تفسير الكتاب المقدّس،

الأب ابراهيم سعد،

“إنجيل القدّيس يوحنّا الرّسول – الإصحاحان: الأوّل والثاني”

في الإصحاح الأوّل، يقول يوحنّا: “في البدء كان الكلمة والكلمة كان عند الله وكان الكلمة الله”. تذكّروا كتاب التّكوين الّذي يُسمّى، في العبريّة، “بيريشيت” لأنّه، قديماً، شكل كُتُب العهد القديم لم يكن كما هو اليوم. كان كلّ كتاب على شكل ورقةٍ ملفوفةٍ وتوضع كلّ الأوراق في صندوق، فَيختارون ورقةً منها، يفتحونها ويقرأون الكلمة الأولى منها الّتي يُسمّون الكتاب بِحسبها فيقولون، مثلاً، إنّ هذا هو كتاب “البريشيت” أيّ “في البدء”، كما يقولون في كتاب التّكوين: 

“في البدء خلق الله السّموات والأرض” إذاً هذا هو كتاب “البريشيت”. كما يتحدّث كتاب التّكوين عن الخلق الأوّل من العدم، فيحدث الخلق من كلمة الله فقال: “ليكن نوراً” فكان نوراً. إذاً مَن خلق، في العهد القديم في التّكوين، هو كلمة الله الفاعلة. لذلك بدأ يوحنّا إنجيله بعبارة “في البدء، كان الكلمة” وليس خَلَقَ، فهو يتكلّم على أزليّة كلمة الله، ويقول في الآية الرّابعة عشرة: “والكلمة صار بشراً وحلّ بيننا” في اليونانيّة، إذا أردتم ترجمتها بشكلٍ صحيحٍ تقولون: “وضرب خيمته في وسطنا” أيّ سكن فينا وبيننا.

إذاً كلمة الله الأزليّة وهي الله الّذي صار جسداً، بشراً وحلّ في وسطنا. هنا، بدأ يوحنّا بالمقارنة، “ورأينا مجده، مجداً كما لِوحيدٍ من الآب، مملوءاً نعمةً وحقّاً، يوحنّا شَهِدَ له و نادى قائلاً: هذا هو الّذي قلتُ عنه، إنّ الّذي يأتي بعدي صار قُدّامي لأنّه أصلاً قبلي، ومِن مِلئِه نحن جميعاً أخذنا نعمةً فوق نعمة أو نعمةً بدل نعمة”.

قديماً، كان هناك نعمة النّاموس، أمّا الآن فأصبح هناك نعمة المسيح, هو يُنحّي النّاموس لِيأخذ المسيح مكانه. هو يقول لليهود إنّه بِمجيء المسيح أصبح خلاصكم به لا بالنّاموس. ويُتابع: “لأنّ النّاموس بموسى أُعطِيَ. وأمّا النّعمة والحقّ فبيسوع المسيح حصلا. الله لم يرَهُ أحدٌ قطّ” تذكّروا قول الله لِموسى عندما أعطاه الوصايا العشرة: “لا أحد يرى وجهي ويحيا” ويُتابع يوحنّا: “الابن الوحيد الّذي هو في حِضن الآب هو خبّر”. هو يقول لليهود إنّهم إذا أرادوا أن يعرفوا أيّ شيء عن الله ليس أمامهم إلّا باباً واحداً يقرعونه، هو يسوع المسيح. 

يُحاول يوحنّا إفهام النّاس أنّ كلّ يهوديّ لا يقبل بيسوع ليس ابن الله، بينما كلّ وثنيّ الّذي قبل به يُصبح ابناً له فيقول: “إلى خاصّته جاء وخاصّته لم تقبله وأمّا كلّ الّذين قبلوه فأعطاهم سلطاناً أن يصيروا أولاد الله أيّ المؤمنون باسمه الّذين وُلِدوا ليس من مشيئة جسد ولا من مشيئة رجل بل من الله”.

مَن هو الّذي وُلِدَ بِمشيئة جسد وبِمشيئة رجل؟ في العهد القديم، عندما كان ابراهيم وسارة يتناقشان حول موضوع أنهما لم يُرزقا بطفل وتشاورا مع هاجر كي تُنجب لابراهيم طفلاً. هذا هو اسماعيل ابن هاجر الّذي وُلِد بمشيئة جسد وبِمشيئة رجل. لا إمكانيّة لابراهيم وسارة العجوزيْن على أن يُنجبا طفلاً فقرّر الله، بواسطة الملاك، أن يُرزقا بطفل هو اسحق الّذي وُلِد بِمشيئة الله. في ذلك الوقت لم تُصدّق سارة ما قاله الملاك وضحكت، لذا قال لها الله إنّها ستُسمّيه اسحق أيّ “اضحك” كي لا تنسى أنّها لم تُصدّق.

وبالتّالي، يُقيم، هنا، يوحنّا مقارنةً بين ابن هاجر وابن ابراهيم المولود بقرارٍ إلهيّ. عندما يتحدّث الكاتب عن ابن هاجر يقول: “وعرف ابراهيم هاجر وأنجب طفلاً” أمّا عندما يُخبر عن ابن سارة لا يذكر العلاقة بينها وبين ابراهيم لأنّ كلّ همّه أن يجعلك تفهم أنّه قرارٌ إلهيٌّ. فالله يُقيم مشروعاً والقرار في يده، لا ينتظر رأيك ولا مشيئتك. 

وبالتّالي، كلّ مَن آمن بيسوع المسيح صار مولوداً بمشيئة الله أيّ، هو اسحق، وكلّ مَن لم يؤمن بيسوع المسيح، حتّى ولو كان يهوديّاً، صار ابن هاجر. يوحنا هو أوّل َمَن قال ذلك ومن بعده بولس الرّسول الّذي تحدّث عن ابن الحرّة وابن الجارية. إذاً، منذ بداية الإنجيل، يقول يوحنّا إنّ هناك خليقة جديدة، كون جديد بيسوع المسيح، معيارهما هو الإيمان بيسوع فتُصبح ابن الله، وإن لم تؤمن بيسوع فأنتَ لستَ ابن ابراهيم ولا ابن الله. كلامه هذا موجّهٌ إلى اليهود وبخاصّةٍ الى الّذين صاروا مسيحيّين وما زالوا يقولون إنّه إذا كان الّذي آمن بيسوع وثنيّاً سيبقى في المرتية الثّانية وسنظلّ نحن في المرتبة الأولى لأنّنا شعب الله المُختار ولكي يُصبح مثلهم، عليه، في رأيهم، أن يدخل شريعة موسى أوّلاً وبعدها إلى المسيحيّة. ولكن ليس، من الضّروريّ، أن يمرّ الوثنيّ بالشّريعة اليهوديّة الموسويّةً كي يصير مسيحيّاً. هذا هو صراع بولس الرّسول في الكنيسة الأولى فقد دبرّوا ضدّه المؤامرات وحاولوا قتله.

أنتَ، عن طريق اليهوديّة، تدخل في الخِتان، أمّا كي تدخل في المسيح، مباشرةً، فعليكَ أن تدخل في المعموديّة، أيّ الإيمان بيسوع. يقول بولس الرّسول لأهل غلاطية: “أنتم كيف أخذتم الرّوح؟ أبِأعمال النّاموس أو بِسماع الإيمان؟” أيّ كأنّهم أصبحوا ورثة شيء عظيم ولكنّهم أرادوا أن يعودوا أُجراء، فقال لهم: “أيّها الغلاطيّون الأغبياء، مَن سحركم أو رقّاقكم حتّى تتراجعوا عن الإنجيل”. 

إذاً، يسوع المسيح، بالنّسبة إلى يوحنّا، هو أنّ النّاموس، بمجيء يسوع، انتهى سلطانه كشريعة وبقيت فيه كلمة الله، فقط، الّتي يُفسّرها يسوع لذلك هو يُحاول أن يُبعد اليهود المسيحيّين وعلى سبيل المثال يقول في الآية التّاسعة والعشرين من الإصحاح الأوّل: “وفي الغد” أيّ في اليوم التّالي وعندما يقولها في اليوم التّالي أيّ هو يعني اليوم الثّالث ومن بعده اليوم الرّابع وعندما يقول، أخيراً، في اليوم الثّالث بعدها أيّ بعد ثلاثة أيّام فهو يعني اليوم السّابع. “وفي الغد، نظر يوحنّا يسوع مُقبِلاً” فَتكلّم يوحنّا المعمدان وهو آخر أنبياء العهد القديم. 

فَبِمجيء يسوع طُوِيت صفحة العهد القديم وبدأنا بالعهد الجديد، قال لهم: “هذا هو الّذي قلتُ عنه صار قُدّامي، لم أكن أعرفه، لكن لِيظهر لإسرائيل، جئتُ اُعمّد بالماء، وشَهِدَ يوحنّا “قد رأيتُ الرّوح نازلاً مثل حمامة من السّماء فاستقرّ عليه” وفي اليونانيّة “مُستَقِرّاً” تعني أنّه جلس وسيبقى جالِساً. فَفي التّكوين، كان الرّوح يرفّ على وجه المياه. في إنجيل يوحنّا، مشهدٌ جديدٌ بالتّقسيمات ذاتها ولكن بِمعانٍ مُختلفةٍ. إذاً الحمامة تعني الرّوح القدس “الّذي ترى الرّوح نازلاً مُستقِرّاً عليه” هذا هو الّذي عليكم أن تتبعوه.

في الآية الخامسة والثّلاثين، يقول: “وفي الغد (أيّ اليوم الثّالث)، نظر إلى يسوع ماشِياً قال هُوَذا حمل الله” والحمل هو ما يُقدّمه النّاس كذبيحة إلى الله كي يغفر لهم، فَمَن يُقدّم ذبيحةً هو مُرتكِب الخطيئة ولكن، هنا، الله هو الّذي يُقدّم ذبيحة على الرّغم من أنّه ليس بِحاجةٍ إليها، إذاً هو يُقدّمها من أجلنا. وهنا، يحصل التّغيير بالمعنى لأنّ ذبيحة الشّعب غير نافعة، لذلك قرّر الله تغيير الأسلوب وأصبح هو الّذي يُقدّم الحمل. 

أُذكّركم بسفر أشعيا حيث يقول: “أن قدّم نفسه ذبيحةً” أيّ أنّ الله قدّم هذا العبد ذبيحةً من أجل معاصينا “كَشاةٍ سيقَ إلى الذّبح وكِحملٍ بريءٍ من العيْب” ويُتابع: “وفي الغد أيضاً كان يوحنّا واقِفاً هو واثنان من تلميذاه قائلاً هذا هو حمل الله فسمعه تلميذان يتكلّم فَتبِعا يسوع” إذاً من الآن وصاعِداً ستتبع يسوع لا النّاموس؟ “فالتفت يسوع ونظر إليهما يتبعانه، فقال لهما: ماذا تطلبان؟ فقالا: يا معلّم أين تمكث؟ فقال لهما: “تعاليا وانظرا” فَأتيا ونظرا أين كان يمكث ومكثا عنده ذلك اليوم. وكان نحو السّاعة العاشرة وكان أندراوس، أخو سمعان بطرس” أندراوس هو الشجاع، والشّجاع هو الّذي اختار، أوّلاً، يسوع وكان بطرس أخا الشّجاع لأنّه كان يخاف. 

ويُتابع في الآية الثّالثة والأربعين: “وفي الغد (أيّ اليوم الرّابع) أراد يسوع أن يخرج إلى الجليل فوجد فيلبّس فقال له: اتبعني. كان فيلبس من بيت صيدا من مدينة إندراوس وبطرس. فيلبس وجد نثنائيل وقال له: وجدنا الّذي كتب عنه موسى في النّاموس والأنبياء (إذاً هدف كلّ كلمة الله هو أن تصلوا إلى إيجاد يسوع) يسوع ابن يوسف الّذي من النّاصرة، فقال له نثنائيل: أمِنَ النّاصرة يُمكن أن يكون شيء صالحاً؟ (لأنّ النّاصرة تقع في منطقة فيها مزيج من يهود وغيرهم فلا صلاح إن لم تكن المنطقة صافية) قال له فيلبّس: تعال وانظر (وتعني في اللّغة العربيّة تحقّق واختبِر) ورأى يسوع نثنائيل مُقبِلاً إليه، فقال عنه: هوّذا إسرائيليٌّ حقّاً لا غشّ فيه (أيّ هو مؤمن بِحسب النّاموس، صافي العقل، يهوديّاً) قال له نثنائيل:

مِن أين تعرفني؟ قال له يسوع: وأنتَ تحت التّينة رأيتكَ أجاب نثنائيل: يا معلّم أنتَ ابن الله أنتَ ملك إسرائيل” يقول بعض المُفسّرين إنّ نثنائيل كان تحت التّينة وحده قبل أن يُكلّمه فيلبّس فلا أحد يعرف مكانه إلّا الله وطالما يسوع علِم مكانه إذاً هو ابن الله. وهناك تفسيرٌ آخر قُبطيّ استعاريّ يقول: عندما كان نثنائيل طفلاً وقرّر هيرودس قتل كلّ أولاد بيت لحم، خبّأته أمّه تحت التّينة. ولكن هذه القصّة غير موجودة في إنجيل يوحنّا إذاً هذا التّفسير ضعيف. أمّا التّفسير الّذي ينطلق من هذه القراءة فسأشرحه ولكن تذكّروا كلمتيْ التّينة وإسرائيل. 

ويُتابع في الإصحاح الثّاني: “وفي اليوم الثّالث” أيّ أصبحوا في اليوم السّابع في عرس قانا الجليل حيث يُصبح الماء خمراً إضافةً إلى مريم ويسوع الّذي يقول لها “يا امرأة” وهناك تلاميذه يقولون “رأينا مجده” إذاً في اليوم السّابع نرى مجده في نهاية قصّة قانا الجليل، وفي نهاية إنجيل يوحنّا، ظهر مجد يسوع على الصّليب أيّ بالنّسبة إلى يوحنّا، الصّليب هو المجد. فعندما صُلِبَ يسوع تَمَجَّدّ. كما في الإصحاح السّابع عشر “مجّدني بالمجد الّذي كان عندك قبل كون العالم”. وهو على الصّليب، صرخ بأنّه ابن الله قائدُ المئة وهو وثنيّ لا يهوديّ أيّ هو الّذي وصل إلى الاعتراف بيسوع في مكانٍ صعب، الاعتراف بِربوبيّته، وبهذا صار ابناً لله بحسب إنجيل يوحنا، واليهوديّ الّذي لم يقبل بيسوع وقرّر أن يصلبه صار ابن هاجر.

في إنجيل يوحنّا كلّه، تُذكر عبارة “يا امرأة” مرّتيْن، في عرس قانا الجليل وعلى الصّليب. لقد نادى يسوع أمّه “يا امرأة” ليس لِيُقلّل من شأنها، كما يقول البعض، فمعنى “امرأة” هو حوّاء فهو يقول لها “أنتِ حوّاء الجديدة” إذاً هذا تكريمٌ فائق لها والدّليل على ذلك هو أنّه قال لها: “ما لي ولكِ يا امرأة لم تأتِ ساعتي بعد” قالت: “مهما قال لكم فافعلوه”. 

إذاً حوّاء الجديدة لم تُرِد أن تسمع بأذنها إلّا من يسوع كما تطلب من الجميع أن يسمعوا من يسوع. بينما في العهد القديم، سمعت حوّاء من الأفعى. في عرس قانا، كانت مريم مع التّلاميذ وعلى الصّليب كانت مع التّلميذ، فَالمهمّ مَن يبقى إلى المُنتهى. في عرس قانا، الماء أصبح خمراً وعندما شُكّ يسوع في جنبه وهو على الصّليب نزف ماءً ودماً. هنا يظهر التّشابه بين عرس قانا وصلب يسوع. والعرس يعني الفرح، إذاً أنتم دخلتم الفرح الدّائم بِقبولكم عمل يسوع الخلاصيّ على الصّليب علماً أنّه لا دور للعريس في عرس قانا الجليل، على عكس يسوع وهو الآمِر النّاهي، إذاً هو العريس.

يُتابع يوحنّا: “وبعد هذا، انحدر إلى كفرناحوم هو وأمّه وإخوته وتلاميذه وأقاموا هناك أيّاماً ليست كثيرة، وكان فصح اليهود قريباً فصعد يسوع إلى أورشليم ووجد في الهيكل الّذين كانوا يبيعون بقراً وغنماً وحماماً، والصّيارفة. وقال لباعة الحمام: ارفعوا هذه من ههنا لا تجعلوا بيت أبي بيت تجارة، فتذكّر تلاميذه أنّه مكتوب: غيرة بيت أبي أكلتني”. لقد تحدّث فقط مع باعة الحمام أيّ باعة الرّوح القدس الّذين يُتاجِرون بالرّوح، وهم اليهود الّذين استعملوا الهيكل من أجل تحقيق مصالحهم حتّى يبقَوْا الأمّة ويُصبح يسوع خارجاً، ولكن هو الّذي دخل وهم أًصبحوا خارجاً. يُتابع: “فأجاب اليهود وقالوا له: أيّة آية تُرينا حتّى تفعل هذا؟” هم يُريدون منه أن يجعل عجيبةً تحصل لكي يُصدّقوه. 

في إنجيل يوحنّا، لا وجود لكلمة “عجيبة” ولكن “آية”. تحمل الكلمتان المضمون نفسه ولكن، أدبيّاً، العجيبة هي عمل خارق يظهر في عمل الله أمّا الآية فهي لافتة تدلّك إلى الّذي ستذهب إليه. يوحنّا، في إنجيله، يتكلّم على العجائب على أنّها آيات. عليكم أن تتخطَّوْا العجيبة لكي تصلوا إلى المكان الحقيقيّ فالآية هي الّتي توصلكم إلى الله شرط ألّا تتوقّفوا عندها. “أجاب يسوع وقال لهم: أُنقضوا هذا الهيكل، وفي ثلاثة أيّام اُقيمه” لقد استعمل كلمة “أُقيمه” وليس “أبنيه”. “وأمّا هو فكان يقول عن هيكل جسده” إذاً صار يسوع هيكل الله الحقيقيّ، سيقتلونه ويقوم في اليوم الثّالث. إذاً هو يتكلّم على موته وقيامته أيّ انتهى الهيكل.

في العهد القديم، في سفر الملوك، في الإصحاح الرّابع، يقول: “وكان إسرائيل كلٌّ آمناً، مُستقِرّاً، كلٌّ تحت تينته وكَرْمَتِهِ”. وفي الإصحاح الخامس يبدأ ببناء الهيكل. أيّ قبل بناء الهيكل كنتم تعيشون بأمانٍ واستقرارٍ لأنّ الله كان يحميكم، بعدها أردتم بناء الهيكل لِيؤمّن لكم الحماية والمجد والسّلطة فتدمّر الهيكل وتدمّرتم معه.

قرأ يوحنّا كلمة الله في العهد القديم في سفر الملوك ثمّ أعاد كتابتها، بطريقةٍ جديدةٍ، وفسّرها: “أمّا أنتَ يا نثنائيل فتحت التّينة رأيتُكَ” يُذكّر بما كان قبل دخول الشّريعة والنّاموس والموسويّة والغِنى الموجود في الهيكل، بعدها تكلّم على الهيكل، ثمّ ضربه، فيُصبح يسوع الهيكل أيّ حضور الله. لم يعد الله يسكن في الهيكل الحجريّ بل سكن في الهيكل البشريّ أيّ يسوع. إذاً كلّ مَن قبِل بيسوع المسيح دخل عائلة الله. إذاً لا يستطيع اليهود أن يحصلوا على الله من دون يسوع.

يقول يسوع، في الإصحاح العاشر: “أنا هو الباب لا أحد يدخل إلّا بي” لا تستطيع أن تدخل إلى الله من النّافذة وإلّا أصبحتَ لصّاً سارقاً. إذاً كلّ مَن قرّر أن يصل إلى الله من دون يسوع هو لصّ. هكذا فعل اليهود ونحن، المسيحيّون، جعلنا هذه السّرقة شرعيّة وتركنا العهد القديم لهم فوقعنا في الفخّ. هذا الفكر الّذي نتحدّث عنه يوصلنا، في الحياة، إلى أنّك حين تقبل بيسوع وتعتقد بأنّكَ أصبحتَ على العرش، تعتقد أنّ الّذين لم يصلوا بعد لا يستحقّون ما حصلتَ أنتَ عليه بِحسب قانونكَ البشريّ. لو اتّبعتَ قانون الله وهو “مَن أتى في السّاعة الأولى أو في السّاعة الثّانية سيحصل على الأجر نفسه” فيعترض البعض على عدم وجود العدل، ولكن بدلاً من أن تتكلّم على العدل تكلّم على الرّحمة، فلو لم يخترك ربّ العمل لَكنتَ لا تزال تنتظر خارجاً. 

إذاً لولا رحمة السّيّد الّذي اختارك لَكنت لا تزال تنتظر فعليك أن تنظر من رحمة عينيّ لا من عدلك، لأنّك من دون عدل ورحمة. إيمانك بيسوع يجعلك عادلاً ورحوماً وبالتّالي، على اليهود أن يقتنعوا بأنّه لم يعد هناك مرتبة أولى ومرتبة ثانية بيسوع المسيح بل أصبح الجميع متساويًا. من هنا، ميزة المسيحيّ أنّه مٌقتنع بأنّه ليس مميّزاً على عكس الشّعوب كلّها المُقتنعة بأنّها مميّزة من أصغرها إلى أكبرها ما عدا المؤمن المسيحيّ، فيسوع هو المميّز وأنتَ تتبعه لا بل هو الفريد، الوحيد، ابن الله الوحيد.

سنرى، في الإصحاح الثّالث، نوعاً من النّقاش بين يسوع ونيقوديموس وهو أهمّ عالِم لاهوت، أهمّ حزب دينيّ في إسرائيل. وهو، في آخر المطاف، سيتبع يسوع من دون أن يعرف أحد. إذاً سندخل جنّة يوحنّا وحديقته في الأسبوع المقبل.

ملاحظة: دوّن الشرح بأمانةٍ من قبلنا.

Instagram
Copy link
URL has been copied successfully!
WhatsApp