“حان الزَّمان”
بقلم الأب ابراهيم سعد،
هلْ؟
هلْ تقبَل؟
هلْ تقبَل أنْ تكون مجهولاً؟
هلْ تقبَل أنْ تكون نكرةً؟
هلْ تقبَل أنْ تكون بِلا قيمةٍ؟
هلْ تقبَل أنْ تكون بِلا قوّةٍ؟
هلْ تقبَل أنْ تكون في مكانٍ لا يليق بِكَ؟
هلْ تقبَل أنْ تكون مطرودًا وملاحقًا وأنتَ بِلا عَيبٍ؟
هلْ تقبَل أنْ تكون مَنسيًّا؟
ها هو الزّمان الذي حان ليُرسِل الله ابنَه مولودًا ليُبطِل عَنكَ المجهوليّة وتَصير معروفًا من الآب، لِتَصير لكَ كرامةٌ، لِتَصير ذا قيمةٍ، لِتَصير في مكانٍ يليق بِكَ، لِتَصير في حضنِه وتَصير ابناً للآب بعد أن كنتَ مَرميًّا بين أنياب العبوديّة. حانَ الزّمان الذي اختاره الربّ زمانًا مناسبًا لكَ أنتَ، اختارَ كلَّ شيءٍ لأجلكَ أنتَ: اختارَ من السّماء نجمةً، من الأرض كوخًا، من الملائكة تسبيحًا، من الرّعاة سجودًا، من الغرباء هدايا، من البشريّة عذراءَ. تحمّل الاضطهادَ منذ طفولتِه، عانى الهروبَ منذ صِغره، واجَه المؤامرات وهو ما زال عاجزًا عن المـشْي،كلّ هذا كان لأجلِكَ أنتَ. أنتَ ثم أنتَ كنتَ هدَف كلّ هذا .هل يَعني لكَ شيئًا ما فعَل وما حصَل له؟ هل يُفرحكَ هذا؟
وأنتَ،كيف تعبّر عن فَرحِكَ؟ أبِضَجيج الدّنيا وزينتها يَكمُن فَرحُكَ؟ أبِانشِغالِكَ بالحفلات والسّهرات يَكمُن فَرحُكَ؟ أبِلِباسِكَ الجديد يَكمُن فَرحُكَ؟ أمْ كلّ هذا هو مَرحُكَ؟
ما الذي يُفرحكَ بمجيئه؟ ما الذي تغَيّر فيكَ بِمولدِه؟ هلْ حانَ زمانُكَ أيضًا؟ هل اختَرتَ ما تَرغَب بِتقديمه له؟ هل أخذتَ قراركَ أم ما زلتَ تضطرِب كأورشليم وهيرودس؟ هل توَدُّ السّجود له لتكون راعيًا لِغنَمه؟ هل تحبّ التّسبيح لِتُشاركَ ملائكته؟ هل فيكَ من نور النّجم لِتضيء من حَولكَ؟ هل قرّرتَ العَودة من غُربتكَ لتُقدِّم حياتكَ له كبخورٍ أو ذهبٍ؟ هل تبتّلتَ عن خطاياكَ وأهوائكَ لتَلده كما مريم؟ الآن حانَ زمانُكَ، حانَ قرارُكَ، حانَت مبادرتُكَ، حانَت عودتُكَ، حانَت تَوبتُكَ.
اِذهَب وأسرِع لاستِقباله ليَكون لكَ دَورٌ في قِصّتِه ولتُصبِح قِصّتُه قِصّتَكَ، عندها نرى فرَح العيد على مَحيّاك، عندها نَصرخ: المسيح وُلِد، هللويا!