“أنتم، جميع الذين اعتمدوا بالمسيح، قد لبِستم المسيح” (غلا 27:3)
بقلم الأب جان مطران، كاهن رعيّة القدّيسة بربارة – زحلة،
إخوتي الأحبّاء: أيّها المعمّدون باسم الثالوث الأقدس، أيّها المؤمنون بالربّ يسوع،
نعيش في كنيستنا المقدّسة اليوم، زمن العبور في العماد، والذي يُدخلنا في صلب تاريخ الخلاص بيسوع المسيح الذي عبَر فينا من الموت إلى الحياة، وذلك ليخلِّص كلَّ إنسانٍ آتٍ إلى العالم.
العماد يا أحبّة، هو افتتاح درب الخلاص الذي نعبُر به إلى ولادتنا الجديدة، لا بالطبيعة بل بالتبنّي بحيث نستطيع أن نخاطب الله قائلين: “أبَّـا أيّها الآب” (غلا 6:4)، وكما أنّ رسالة المسيح دُشِّنت يوم اعتماده، هكذا حياة المعمَّد المسيحيّة والرسوليّة تُدشَّن يوم عماده، فنصبح فيها أبناء الآب، إخوة الابن، أصدقاء الرّوح.
إخوتي، إنَّ المعنى الأصلي اليوناني لفعل “عمّد” هو “غطّس”، ونحن نحيا بالمسيح بـــــ”تغطيسِنا” في الرّوح القدس، وبهذا التّغطيس والعبور نتجدّد في الأعماق على صورة المسيح الذي به نحيا ونتحرّك. وكما الرّوح القدس كَوَّنَ في أحشاء العذراء صورة المسيح الجسديّة، هكذا يكوِّن فينا صورة المسيح الرّوحيّة، صورة ابن الله التي طُبِعَت، وتألّقت صورتُنا، بحسب قول القدّيس بولس إلى أهل غلاطية (27:3): “أنتم الذين بالمسيح اعتمدتم، المسيح قد لبِستم”.
فعندما نلبس صورة المسيح نتحرّر من عبوديّة الخطيئة (أي الموت)، وهي الثمرة الثانية بعد البرّ بالإيمان. وهذا ما أوضحه لنا أيضاً القدّيس بولس في رسالته إلى أهل روما: ” أنّا، جميع مَن اعتمدوا للمسيح، قد اعتمدنا لموته؟ فدفنّا معه بالمعموديّة للموت… فإن كنّا قد متنا مع المسيح، نؤمن بأنّنا سنحيا أيضاً معه، عالمين أنّ المسيح بعدما أقيم من بين الأموات، لا يموت أيضاً، لا يسود عليه الموت من بعد. فإنّه بموته قد مات للخطيئة إلى الأبد، وبحياته يحيا لله، كذلك أنتم أيضاً احسِبوا أنفسكم أمواتاً للخطيئة، أحياءً لله في المسيح يسوع ربّنا. (روم 6: 3-11).
هذا العبور يجعل الإنسان المؤمِن متّحداً اتحاداً عميقاً بموت المسيح ويمنحه بقوّة الآب حياةً وثماراً روحيّة، فيكون بذلك نوراً وقدّيساً وشاهداً ليسوع المسيح “ابن الله الحي” (يو34:1).