القدّاس الاحتفاليّ في عيد القيامة المجيدة،
كنيسة مار تقلا – المروج، المتن.
كلمة ترحيب للأب موريس معوض، خادم رعيّة مار تقلا – المروج، المتن:
بادراكٍ دقيق لمقام المعلِّم الإلهيّ الربّ يسوع على عكس لِصّ الشمال، وبشعور صادق بالنَّدم، انتهز لِصّ اليمين الفرصة وأعدَّ العدَّة للمستقبل. لقد ذاب شوقًا إلى العالم الآخر وهو على بُعد لحظاتٍ منه.
إنّها وَمضَة من الإيمان والرّجاء، اختصر فيها درب الملكوت الطويل. وتحقّقت آماله بجواب مختصر قدَّم المعلِّم للّص التائب عهدًا مؤكدًا: “الحقّ أقول لك.” كأنّي بالمعلِّم ينفُض عن قلب ذاك مصلوب اليمين غبار الشِّك رغم عجزه عن مدّ يد المساعدة لنفسه.
إنّه وعدٌ عاجل: “اليوم تكون معي في الفردوس. إنّه انتقال مِن آلام الصليب إلى أمجاد الفردوس. أوَلَيست حياتُنا كُلُنا تسعى إلى هذا المرتجى؟
أوَلَيسَ هاجسُ كلٍّ منّا؟ أَلَيسَ قولُ صاحب المزامير عن: إنَّ ألف سنةٍ في عينيّ الربّ كيومِ أمسِ العابر تشرح حالَ لِصّ اليمين، وحتّى حالنا نحن؟ فالفردوس الجديد هو الملكوت الجديد، هو المعلِّم نفسه أمس واليوم وإلى الأبد.
فأهلاً بكم آبائي، ويا أبناء وإخوة وأخوات الملكوت، فذكركم تسطّرونه اليوم خطوات على دروب الجلجلة ليُكتَب لكم بعد عُمرٍ طويل في سِجِّل الفردوس السّماويّ وإلى الأبد.
– نعمة الثالوث: الآب والابن والرّوح القدس تُرافق خطواتكم نحو الملكوت – شفاعة والدة الله تُثبِّتها.
– طلبات شفيعة الرعيّة الشهيدة تقلا تشهدُ عليها.
– وجماعة “أذكرني” في رعيّتنا وكافة أبنائها يُرَّحبون بكم، ويدعون لكم ومعكم إلى المعلِّم بجنى أثمار الفردوس. لمجد الله الأعظم. خادمكم الأب موريس معوَّض.
عظة القدّاس الإلهيّ للأب شربل فياض، رئيس دير مار مخايل، بنابيل، المتن:
باسم الآب والابن والروح القدس، الإله الواحد، آمين
منذ عشرة أيّام، سمِعْنا صراخ المصلوب، وَصَرخنا معه: “إلهي، إلهي، لماذا تركتني؟”، وها نحن اليوم، نَسمَعُ هتافَ الرّسول توما، ونهتف معه: “ربّي وإلهي”. إنّه لَمِن الطبيعيّ والإنسانيّ، أن نشعر أمام كلّ صعوبة، أو مشكلة أو مصيبة أو خيبة أملٍ كُبرى، أو حُزنٍ أليم، بحالة التخلّي والفشل، ولكنّنا نعلم أنّ الربّ نفسه قد عاش هذا الاختبار أو حقيقة هذه الحالة شخصيًّا. عاش يسوع المسيح، ابن الله وابن الإنسان، حين كان مُعَلَّقًا على الصّليب، هذا الفشل واختبر الحزن، والشعور بالوحدة والظلم، لقد شعر بِحِقدِ الآخرين، كما اختبر أحاسيس أخرى ناتجة عن تشويه الحقيقة أو إخفائها. ولكن على الصّليب نفسه، وبشخص المصلوب، قدَّم ابن الله نفسه ذبيحةً عن الإنسان، وعن كلّ إنسان، فعبَّر عن محبّة الله اللامتناهية للبشر بتسليمٍ مُطلَق لمشيئة الآب السماويّ.
على الصّليب نفسه، وبشخص المصلوب، عبّر يسوع الإنسان عن تَجاوُبِ الإنسان مع محبّة الله، فحَمَل ضُعفَنا وخطايانا، جَهلَنا وحِقدَنا، خيانتنا ويأسَنا، فافتدى إخوته البشر جميعًا: القريبين والبعيدين، المؤمنين وغير المؤمنين، المخلَّصين والخائبين، وحتّى الصّالبين والمتآمرين. على الصّليب، تمّ الفداء والخلاص الـمُنتظر. إنّ المسيح المصلوب هو منذ هذه اللّحظة، المسيح القائم من الموت، وبالتّالي فقد أصبحنا جميعُنا أبناءَ النّور والحياة، فَبِنُور حدث الصّليب، ننتقل مِن حالة الفشل والاستِعباد والموت إلى حالة النّجاح والحريّة والحياة.
إخوتي الأحبّاء، لهذا السبب، صرخ الرّسول توما صرخة مُدويّة حين ظهر يسوع القائم من بين الأموات، مجاهرًا بفِعلِ إيمان: “ربّي وإلهي”. رأى الضياء، النّور القائم، الـمُنتصر، مُشِّعًا ومُزيلا ظلمة شكّه، فانحنى أمام هذه الحقيقة الّتي فَهِمَها.
في هذا الأحد، أحد الرّحمة الإلهيّة، نَسمَعُ كلمةَ يسوع لتلاميذه: “السّلام لكم”. إنّ هذا السّلام الّذي وَعَدَنا الربّ به، هو سلامُ الربّ الّذي يُزيل كلّ اضطراب وخوف، وتردّد، وفشل، ومُصيبة، وغيرها. إنّه السّلام الحقيقيّ الّذي لا يزول، هذا السّلام الّذي لا يُنزَع من الإنسان، بل على العكس من ذلك، إنّه سلامٌ يدوم، ويُعطي المعنى الحقيقيّ لحياتنا على هذه الأرض. إنّ هذا السّلام نختبره ونشعر به وينمو معنا لا مِن خلال علاقتنا المتينة والعميقة مع الربّ وحَسب، بل أيضًا مع صليبه.
إخوتي الأحبّاء، في هذه المناسبة الخاصّة، نرفع صلاتنا طالبين من الربّ أن تكون قيامتَه تعزيتُنا الحقيقيّة، وأن نبقى جميعًا أبناء الحياة والنّور، وأبناء الرّجاء الّذي لا يُخيَّب. المسيح قام.
ملاحظة: دُوِّنت العظة بأمانةٍ من قبلنا.