محاضرة للأب فادي بولس اسكندر،

كاهن رعيّة السيّدة العذراء مريم للسريان الأرثوذكس – برج حمود.

فمَن يفصلُنا عن محبَّة المسيح؟ (رو 8: 31-39)

النصّ الإنجيليّ:

“فماذا نُضيفُ إِلى ذٰلِك؟ إِذا كانَ اللهُ معَنا، فمَن يَكونُ علَينا؟ إِنَّ الَّذي لم يَضُنَّ بِٱبْنِه نَفسِه، بل أَسلَمَه إِلى الـمَوتِ مِن أَجْلِنا جَميعًا، كَيفَ لا يَهَبُ لَنا معَه كُلَّ شَيء؟ فمَن يَتَّهِمُ الَّذينَ ٱختارَهمُ الله؟ اللهُ هوَ الَّذي يُبَرِّر! ومَنِ الَّذي يُدين؟ الـمَسيحُ يَسوعُ الَّذي مات، بل قام، وهو الَّذي عن يَمينِ اللهِ والَّذي يَشفَعُ لَنا؟ فمَن يَفصِلُنا عن مَحبَّةِ المسيح؟ أَشِدَّةٌ أَم ضِيقٌ أَمِ ٱضْطِهادٌ أَم جُوعٌ أَم عُرْيٌ أَم خَطَرٌ أَم سَيْف؟ فقَد وَرَدَ في الكِتاب: “ِإنَّنا مِن أَجْلِكَ نُعاني الـمَوتَ طَوالَ النَّهار ونُعَدُّ غَنَمًا لِلذَّبْح”. ولٰكِنَّنا في ذٰلِكَ كُلِّه فُزْنا فَوزًا مُبينًا، بِالَّذي أَحَبَّنا. وإِنِّي واثِقٌ بِأَنَّه لا مَوتٌ ولا حَياة، ولا مَلائِكَةٌ ولا أَصحابُ رِئاسة، ولا حاضِرٌ ولا مُستَقبَل، ولا قُوَّات، ولا عُلُوٌّ ولا عُمْق، ولا خَليقَةٌ أُخْرى، بِوُسعِها أَن تَفصِلَنا عن مَحبَّةِ اللهِ الَّتي في المَسيحِ يَسوعَ رَبِّنا”.

 

التأمّل في النّص الإنجيليّ:

شكرًا جزيلاً لاستقبالِكم لي؛ وشكرًا لكلِّ الخُدَّام والأعضاء الـمُلتَزِمين في جماعة “أذكرني في ملكوتك”، الّذين نطمحُ وإيّاهم أن نكونَ في ملكوت الله، في هذا العالَم وفي العالَم الآخَر. نُصلِّي إلى الربِّ، ونطلبُ منه أن يكونَ دائمًا معنا، وأن يُقوِّيَنا وأن يُعزِّيَنا كي نتمكَّنَ من تَعزيةِ الآخَرين، وأن يُعطيَنا محبَّته فَنُوزِّعَها على الآخَرين ونتقاسَمها معهم، ونَستفيدَ من تلك المحبّة في حياتنا الأرضيّة. نسأل الله أن يمنحَنا بَرَكته في هذا اللّقاء، ونطلبُ أن تكونَ صلاةُ مريم العذراء وصلاةُ القدِّيسِين والشُّهداء معنا، ومع كلِّ فردٍ من أفراد جماعة “أذكرني في ملكوتك”. آمين.

سوف نبدأ بقراءة النَّص الّذي اختَرناه لنتأمَّلَ به اليوم، فنَستَخلِصَ منهُ زوَّادةً روحيّةً لحياتنا المسيحيّة.

قَبلَ البَدءِ بِتَفسيرِ هذا المقطعِ مِن رسالةِ القدِّيس بولس إلى أهل رومة، سوف نتكلَّم على حَيثيِّات كتابةِ هذه الرِّسالة. بحسب الأبحاث الكتابيّة، كُـتِبَت هذه الرِّسالة ما بين سنة 57 وسنة 58 ميلاديّة في قورنتس، أي خلالَ رِحلةِ بولسَ التبشيريّة الثَّالثة، وهو كان يَنوي زيارة روما، عاصمةِ الأمبراطوريّة. كانت كنيسةُ روما تَدعَمُ المسيحيِّين في أورشليم مِن خلالِ تقديم التَّبرُّعاتِ لهم. لقد أملى بولسُ هذه الرِّسالةَ على الكاتب ترتيوس (رو 16 : 22)، الّذي دوَّنها. إنّ هذه الرِّسالةَ تَندَرجُ ضمن الرَّسائلِ البولُسيّةِ الكُبرى، والرَّسائلُ البولُسيّةُ الكُبرى تتضمَّن: الرِّسالة إلى روما، إضافةً إلى الرِّسالتين إلى أهلِ قورنتس، والرِّسالةِ إلى أهلِ غلاطية؛ وقد سُمِّيَتْ بالرَّسائلِ الكُبرى لأنّها تحتوي على الكثيرِ من الإيضاحاتِ حول العقائدِ المسيحيّة، وهي تاريخيًّا ذات تأثير على المسيحيِّين. كانت رسالةُ القدِّيس بولس إلى أهل روما محطَّ خلافٍ بين المسيحيِّين في القرن الخامس عشَر، إذ إنّها تُناقش مسألةَ أسبَقيّةِ الإيمان على الأعمال، فانشَّقَتْ بعضُ المجموعاتِ المسيحيَّة عن الكَنيسةِ الكاثوليكيّة. ولكن، أصبحَت هذه المشكلة أسهلَ مع الوقت نتيجة تطوُّرِ المسيحيِّين في فَهمهم للإنجيل وللشّروحات الكِتابيّة.

 كان المسيحيُّون في روما يُقسَمون إلى قِسمَين: القِسم الأوَّل هو المسيحيُّون من أصلٍ يهوديّ، والقسم الثَّاني هُم المسيحيِّون الّذين لَيسوا يهودًا بالأصل. كان القِسم الأوَّل من المسيحيِّين يحاولُ أن يوضِحَ للقِسم الثَّاني أنّ الطريقَ إلى المسيحيّة يبدأ من خلالِ الالتزامِ بالشَّريعةِ اليهوديّة والعاداتِ اليهوديّة؛ أمَّا القسمُ الثَّاني من المسيحيِّين فكان يحاول الابتعادَ عن هذه الشَّريعة، لأنَّه لم يَكن أصلاً ملتَزِمًا بها قَبل أن يُصبح مسيحيًّا. 

وجَّهَ بولسُ الرَّسول رسالَته هذه إلى كنيسةٍ تعاني مِن هذه المشكلة، وقد حاولَ من خلالِ رسالتِهِ أن يوحِّدَ المسيحيِّين. كيف تمَّ هذا التَّوحيد؟ تمَّ هذا التَّوحيد بَعد شَرحِ بولسَ لهذه الكنيسة مَن هُم المسيحيُّون. حسب هذه الرِّسالةِ، فإنّ المسيحيِّين هُم الّذين يتجاوبون مع محبَّةِ الله الّتي ظهرَتْ في المسيحِ يسوعَ الّذي عُلِّق على الصَّليب. ويُعبِّر المسيحيُّون عن هذا التجاوبِ من خلالِ الإيمان؛ فمن دونِ إيمانٍ، أي من دون قبولِنا عملَ محبّةِ الله، نبقى بعيدين جدًّا عن أن نُسمَّى “مسيحيِّين”. 

إذًا، مَن هُم المسيحيُّون؟ المسيحيُّون هُم الّذين قَبِلوا التَّعليمَ الإلهيَّ، المستَنِدَ إلى خِبرَة شعبِ إسرائيل مع الله، إضافةً إلى قبولِهم عمَل النِّعمةِ أي عملَ محبَّة الله بالإيمان فأصبَحوا أولادًا لله؛ وبالتَّالي، يُصبحُ القبولُ بمحبَّةِ الله أي القبولُ بالخلاص، مُتمِّمًا لخبرةِ الشَّعب مع الله. إذًا، لا فَرق بين المسيحيِّين الّذين هُم مِن خَلفِيّةٍ يهوديّة وأولئك الّذين هُم من خَلفِيَّةٍ غير يهوديّة، وبالتَّالي، فإنَّ هذا الإختلافَ في الخَلفيّة لا يُشكِّل بعد الآن سببًا للتَّنازع بين هذين القِسمين من المسيحيّين، إنّما سببًا للتَّلاقي، فإنَّ اختلافَهما يُشكِّل مَصدر غِنىً لكنيسة روما. إذًا، المحبَّةُ هي التّي تَجمع هذين القِسمين المختَلِفيَن من المسيحيِّين، وهذه المحبَّةُ هي الّتي ظَهَرَتْ في التَّاريخ من خلال مَوتِ المسيح وصَلبِه وأدَّت إلى خلاصِ البشريّة. إنّ هذه المحبَّةَ هي التي تَربطُنا بالله، وتَجعلُنا أولادًا وبَناتًا له؛ وهذه المحبَّةُ تَربِطُنا أيضًا بِبَعضِنا البعض، فنَخلصُ من خلالها ونُساهِمُ في خلاصِ الآخَرين من خلالها أيضًا. إنّ قبولَنا بالمسيح يَجعلُنا مختَلِفين عن سائرِ النَّاس، ويمنحُنا حصانةً تُميِّزُنا عنهم.

في هذا المقطع الإنجيليّ، يَطرَحُ القدِّيس بولس عَلينا أربعةَ أسئلةٍ، مِن شأنها أن تؤكِّدَ تَميُّزَنا عن سائرِ النَّاس:

1 – “إِذا كانَ اللهُ معَنا، فمَن يَكونُ علَينا؟” (روم 8: 31). نحن أبناءُ الله، وبالتَّالي، نحن مختَلِفون عن سائرِ النَّاس لأنّنا قَبِلْنا محبَّةَ الله لنا. وإذا كان اللهُ معنا، فمَن يَقِدرُ علينا؟!

2 -” كَيفَ لا يَهَبُ لَنا معَه كُلَّ شَيء؟” (رو8: 32). إنّ هذا السّؤالَ يُعبِّرُ عن بلاغةِ بولسَ الكِتابيّةِ. إنّ بولسَ الرَّسول يضعُ أمامَنا هذه التَّساؤلات، كي يؤكِّدَ لنا أنَّنا كمسيحيِّين مختَلِفون عن سائرِ النَّاس، وهذا الإختلافُ يُشكِّلُ دعوةً للعملِ من أجلِ إذاعةِ الخلاص.

3- “فمَن يَتَّهِمُ الَّذينَ اختارَهمُ الله؟ اللهُ هوَ الَّذي يُبَرِّر!”(رو8: 33): لا يستطيع أحدٌ أن يتَّهِمَنا بشيءٍ، لأنَّ علاقَتنا هي مع الله.

4- “فمَن يَفصِلُنا عن مَحبَّةِ المسيح؟ أَشِدَّةٌ أَم ضِيقٌ أَمِ اضْطِهادٌ أَم جُوعٌ أَم عُرْيٌ أَم خَطَرٌ أَم سَيْف؟” (رو8: 35): مِن خلالِ هذه الأسئلة، يحاولُ بولسُ الرَّسول أن يُثبِتَ للمسيحيِّن تَميُّزَهم عن الآخَرين. وقد عَمِلَ بولسُ الرَّسول على رَبط هذا النَّصِ بكلامِ الله في العهد القديم، إذ قال لنا: “فقَد وَرَدَ في الكِتاب: “إنَّنا مِن أَجْلِكَ نُعاني الـمَوتَ طَوالَ النَّهار ونُعَدُّ غَنَمًا لِلذَّبْح” (رو8: 36). إنّ بولسَ الرَّسول يربطُ بين هذا النَّصِّ وسِفر المزامير، إذ استَخدمَ عبارة: “فقَد وَرَدَ في الكِتاب”. فمِن خلالِ هذا الاقتباس، أراد الرَّسولُ بولسُ أن يؤكِّدَ لنا أنّ تاريخَ الله مع شعبِهِ مُهمٌّ جدًّا لنِفهَمَ رسالةَ الخلاص. وبالتَّالي، من خلالِ استنادِه إلى العهدِ القديم، أرادَ القدِّيسُ بولس أن يَربطَ بين المسيحيِّين من أصولٍ يهوديّة والمسيحيِّين الذين هُم من أُصولٍ غير يهوديّة، وأن يؤكِّدَ على أسبقيّةِ شعبِ “إسرائيل” في الخَلاص. إنّ هذه الأسبقيّةَ تُشكِّل امتيازًا لِشَعبِ الله في الحصولِ على الخلاص، وتؤكِّدُ أنّ اللهَ صادقٌ في مواعيدِه، إذ حقَّقَ كلَّ ما وَعَدَ به شعبَه، فَهو لا ينسى ما وَعَدَ به شعبَه قديمًا، بل يُكمِلُ ويزيدُ عليها.

انطلاقًا من هذ التّفسيرِ الّذي قُمنا به لهذا النَّص، سنحاولُ أن نتأمَّلَ في موضوعٍ مِحوَريّ وفي غاية الأهميّة، وهو المشاكل الّتي تُواجِهُ المؤمِنِين في حياتهم اليوميّة. إنّ بولسَ الرَّسول قد قام بِوَصفِ المشاكلِ الّتي تعترضُ حياةَ المؤمِنِين، وقدَّمها لَهم على شكلِ تحدٍّ لهم للمثابرة على إيمانهم، إذ قال: “فمَن يَفصِلُنا عن مَحبَّةِ المسيح؟ أَشِدَّةٌ أَم ضِيقٌ أَمِ ٱضْطِهادٌ أَم جُوعٌ أَم عُرْيٌ أَم خَطَرٌ أَم سَيْف؟” (رو 8: 35) ثمّ أضاف: “وإِنِّي واثِقٌ بِأَنَّه لا مَوتٌ ولا حَياة، ولا مَلائِكَةٌ ولا أَصحابُ رِئاسة، ولا حاضِرٌ ولا مُستَقبَل، ولا قُوَّات، ولا عُلُوٌّ ولا عُمْق، ولا خَليقَةٌ أُخْرى، بِوُسعِها أَن تَفصِلَنا عن مَحبَّةِ اللهِ الَّتي في المَسيحِ يَسوعَ رَبِّنا.” (روم 8: 38-39)”. 

يَقسُم بولسُ الرَّسول التَّحدياتِ الّتي نواجهُها كمسيحيِّين إلى قِسمَين: القِسم الأوَّل يضمّ الأمورَ الّتي تتعلَّقُ بجسدِيَّتِنا أو عُضويَّتِنا البشريّة وهي موجودةٌ في الآية 36؛ أمَّا القِسمُ الثَّاني فيَضمُّ تحدِّياتٍ على المستوى الرُّوحيّ وهي موجودةٌ في الآيَتَين 38 و39. إنّ المقصودَ بعبارة: “أصحاب رئاسة” ليس الأشخاصَ المسؤولين عنّا؛ إنّما أفعالُهم الّتي تؤثِّرُ على حياتِنا وتؤثِّرُ على إيمانِنا المسيحيّ. إنّ التحدِّياتِ على المستوى الرّوحيّ هي عميقةٌ وعظيمة، ولكنَّها لا تستطيعُ أن تَفصِلَنا عن محبَّةِ المسيح.

انطلاقًا من كلِّ ما قُلناه اليوم، سنُحاولُ أن نُسلِّطَ الضَّوء على خِدمةِ جماعة “أذكرني في ملكوتِكَ”، كي نَستخلِصَ منها زوَّادةً روحيَّةً لنا. إنّ جوهرَ جماعة “أذكرني في ملكوتِك”، حسبَما أفَهَمُ روحانيّتَها، تقومُ على الانقيادِ للرّوح القدس، وتعبِّرُ عن ذلك من خلالِ تقديمِ خِدمةِ المحبّةِ للآخَرين، مِن خلالِ تقديمِ أعضائِها التَّعزيةَ للآخرين، وحصولِهم بالفِعل ذاتِه على التَّعزيةِ من الله. إخوتي، مِن غيرِ الممكنِ أن يَقبَلَ الإنسانُ محبَّةَ الله لنا، وألّا يُمرِّرَها إلى الآخَرين. فإذا توَّقَفْنا عن نَقلِ هذه المحبَّةِ إلى الآخَرين، فإنّنا لا نَستَحِقُّ أن نُدعى “مسيحيِّين”، بحسبِ رسالةِ مار بولس إلى أهلِ روما. 

في القِسمِ الثَّاني من التَّحديّات، يقولُ لنا بولسُ الرَّسول: “وإِنِّي واثِقٌ بِأَنَّه لا مَوتٌ ولا حَياة” (رو 8: 38). عندما نُصلِّي لشخصٍ راقدٍ، فنَحن نتكلَّم مع شخصٍ ما زالَت محبَّةُ المسيح فيه، أي ما زالَت فيه حياةٌ مع المسيح، لأنّ الموتَ لا يستطيعُ أن يَفصِلَه عن هذه المحبَّة. وهنا، نريدُ أن نؤكِّدَ أنَّ هذه المحبَّةَ، الّتي هي في المسيحِ يسوع، تَقودُنا إلى الخلاص. إنَّ بولسَ الرَّسول يُخبرُنا عن موضوعِ الخلاصِ من خلالِ كلماتٍ بسيطةٍ، إذ يقولُ لنا إنّه إذ قَبِلْنا محبَّةَ المسيح، فهذا يعني أنّ اللهَ معنا، وأنّنا معه، أي أنّنا صِرنا مع أبِينا ومُعزِّينا وعَريسِنا، وهذا الارتباطُ قويٌّ جدًّا. في الكِتاب المقدَّس، العهدِ الجديد، يُشبَّه هذا الارتباط: 

أوَّلاً، بعلاقةِ أبٍ بأبنائِه، وهذا ما نجدُه واضِحًا في صلاةِ الأبانا، إذ نقول: “أبانا الّذي في السّماوات” (متّى 5)؛ 

وثانيًا بِعَلاقةِ عريسٍ بعروسِه، إذ نقرأُ في رسالةِ مار بولس إلى أهلِ أفَسُس، أنّ المسيحَ يُحبُّ كَنِيستَه، كما يُحبُّ الرَّجلُ امرأتَه. إنّ هذَين النَّوعَين من العلاقاتِ الإنسانيّة: علاقة الأب بأولادِه، وعلاقة الرَّجل بامرأته، يعبِّران عن الارتباطِ القويّ الّذي يجمع بيننا وبين الله، عندما نكون مسيحيِّين. من خلالِ هذا الارتباطِ القويّ، ننالُ الخلاصَ، الّذي هو استمراريّـَتُنا مع الله، أي ديمومةُ حياتِنا مع الله. إنّ الرِّسالةَ الّتي تَعمَلُ “أذكرني في ملكوتِك” على إيصالها للآخَرين هي، أنّنا نحنُ الأحياءَ لا نزالُ قادِرينَ على عَيشِ المحبَّةِ وتقديمِ التَّعزيةِ للآخَرين؛ لأنّنا لا نزالُ نؤمِنُ بأنَّ مَن انتقَل مِن بَينِنا ليس مفصولاً عن الحياةِ مع المسيح؛ وبالتّالي، نحن قادِرونَ على عَيشِ حياةِ الشَّركةِ مع الكُلّ: الحاضِرين معنا والغائبين والرَّاقدين، فَنُثبِتُ مِن خلالِ خِبرةٍ حياتيّةٍ متجدِّدةٍ أنّنا في طريقِ الخلاص. في الحقيقةِ، إنّ رسالةَ روما هي موجَّهةٌ إلينا اليوم، ونحنُ نُحقِّقُ الغايةَ الّتي مِن أجلِها كَتَب بولسُ الرَّسولُ هذا النَّصَّ من الرِّسالةِ الّذي يُشكِّلُ خاتمةً لِجزءٍ منها. إنّ خاتمةَ جزءٍ من الرِّسالة لا تعني نهايتَها، بل هي خاتمةٌ لجزءٍ منها يُخبرُنا فيه بولسُ الرَّسولُ عن حُلمِه لحياةِ المسيحيّ. هذا الحُلم يقودُه الرُّوحُ القدس.

نُصلِّي دائمًا كي تكونَ خِدمةُ “أُذكرني في ملكوتك” قادرةً على استحضارٍ دائمٍ لمحبَّةِ الله، فتعيشَها ، وتقدِّمَها للآخرين، فتنالَ الخلاص وينالوهُ بدَورِهِم. آمين.     

ملاحظة: دُوِّنَت المحاضرة بأمانةٍ مِن قِبَلِنا.    

 

Instagram
Copy link
URL has been copied successfully!
WhatsApp