عيد رأس السّنة
تأمّل للأب ابراهيم سعد.
بعد الانتهاء مِن فرحة عيد الميلاد، يبدأ المؤمنون بالتّحضير لعيد رأس السنة. إنّ حركة النّاس في هذه الفترة من السّنة، تدفعنا إلى التساؤل حول سبب إعطاء كلّ تلك الأهميّة لهذا العيد.
إنّ المؤمنين يدمجون بين هذين العِيدَين حتّى يُخيَّل إليهم أنّهما عيدٌ واحدٌ بقِسمَين: القسم الأوّل يأتي في بداية الأسبوع، وهو عيد الميلاد، يتمّ فيه التحضير لاحتفالٍ يجمع أفراد العائلة الواحدة؛ أمّا القسم الثاني فيأتي في نهاية الأسبوع، وهو عيد رأس السّنة، يتمّ فيه التحضير لاحتفالٍ يُحرِّر الفَرد من كلّ رابط عائليّ.
لقد أصبح عيد رأس السّنة، عند المؤمن مرتبطًا بالاحتفال، عِوَضَ أن يُشكِّل هذا العيد مناسبة ليَقَظَتِه ووَعْيِهِ. على المؤمن في هذا العيد، أن يقوم بإعادة قراءة زمنه الماضي، فيضع انطلاقًا من تلك القراءة خارطةً لطريقه الّتي سيسلكها في السّنة التّالية، إذا وَهبَه الله المزيد من السِّنين في هذه الحياة.
على المؤمن أن ينطلق في وَضعِه لتلك الخارطة من نظرة جديدة للآخرين، ومن ذهنيّة جديدة مبنيّة على قلبٍ متجدِّد وحوّاس جديدة. يبدأ المؤمِن سَنَتَه الجديدة، بفرحٍ متجدّدٍ من حيث الشَّكل، لكنّ هذا الفرح في الحقيقة، هو فرحٌ آنيّ لا يدوم، بسب تمسُّكه بذهنيّته القديمة، ممّا يدفع بالإنسان إلى عيش حالةٍ من التناقض مع ذاته، وهنا تكمن المشكلة.
إنّ حالة التناقض هذه الّتي يعيشها الإنسان، تدفعه إلى السَّعي لحماية ذاته وقراراته، وجِدّيته، الّتي تُعبّر عن عدم مسؤوليّة الإنسان في الحقيقة. إنّ فوضى هذا العيد، تُلهِي الإنسان عن نفسه، فيبقى كما هو دُون أيّ تغيير.
إخوتي، إنّ هذا العيد يُدعى “رأس السّنة”، لا “نهاية السّنة”، فكما أنّ رأس الإنسان هو الّذي يُحرِّك كلّ جسده، كذلك على يوم “رأس السّنة”، أن يكون هو المحرِّك لكلّ السّنة المقبلة. في هذا العيد، على المؤمِن أن يُحدّد الذهنيّة الّـتي يريد اعتمادها في هذه السّنة القادمة، فتكون منطلقًا لكلّ أعماله.
إنّ بقاء الإنسان على حاله مِن سَنة إلى أخرى، تُعبّر عن عدم رغبته في التطوّر والنموّ. لا يُقصَد بكلامي هذا، تخلّي الإنسان عن الفرح العالميّ الّذي يجمعه بإخوته البشر في هذا العيد، إنّما أن يُعيد الإنسان النّظر في ما يُحيط به، فيغيّر نظرته إليها بما يتوافق مع تعاليم الكتاب المقدّس. آمين.
ملاحظة: دُوِّن هذا التأمّل مِن قِبَلِنا بتصرُّف.