“مَثل السامريّ الصّالح” (لو 10: 30-37)
عِظة للأب أنطوان النّداف، خادم كنيسة مار الياس الحيّ – الخنشارة.
باسم الآب والابن والرّوح القدس، الإله الواحد، آمين
أخواتي وإخوتي، مَثلُ السّامريّ الرَّحيم هو مِن أهمُّ الأمثلة الّتي تدعو إلى محبَّة القريب ومحبَّة العدّو. يبدأ بحوارٍ بين أحد علماء النّاموس والسّيِّد المسيح. غالبًا ما كان هذا من الفرِّيسيِّن الّذين يُؤمِنون بالحياة الأبديّة بعد الموت.
ردَّ يسوع سؤله بسؤال: “ماذا كُتِبَ في النّاموس، كيف تقرأ؟” أجاب وقال: “أحبِبْ الربَّ إلهَك بكلِّ قلبك وبكلِّ نفسك وبكلِّ قُدرَتِكَ وبكلِّ ذهنك وقريبك كنفسك”. بعد ذلك، أجاب يسوع: “بالصَّواب أجَبْت، اِفعل ذلك فتَحيا”. ثمّ سأل عالم النّاموس: “ومَن قَريبي؟” عندئذٍ أَخَذَ يسوع يقصُّ عليه قصَّةً، أهمُّ ما فيها، أنّها تُظهِرُ سامِريًّا (أحد مناوئي اليهود) يهتمّ بيهوديّ مجروح، مرميّ على الطَّريق بين حيٍّ وميت، ويعالجه. تخطّى السامريّ الفرق الدِّينيّ واعتنى بأمرِ هذا الغريب.
يقول آباؤنا القدِّيسون أنَّ سامريّ الـمَثَل هذا رمزٌ للمسيح الّذي ليس عنده غريب، وهو الّذي يعتني بالجميع بمحبَّته ورأفته، ويَهَبُهم إنعامات موته وقيامته. لنُلاحِظ أنَّ عالم النّاموس سأل يسوع: “مَن قريبي؟” فأتته الإجابة بسؤال:”أيُّ هؤلاء الثلاثة تحسِبه صار قريبًا للّذي وَقع بين اللّصوص: اللّاوي، أم الكاهن، أم السامريّ؟” جاء الجواب: الّذي صنع إليه الرّحمة”.
أخي المؤمِن، بالمحبَّة الّتي تُحِبّ بها، تجعل الآخر قريبك. كلُّ إنسانٍ هو قريبك أيًّا كان دينه أو لونه أو وطنه، إن كان بحاجة لرعايتك. أنتَ أخٌ لكلِّ محتاج، لكن قُم بعمل رعاية واهتمام ليشعر أنّه أخوك وأنّه قريبك. المحبَّة حركة تنعدم عندها الفوارق والأنساب، المحبّة تهدم الفوارق بين جميع النّاس، تُنقِّي النّفس وتجعلك إنسانًا آخر فتشعر حينئذٍ أنَّك حقًّا ابن الله.
أُذكر عندما تُصلِّي في الصّلاة الربيّة: “أبانا الّذي في السَّماوات…” أنَّك تُعلن أنَّ البشر جميعًا، خَطِئوا أم لم يخطئوا هُم أبناء الله، وافهَمْ أنَّ الملكوت يبدأ الآن في قلوب الـمُحبِّين وفي قلوب مَن يرعاهم الـمُحبُّون. فتِّش عَمَّن هم أكثر حاجة لأنَّ الربَّ قريب إليهم كثيرًا. آمين.