“رسالة إيمان ورجاء”
عظة للأب نايف الزيناتي، خادم كنيسة مار يوسف – المطيلب.
باسم الآب والابن والرّوح القدس، الإله الواحد، آمين.
ها نحن اليوم مجتمعِون للاحتفال بالذكرى الحادية عشر لانطلاقة جماعة “أذكرني في ملكوتك”، في هذه الرعيّة المباركة.
إنّ رسالة جماعة “أذكرني في ملكوتك” هي أن تكون علامة رجاء في هذه الرعيّة. لا يمكننا الكلام عن الرَّجاء في أيّام الفرح والبحبوحة، إنّما في أوقات الحزن والشِّدة، فالرَّجاء يقوم على وقوف الإنسان جنبًا إلى جنب مع أخيه الإنسان لا على المستوى الماديّ أو المستوى الكلاميّ، إنّما على المستوى الإيمانيّ، أي بالصّلاة من أجل تَثبيت الآخَرين في الإيمان. تُذَكِّرنا هذه الجماعة بأنَّ إيماننا بالربّ هو ثابتٌ وحقيقيّ. عند انتقال أحد أحبّائنا بالموت، يكون الإنسان عاجزًا عن رؤية الأمور على حقيقتها إذ يُغشَّى على عَيْنَيه بسبب تلك الصُّعوبة الّتي اعترَضَته. إنَّ دَور هذه الجماعة يقوم على تذكيرِنا بضرورة الصّلاة لتَجاوزِ هذه الأزمة، وبوجود الربِّ في حياتنا على الرُّغم مِن صعوباتنا الّتي نواجهها.
عند وفاة حبيبٍ أو عزيزٍ، يعتقد بعضُ المؤمِنِين أنَّ الربَّ يسوع قد تَرَكهم إذ انتزع منهم أحبّاءهم، إذ أخذَهم إليه، وهذا الاعتقاد خاطئٌ تمامًا، لأنَّ الله يُحبُّنا ولا يرغب في رؤيتنا حزانى. إذًا، إنَّ دَور جماعة “أذكرني في ملكوتك”، يقوم على دَعوَتنا للثّبات في الرَّجاء الحقيقيّ، عبر تذكيرِنا بأنَّ الربَّ يسوع المسيح الّذي “هو هو، أمس واليوم وإلى الأبد”، سيبقى صَخرتَنا الحقيقيّة الّتي عليها نستطيع الاستناد لا في أوقات الحُزن فقط، إنَّما في كلِّ أوقات حياتنا.
إنَّ الربَّ يسوع قد أوصانا بالمحبَّة، وهذه المحبّة لا نعيشها مع إخوتنا بعد انتقالهم من هذا العالم، أي بعد موتِهم، إنَّما علينا عَيْشُها وممارستها مع إخوتنا، وهُم على قَيد الحياة. وهنا يُطرَح السُّؤال: كيف باستطاعَتنا محبّة مَن أساء إلينا ومسامَحته؟ يظهر الرَّجاء المسيحيّ الحقيقيّ والإيمان والثِّقة بالربّ، لا عند موت أحبّائنا، إنّما عند مسامَحَتنا لهم. إذًا، نحن مدعوُّون كي نتذكَّر على الدَّوام وصيّة الربِّ الّتي تدعونا إلى محبّة بعضنا البعض، لا إلى القيام بأعمال عظيمة: عندما نفكِّر بعظمة محبّة الله لنا على الرُّغم من خطايانا، سنجد سهولةً في محبّة الآخَرين وبخاصّة الّذين أساؤوا إلينا.
وهنا نُصبح علامة الرَّجاء للآخَرين من خلال محبّتنا للربِّ يسوع، وبمحبّتنا لبعضنا البعض. على المؤمِن أن يُحِبّ إخوته البشر في حياتهم الأرضيّة، كما في مماتهم، فيصلِّي لهم، مُعبِّرًا لله عن محبَّته لإخوتِه. إنَّ فكرَ الله مُخالِفٌ لفِكرنا البشريّ: ففِكرنا البشريّ مَبنيّ على “الواسطة”، أمّا فكِر الله فَمَبنيّ على الثِّقة والوفاء: فالله وَفِيٌ لنا وواثقٌ بنا، وهذا ما يدعونا إلى محبّته والوفاء له، من خلال صلاتنا لأمواتنا تعبيرًا عن محبّتنا له.
فلنُصلِّ إخوتي في هذا الصّباح المبارك، من أجل جماعة “أذكرني في ملكوتك”، كي تبقى علامة الرَّجاء في حياتِنا، فنتذكَّر على الدّوام أنَّ إيماننا مبنيٌّ على الصَّخر أي يسوع المسيح، لذا مهما حَدَث في حياتنا، فيسوع المسيح سيبقى هو الأوّل والأخير فيها، له المجد إلى الأبد. آمين.
ملاحظة: دُوِّنَت العِظة بأمانةٍ مِن قِبَلِنا.