي، لأنّ الإنسان في هذه اللّحظة يعيش ملء المحبّة. عندما يقرع ربّنا باب قلب الإنسان طالباً منه أن يُعطي ذاته، بشكلٍ كاملٍ إلى الله، فهل من الممكن أن يتردّد الإنسان في هذه اللّحظة، أو ألاّ يقول لربّنا “بين يديْكَ أستودع روحي، أنا أُعطيك ذاتي بشكلٍ كاملٍ لأنّ الحبّ يقرع بابي”؟ عندئذٍ، ربّنا، العريس السّماويّ، يفتح قلبه لهذا الإنسان ويستقبله في ملكوت الله. هذه هي الشّهادة الّتي يُعطينا إيّاها، اليوم، أمواتنا.
ملاحظة: دُوِّنت العظة بأمانةٍ مِن قِبَلِنا.