“لِنَجُز طريقَ عمّاوس، لِنَعرِفَ يسوع”
بقلم الأب فادي البركيل،
طريقُ عمّاوس هو طريقُ حياتِنا الإيمانيّة كلّ يومٍ، طريقٌ فيه مُنعطفاتٌ ومطبّاتٌ، لكنْ فيه أيضًا دروبٌ ممهّدة. دَعُونا نأخذ هذا الطريقَ مع ” كلاوبا”، الذي يمكن أن يكونَ طريقَ كلِّ واحدٍ منّا. لقد أدارَ ظهرَه لأورشليم وهو يائسٌ: بالنسبة إليه انتهى كلُّ شيءٍ، ” كنّا نرجو”، “كنّا قد وضَعنا آمالَنا في يسوع”. وأحيانًا عندما يصيبُنا اليأسُ نتّخذ الموقف نفسَه.
على هذا الطريقِ بالذاتِ، كان المسيحُ ينتظرهما عالِمًا بهذا اليأسِ الذي حلّ فيهما. كانا اثنَيْن فأصبَحا ثلاثة، نحن نعرف هذا الشخصَ الثالث، لكنّ التلميذَيْن لم يعرفاه.
الطريق طويلٌ، وتلميذَا عمّاوس بحاجةٍ إلى وقتٍ كي تنفتحَ عيونهما ويعرفاه، فالوقتُ مهمٌّ كي يتطهّرَ القلبُ بِنار الحبّ. الوقت مهمٌّ كي يشرحَ لهما القصّةَ من البداية، منذ الخلقِ، فالأنبياء، فالتجسّد، فالفداء، وحتى القيامة. الوقت مهمٌّ كي تعملَ كلمةُ الله فينا، وتوحيَ إلى قلبِ الإنسان حقيقةَ القيامة. الوقت مهم ٌّكي نقبلَ كلمةَ الربّ ونتركها تَعمل فينا وتَشتعِل.
سارَ يسوع على إيقاعِ خطواتهما، ودخلَ معهما وشاركَهما العشاءَ كما يشاركُنا اليوم. لقد أصبحَ كلُّ شيءٍ واضحًا عندما أخذَ الخبزَ وباركه، وهنا انفتحَت أعينُهما مع كسرِ الخبزِ الذي هو علامةُ حضورِ الله. لقد عرفاه ودخلَ السّلام قلبَيْهما، ذهبَتِ الظلمةُ عنهما، ونورُ معرفةِ المسيح أضاءَ عيونَهما وقلبَيْهما.
كلُّ شيءٍ تغيّر، لقد امتلأ قلبَاهما بفرحِ القائم، وفوراً أخذا طريقَ العودة. في البدايةِ كان الطريقُ طويلاً، لكنّه مع الربّ يسوع صارَ الآن قصيرًا.
ليتَنا نعرف أنّ يسوعَ يمشي دائمًا معنا، وإن لم تعرفه أعينُنا، هو يسيرُ معنا ويُعطينا علامات. ليتَنا نعرف أنّه في شكِّنا وفي يأسِنا، يقدّم يسوع لنا دائمًا مائدةً لا يَنقص عنها الخبز أبدًا. لَيْتنا نعرف أنّه مع يسوع الحاضر معنا، يغدو الطريقُ الطويل الذي لا نهاية له قصيرًا، والمملوء بالحُفر ممهّدًا.
بالإيمان، نفهمُ أكثر أنّ يسوع هو رفيقُ الطريق. يرافق كلّ واحدٍ منّا على طريقِ حياته الشخصيّة. يأخذ يسوع إيقاعَ خطواتِنا ويمشي وفقَ سرعتِنا، ويحترم إيقاعَنا سريعًا كان أم بطيئًا. إنّه يرافقُنا إلى أن تنفتحَ عيونُنا، حتى نستنيرَ وتدفأ قلوبُنا وتمتلئ حرارة. لَيْتنا يا ربّ نُصغي لكلامِك بقلوبٍ مِلؤُها الاشتِيَاق إلى معرفة الحقّ، حتى نستطيعَ أن نراكَ بأعْيُنِ قلوبِنا.