كلمة رجاء للخوري ميراب الحكيم،
خادم رعيّة السيّدة الكبرى، بيت شباب، المتن.
“فآمنوا بي أيضًا، في بيت أبي منازل كثيرة…” (يو 14: 1-6)
الله معكم، إنّ تأمَّلنا اليوم هو مِن خطاب يسوع الوداعي في إنجيل يوحنّا الإصحاح 14. في العشاء الأخير، دعا يسوع تلاميذه ويدعونا نحن أيضًا كي يكون الإيمان الّذي نسميّه “الإيمان بالله”، والّذي نصوِّره عادةً في عقلِنا أنّ الآب هو خالق كلّ شيءٍ، أن يكون هذا الإيمان نفسه هو بِيَسوع ابن الله الّذي تجسَّد من أجلنا، والّذي أصبح هو “الطريق والحقّ والحياة” الّذي يجعلنا نَعرف الله أكثر، فيكون أقرب إلى إنسانيّتنا ومحدوديّتِنا ومخيِّلتِنا.
في هذا الخطاب الوداعيّ، يُحضِّر يسوع تلاميذه إلى ساعة فراقِه عنهم: هو الآن معهم في الجسد وقد تعلَّقَ به التلاميذ كثيرًا، إذ اعتادوا على وجوده؛ لكنّه غدًا لن يكون معهم في الجسد، لذلك في كلامه اليوم، يُطمئِنُهم، فيتذكَّروا كلامه بعد أنْ تتمّ كلّ الأحداث، ويَفهموا أنّه هو الله بنَفسه. لا، بل أكثر من ذلك، يقول الربّ يسوع لهم في كلامه اليوم معهم، إنّه ذاهبٌ إلى أبيه، ولكنّه سيَعود إليهم من جديد ليَأخُذَهم معه إلى بيت أبيه، كي يكونوا على الدَّوام معه، حيثُ يكون.
للوهلة الأولى، يُخيَّل إلينا أنّ المنازل الّتي يتكلَّم عنها الربّ هي بيوتٌ تُشبه بيوتَنا الأرضيّة، ولكنّها في الحقيقة، مَنازِل من نوعٍ آخر، إنّها مكانُ سُكنى الله أي أنّها في قَلب الله؛ ويسوع هو المفتاح للدُّخول إلى هذه المنازِل، إذ إنّه “الطريق والحقّ والحياة”.
في مسيرتنا الأرضيّة، نحن معرَّضون على الدَّوام إلى خسارة أشخاص نُحبُّهم يَختَفون عن نظرنا، فنشتاق إليهم، تمامًا كما حدث مع التّلاميذ عندما مات يسوع فَخَسِروه. ولكن وصيّة الربِّ يسوع الأخيرة ووَعدَه لتلاميذه وللكنيسة واضحٌ، إذ يقول لهم: أنا سبَقتُكم، وفتَحتُ لكم أبواب منازل السّماء الّتي كانت مُقفَلة؛ لذا، مِن الآن فصاعدًا، كلُّ مَن ينتَقِل مِن هذه الحياة، وكان في حياته الأرضيّة مؤمِنًا بي، وكان يعيش معي على هذه الأرض، سآتي وآخذُه إلى هناك، أي إلى المنزِل الأبديّ ليكون معي ومع أبي إلى الأبد.
هنيئًا لنا بإلهٍ أحبَّنا إلى هذه الدَّرجة، فأمَّن علينا في حياتنا ومماتنا أن نكون متَّحدين به، ونبقى على الدَّوام أحياءً في الله. آمين.
ملاحظة: دُوِّن التأمّل بأمانةٍ مِن قِبَلِنا.