“إنّي أتَيتُ لِأَخدُم لا لِأُخدَم” (مت 20: 28)”

بقلم الأب عبود عبود الكرمليّ.

“إنِّي أَتَيتُ لأَخدُم لا لأُخدَم” (مت 20: 28). يَبدو ثَقِيلاً وصَعباً ما قالَه الربُّ يسوع، إنّ مَن أرادَ أنْ يَتبَعَهُ، فعَلَيه أنْ يَخدُمَ لا أنْ يُخدَم. وَلَكِنَّه يَهون ويسهُلُ، لأنَّه هو الَّذي قال وهو الَّذي يُقدِّم في الوقتِ نفسِه المساعدةَ اللَّازمةَ لإتمامِ ما قالَه.

يقصد يسوع بـ “أَتيتُ لِأَخدُم”؟ أنّه سيَحمِلُ كلَّ ما هو مُزعِجٌ وَسيَخدِمُني. وَعِندما تَشرَعُ أنتَ في تطبيق سِيرَتِي وتَعاليمي، سَوفَ يَكثُر الـمُعارِضُون ويَكثُر واضِعو العَراقيل، ويَكثُر السَّاعونَ في تَحوِيلِكَ عن عَزمِكَ، وقد يَكونُ هؤلاء مِمَّن يَقولون إنّهم أتباعُ المسيح الَّذين كانوا يَمنَعون العُميانَ مِنَ الصُّراخ. وَلِهذا حَوَّلْ كلَّ شيءٍ إلى الخدمة وتَحمَّلْ وَاحمِلْ ولا تَقَع.

إنَّه مَجدُ مَن يَبذُل نفسَه مِن أجلِ الآخَرين. إنَّه مَجدُ أُولَئكَ الَّذين هُم أعظَمُ في الخِدمة، إنَّ المجدَ الحقيقيّ الَّذي نَعتَبره مُهِمًّا لِنَعيشَه مِن أجلِ حَياتِنا هو مَجدُ الخِدمة، واتِّخاذُ القَرارِ بِشَأنِ حَياةِ الآخَرين، وأنْ نَكونَ واحِداً عن يَمينِ الربِّ.

وَكَأتْباعٍ حَقِيقِيِّن لِيَسوع، علينا نَحنُ أنْ نَخدُمَ الآخَرين. الخدمةُ هي تقديم المساعدة لِمَن يحتاجُها، ومُرافَقة وإرشاد مَن هُم في أزمةٍ شديدةٍ أو حُزنٍ، وهذهِ الخِدمةُ تَنشأ مِنَ الحُبِّ الحَقيقيِّ للمُخَلِّص، وتُوصِلُ المخدومِينَ إلى المسيحِ… ذوقُوا وانْظُروا ما أطيبَ الربَّ. وأنْ يَكتَسِبَ الإنسانُ فَضَائلَ روحِيَّةً، وأن تَظهرَ في حياتِه اليوميَّة ثِمارُ الرُّوح القُدُس.

قَدَّمَتْ لنا أُمُّنا مريمُ العذراءِ مِثالاً يُحتَذى بِه، عندما ذَهَبَتْ إلى ألِيصابات لِتَخدُمَها عندما عَلِمَتْ أنَّها حُبلى مَع أنَّها أُمُّ المسيح، ومَكثَتْ عِندَها ثَلاثةَ أشهُرٍ تَخدُمُها حتى وَلَدَتْ يوحنَّا (لو 1: 39- 56).

الخِدمَةُ صَليبٌ يَحمِلُه الخادمُ في أرضٍ مُبَلَّلةٍ بِالعَرَقِ والدُّموع. وخادِمُ الله لا يَعرِفُ اليأسَ أبداً. اِفْرَح لأنَّكَ خادمٌ مع ربِّنا نفسِه وتُحِبُّ قريبَكَ كَنَفسِكَ. واستَمتِعْ بالخِدمةِ لأنَّ الخِدمةَ تُعطي الفَرَح.

لَيسَ هذا الكلامُ فقط للمُكَرَّسين والـمُكَرَّساتِ بَل للعِلمانِيّين أيضاً. الكنيسةُ كُلُّها، الجَسدُ كُلُّه، الأعضاءُ كُلُّهم، كُلُّ واحدٍ بِحَسَبِ مَهَمَّتِه ووَظِيفَتِه يَجب أن يَتبَعَ المسيح.

“المسيحُ صارَ خادِماً للفقراء، إنَّ اللهَ يُحبُّ الفُقَراء، ويُحِبُّ مَن يُحِبُّهم. علينا أنْ نُفضِّل الخِدمَةَ على كُلِّ شيءٍ، ويَجِب أن نَقومَ بِها مِن غيرِ تأخيرٍ أو تأجيل” (القديس منصور دي بول).    

Instagram
Copy link
URL has been copied successfully!
WhatsApp